ولا تنقصه الحجج للدفاع عن نهجه في نشر الروايات المختلفة، فيكشف زيف القائلين بأن رواية حفص عن عاصم -المنتشرة في كل أنحاء العالم- هي القراءة التي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ بها وأن باقي القراءات إنما أذن بها.
لماذا حفص؟
ويلخص الشيخ عبد الرشيد -في حوار مع الجزيرة نت- سبب اختيار العثمانيين لرواية حفص لطباعة المصحف الشريف في تبنيهم لها تاريخيا وفي سهولة طباعتها لقلة ما بها من رموز تخصها مقارنة بالروايات الأخرى، لكنه يقول إن القراءات العشر كلها صحيحة والرسول صلى الله عليه وسلم قرأ بها جميعها.
وهدوء عبد الرشيد ورباطة جأشه لم تكدرهما رحلته الأولى الاضطرارية مع عائلته ووالده المقرئ علي صوفي تحت وطأة الحرب في موطنهم الأصلي أوغادين, ولا أثرت فيهما الأخبار التي تقشعر لها الأبدان حول ما يجري في مقديشو غير بعيد عن مسجد والده وشيخه الذي كان إلى وقت قريب منارة علم في مقديشو.
فهو يسلي نفسه عن كل ذلك بحرصه الشديد وثباته المنقطع النظير على أن يظل مسجد أنس بن مالك بالدوحة منبرا يصدح منه صوت القرآن بروايات كل القراءات العشر.
في مسجد الدوحة
ولم يكن اختيار هذا المسجد صدفة، فعبد الرشيد يقول إن مسؤولي وزارة الأوقاف القطرية الذين تعرفوا عليه في مقديشو قبل أن يأتي إلى الدوحة، أرادوا له أن يكون حرا في عدد الركعات التي يصليها وحرا في عدد الأجزاء التي يقرؤها.
ولذلك لم يفلح استجداء المؤذن مرسي ولا تحذيره من هجر الناس للمسجد إن لم تخفف الركعات ويقلل عددها، كما لم يفلح اعتراض بعض المهتمين بالعلم على العشرين ركعة في ثني صوفي عن الصلاة بتلك الكيفية المطبقة أيضا في الحرمين وعليها إجماع الأئمة الأربعة, حسب قوله.
ولا يريد عبد الرشيد للخير المتمثل في نشر القراءات أن يظل حبيس تلك المنطقة من الدوحة, بل يسعى جاهدا لتسجيل كل تلك الروايات في إستديوهات بالقاهرة وتحت إشراف كوكبة من علماء الأزهر.
صوفي عاد ذات مرة إلى القاهرة ومكث فيها ثلاثة أيام لتصحيح حرف واحد من القرآن
حرف من القرآن
ولئن كانت الختمة المسجلة الواحدة تأخذ منه سنة من الأخذ والعطاء تحت إشراف تلك الكوكبة, فإن حرصه على إتقان تلك التسجيلات جعله يعبر عن السعادة الغامرة التي أحس بها عندما عاد ذات مرة إلى القاهرة ومكث هناك ثلاثة أيام لتصحيح حرف واحد "لكنه حرف من القرآن, فهو أغلى من ملء الأرض ذهبا", كما يقول الشيخ عبد الرشيد وهو يبتسم ابتسامته المعهودة التي نادرا ما تفارق محياه.
ويفاجئك الرجل الذي يصف نفسه بأنه "طويلب علم" في فن القراءات رغم إتمامه حفظ القرآن الكريم وهو ابن عشر سنين, بإلمامه الكبير بما يتطلبه الإتقان النظري والتطبيقي لهذا الفن رسماً ومشافهة.
فيكشف لك هذا الرجل الذي يصفه الشيخ العبّاد "بحسن الخلق وطيب الشمائل"، سر اشتهار السبعة دون العشر, ويحدثك عن كتاب السبعة لابن مجاهد ولامية الشاطبي قبل أن يدخلك جو "طيبة النشر" لابن الجزري التي تضمنت ضوابط القراءات العشرة المتواترة.
ثم يحصي أسماء أئمة القراءات: نافع وابن كثير وأبو عمر وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وأبو جعفر ويعقوب وخلف العاشر، قبل أن يردف قائلا هل أحصيت عشرا؟ ولسان حاله يقول "كل من عند الله, فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا" صدق الله العظيم.
المصدر: الجزيرة ( http://www.aljazeera.net/NR/exeres/8A8EB8EB-6914-42D4-9EEC-220D51D3E838.htm)
ـ[حادي العيس]ــــــــ[14 Sep 2009, 10:40 م]ـ
شكر الله لك يا د. أحمد فهو مقال معلوماتي ومثير لتلقي هذا العلم .. التلاوة الليلة ستكون إن شاء الله للكسائي (طبعا في الدمام وليس الدوحة) ابتسامة.
ـ[حادي العيس]ــــــــ[14 Sep 2009, 11:14 م]ـ
تم بحمد الله إضافة هذه الملفات الصوتية لقارئ الدمام المصري الشيخ علي حسن سليمان بعد استئذان الشيخ .. ونسألكم الدعاء