قبل الإجابة على سؤالكم الكريم عن الدليل العلميّ المرجّح عندي كون القطعة المحقّقة من كتاب الإقناع للأهوازيّ أودّ الإشارة هنا إلى أنّ بنية الكتاب (الأهوازيّ وجهوده في علوم القراءات) مطابقة لطبعته التجريبيّة قبل سنتين، وقد هممتُ إضافة بعض الأمور عليه، من ذلك إضافة قطعة ثالثة عليه، أتوقّع أنّها للأهوازيّ، لكنّي لم أتمكّن من الحصول عليها، فتركت الأمر على حاله.
أقول: ما نقلتُه في الدراسة عن الرافعيّ (623) من تفصيل لمحتوى كتاب الإقناع في ترجمة الزنجانيّ في كتابه التدوين في أخبار قزوين 2/ 159 دلالة كافية، بل قاطعة بتقديري، على أنّ القطعة المحقّقة من كتاب الإقناع؛ فأسماء أصحاب الاختيارات العشرة فيه، كما جاء في وصفه، مطابق لهم في القطعة المحقّقة. كذلك ترتيب اختياراتهم وتسلسلها في وصفه موافق لما فيها باستثناء وحيد، كما يلي.
حسب وصفه:
(1) يعقوب بن إسحاق الحضرميّ، (2) أيّوب بن المتوكّل، (3) أبو محمّد يحيى بن المبارك اليزيديّ، (4) أبو عبيد القاسم بن سلام، (5) خلف بن هشام البزّار
(6) أبو جعفر محمّد بن سعدان النحويّ، (7) محمّد بن عيسى الأصبهانيّ، (8) أبو حاتم سهل بن محمّد السجستانيّ، (9) أبو بكر أحمد بن جبير الأنطاكيّ
(10) أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ.
حسب القطعة المحقّقة:
(1) [أبو محمّد يحيى بن المبارك اليزيديّ]، (2) أيّوب بن المتوكّل، (3) يعقوب الحضرميّ، (4) أبو عبيد القاسم بن سلام، (5) خلف بن هشام البزّار، (6) أبو جعفر محمّد بن سعدان النحويّ، (7) محمّد بن عيسى الأصبهانيّ، (8) أبو حاتم سهل بن محمّد السجستانيّ، (9) أبو بكر أحمد بن جبير الأنطاكيّ، (10) أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ.
فليس تطابق الأسماء وتوافق ترتيب اختياراتهم من باب الصدفة، بل لأنّهما من أصل واحد، هو كتاب الإقناع.
يُضاف إلى ذلك أنّ المستشرق الألمانيّ گوتهيلف برگشتريسر (1886 - 1933) قد ضبطها في سجّله الأوّليّ على أنّها قطعة منه؛ فمن المستبعد أن يكون فعل ذلك بلا سبب، بل لسبب؛ فمن المحتمل أنّه وقف في حينه إمّا على كتاب الإقناع كلّه أو بعض أجزاء منه، ممّا أوجب صنيعه، لكن ما تبقّى من ذلك، بل أقول: ما تمكّنتُ من العثور عليه هو هذه القطعة، فأنا لم أطّلع إلا على ما توافر بين يديّ من صناديق، وصل عددها إلى اثني عشر صندوقًا، كما ذكرت ذلك في وصف القطعة المحقّقة، وذلك حين كنتُ ببرلين في صيف عام 2006. وقد قرأتُ في الآونة الأخيرة خبرًا بهذا الخصوص، جاء فيه أنّ عدد الصناديق عشرون صندوقًا تقريبًا، تحتوي على حوالي 450 فلمًا؛ فلعلّ الأيّام تكشف لنا المزيد ممّا جهلناه أو فاتنا الوقوف عليه.
أمّا سؤالكم عن مقالي باللغة الألمانيّة عن كتاب الطبريّ (310) في القراءات [ما زال في عداد الكتب المفقودة] وكتاب الكامل في القراءات الخمسين للهذليّ (465) وسوق العروس لأبي معشر الطبريّ (478)، فهو مجرّد تعريف بهذه المؤلَّفات وأهمّيّتها ومكانة أصحابها.
قد يسأل البعض هنا عمّا آل إليه الأمر بصدد نشر كتاب الكامل من تحقيقي، فقد كنتُ قدّمته عملاً تراثيًّا في علوم القرآن الكريم (أربعة مجلّدات دون مجلّد الفهارس) ضمن جائزة الفرقان لسنة 2008 المعلن عنها من قبل مؤسّسة الفرقان للتراث الإسلاميّ بلندن. وها قد مضى عام على ذلك، تخلّلته مراجعات وتحكيمات للأعمال المقدّمة، ونترقّب سماع أخبار طيّبة. بشّرنا الله ببشائر الخير.
إن كان لا بدّ من كلمة بحقّ كتاب (أضواء جديدة على الرسم العثمانيّ: مظاهر وأنماط)، فأقول: إنّه أوسع دراسة لي عن الرسم العثمانيّ حتّى الآن، بيّنتُ فيه الأساس الذي بُني عليه الرسم العثمانيّ في حينه، وهو الكتابة العربيّة المثلى التي تميل ميلاً قويًّا إلى أقصى درجات الاختزال والاختصار الممكنة في وحدات الرسم، وذلك بالتعويل على أصلين جوهريّين فيها، هما:
الحدّ الأدنى الممكن من عدد وحدات الرسم في الكلمة الواحدة
الحدّ الأدنى الممكن من عدد أحرفِ وحدةِ الرسمِ الواحدة.
هذه هي الفكرة الكبرى المطروحة في هذه الدراسة مع التوثيق المقرون بمصادر ومراجع مختلفة، على رأسها مجموعة مصاحف مخطوطة قديمة، ثلاثة منها بالخطّ الحجازيّ، وهي أقدمها تدوينًا. تجدُر الإشارة هنا إلى أنّه تمّ التعرّف موخّرًا في برلين على مصحف آخر بالخطّ الحجازيّ-الكوفيّ (مدمج). سُعدت غاية السعادة بإلقاء بعض النظرات عليه. لعلّني أعمل على إخراجه في المستقبل، إن شاء الله، إذا تكاثفت الهمّة وأبدت بعد الجهات استعدادها لنشره. والله، تعالى، من وراء القصد. دمتم مع أطيب الأوقات وأسعدها بحلول العام الهجريّ الجديد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[الجكني]ــــــــ[23 Dec 2009, 12:28 م]ـ
جزيتم كل خير الأستاذ الدكتور عمر حمدان.
ولهذا قلتُ في مداخلتي السابقة " أنني لا أشكك في نسبة هذه القطعة لكتاب " الإقناع " وعندي نفس الدليل الذي ذكره جنابكم عن الزنجاني، لكن من مصدر آخر وهو كتاب " قرة عين القراء للمرندي رحمه الله، حيث ذكر نفس أصحاب الإختيارات وبنفس الترتيب، ثم قال:
" إحدى وعشرين اختياراً من كتاب الإقناع من تصنيف الأهوازي رحمه الله " اهـ (ورقة:13 - 14).
واسمح لي سعادتكم بسؤال أخير وأعتذر إن كنت أطلت عليكم، ولكن إكرام العالم سؤاله:
أشرتم إلى قصيدة اللالكائي شيخ الأهوازي ونقلتم عنها أربعة أبيات تقريباً، وعندي نفس النسخة الخطية التي أشرتم إليها، وقد انتهى كاتب هذه الحروف من تحقيقها، فهل جنابكم اشتغل عليها أم لا؟
ملاحظة:
قبل فترة وجيزة تأكدت من وجود نسخة أخرى للقصيدة وبانتظار وصولها لي للمقابلة وإتمام التحقيق ومن ثم نشرها بإرادة الله تعالى.
ولكم كل تحية وتقدير.
¥