تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من مباحث المد والغنة]

ـ[محمد خليل الزروق]ــــــــ[13 Jun 2009, 05:36 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

المسألة الأولى: مقادير المدود

الوحدة الزمنية لتقدير المدود هي الحركة، أي الفتحة أو الضمة أو الكسرة، ومقدار هذه الحركة أمر سليقي يُنقَل مشافهة. ويمكن تقريبه بأنه الزمن الذي يَفْصِل نطق أحد الحرفين عن الآخر في نحو: قُلْ، وسَلْ، وصِلْ.

والمد المسمى الطبيعي - وهو الألف والواو والياء - مؤلَّف من زمن مقداره حركتان، أي فتحتان أو ضمتان أو كسرتان، والزيادة على هذا المقدار لسبب من الأسباب المعروفة في التجويد تقاس بهذا المقياس، فتكون ثلاثَ حركات أو أربعًا أو خمسًا أو ستًّا، وهذه أقصى زيادة.

وهذه المقادير تناسب سرعة القراءة من تحقيق أو تدوير أو حدر، فتطول ببطء القراءة، وتقصر بسرعتها، لأن زمن نطق الحرف والحركة يطول ويقصر بحسب سرعة المتكلم في كلامه، والقارئ في قراءته.

وهذه المقادير مقادير حقيقية ومضبوطة ودقيقة، والالتزام بها واجب وممكن، والزيادة فيها خطأ، والنقصان خطأ.

ويقع الخطأ فيها بالنقصان والزيادة، ولكن الغالب عند المبتدئين النقصان، وعند الممارسين الزيادة. وسبب الخطأ أحد أشياء:

1 - إما خلل في السليقة، وهذا علاجه في التدريب، وهو مؤلف من أربع خطوات: سماعٌ من مُجيد، فعرضٌ عليه، فتخطئةٌ أو إقرار منه، فتثبيت للصواب بالتكرار.

2 - وإما مسايرة لنغمة لحنية، وهذا غير مقبول، والبراعة في التجويد إنما هي بتحكيم القواعد في النغمات لا العكس.

3 - وإما تقليد لبعض المشهورين.

4 - وإما خوف من النقصان فيُمَكَّن المد بالزيادة على المقدار المطلوب.

5 - وإما قياس للمقادير بحركة الإصبع قبضًا أو بسطًا، وهذا شيء محدَث، لا يرتفع عن أول القرن الرابع عشر الهجري، فيما حقق الأستاذ الدكتور الشيخ أيمن سويد - وهو صحيح فيما بدا لي - وحركة الإصبع تختلف باختلاف الأشخاص والأسنان والأحوال، فلا تصلح ميزانًا زمنيًّا للمدود.

ويشيع كثيرًا الزيادة على المقادير المطلوبة، والمبالغة في المدود، فيَظُن من يسمع المصيبَ الضابطَ للمقادير أنه نقَصَها ولم يُوَفِّها، وهو إنما أعطاها حقها بلا زيادة.

المسألة الأخرى: الغنة

وقد كتبت في شأنها بحثًا عنوانه: فقه الغنة، لعله يظهر منشورًا هذا الصيف، إن شاء الله. وسأذكر ههنا نبذة منه بكلام جديد ومزيد بيان في ناحيتين، هما: مقدار طولها، وصحة تفخيمها.

مقدار طولها:

الغنة صوت يخرج من أقصى الأنف، وهو جزء من حقيقة صوتين، هما النون والميم، لا ينفك عنهما في كل أحوالهما. وهما حرفان متوسطان، أي بين الشدة والرخاوة.

وصوت النون والميم يُطَوَّل في بعض الأحوال، فيَطُول صوتُ الغنة المصاحب لهما، وذلك في حال التشديد بإدغام أو بغير إدغام، وفي حال ملاقاة الميم ساكنةً الباء، المسماة الإخفاء، وما هو بإخفاء، على ما شرحت في ذلك البحث، ولا يتسع المقام لشرحه هنا (وانظر خلاصته في الموقع، وكلمتي: من دقائق التجويد، الميم عند الباء).

والنون في حال من حالاتها لا يبقى منها إلا الغنة، فيبطل الجزء اللساني منها، ويبقى الجزء الأنفي، وهي الحال المسماة بحقٍ: الإخفاء.

وطول النون والميم وقد صحبتهما الغنة - وهي لا تنفك عنهما، كما علمت - على أربع مراتب: المشدَّد، فالْمُخْفَى، فالساكن، فالمتحرك.

وبيان هذا الترتيب يرجع إلى الْجَعْبَرِيّ (-732)، ذكره في شرحه على الشاطبية المسمى كنز المعاني (نُشر بعضه في المغرب، فيما أعلم، ومرجعي فيه إلى القطعة المخطوطة منه في مكتبة جامعة قاريونس برقم 1538، وهذه المسألة فيه في 277ظ). ثم نقله عنه ابن ناظم الجزَرية والقَسْطَلاَّني والشيخ زكريا الأنصاري وغيرهم. وهو صحيح.

ذلك أن في المتحرك من النون والميم غنة؛ لأنها لا تفارقهما، وطولها فيهما في حال الحركة هو طول كل حرف متحرك، وبهذا كانت هذه أقصر الغنن.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير