ـ[مجاهدالشهري]ــــــــ[08 Jan 2010, 10:54 م]ـ
أما قول القائل: إنَّ مخالفة هذا الرسم للقواعد الإملائية المعاصرة يُعدُّ مطعنًا في القرآن أو خطأ فيه، فهو ادِّعاء باطل، وافتراء مردود، ويمكن إجمال الردِّ في النقاط الآتية:
أولاً: طريقة وأسلوب الكتابة التي كان يَكتُب بها الصحابة والتابعون ليستْ هي نفسَ الطريقة التي نكتب بها في عصرنا، فقواعد الإملاء والكتابة مختلفة، ومَن اطَّلع على المخطوطات القديمة يعلم الفرْقَ بين الطريقتين، فمن الجهل أن نحاكم الرسمَ القرآني لقواعدَ إملائيَّةٍ وكتابيَّة نشأتْ بعده.
ثانيًا: القواعد الإملائية عمومًا ليست وحيًا منزلاً، ولا حقائق علمية لا تقبل الخلاف، وإنما هي من الأمور الاصطلاحية [2] التي اتَّفق عليها العلماء، بقَصْد أن تكون وسيلةً تساعدهم في تناقُل العلم وغيره من أوجه النشاط الحضاري، ولَمَّا كان الرسم الإملائي أمرًا اصطلاحيًّا، فيجوز أن يقع فيه اختلاف بين العلماء، كما يجوز أن يكون عُرضةً للتغيير والتطوير على مرِّ العصور بحسب ما تقتضي الحاجة والمصلحة.
حتى في عصْرنا هذا يوجد اختلافٌ بين المدارس الإملائية المعاصرة في طريقة رسْم عدد غير قليل من الكلمات، مثل: "مسئول" و"مسؤول"، و"رؤوف" و"رءوف"، "قرآن" و"قرءان"، و"داوود" و"داود"، و"مائة" و"مئة" ... وهذا الاختلاف غير مؤثِّر، ولا إشكال فيه؛ لأنَّه اصطلاح واتِّفاق بين المختصين على قواعدَ معينة.
ثالثًا: رسْم المصحف - على الراجح من أقوال العلماء - ليس توقيفيًّا، ولم يُتلقَّ بوحي من الله - تعالى - وإنما كُتب على نحو ما اتفق واصطلح الناس عليه في ذلك الوقت، والأمور التي يتفق عليها الناس لا مُشاحةَ فيها ولا منازعة، ولا يُنكَر فيها على أحد إذا حصل بها المقصود، وأدَّتْ الغرض من إيجادها.
رابعًا: لو أننا افترضْنا - من باب الجدل والتنزُّل مع الخصم - أنَّ اختلاف طريقة كتابة القرآن الكريم عن الطريقة المعاصرة في الكتابة يعدُّ عيبًا ونقصًا، فإنَّ هذا العيب والنقص لا يكون في القرآن الكريم نفسه؛ لخروج طريقة الكتابة عن حقيقة القرآن؛ لأنَّ القرآن لم ينزل مكتوبًا، وإنما نزل متلوًّا مقروءًا.
والحقيقة أنَّنا عند البحث والنظر تبيَّن لنا بوضوح أنَّ رسم المصحف جاء على نحو دقيق منضبط لتحقيق مصالِحَ محدَّدة، وقد حقَّق المقصودَ منه على خير وجه، ولذلك فإنَّ هذا الرسم يُمدح ولا يُذمّ، وهذا ما دعا الأمَّة وعلماءَها إلى الالْتزام بهذا الرسم إلى يومنا هذا.
خامسًا: الغالب أن يُطابِق المكتوب المنطوق، ولكن هذا لا يحدُث دائمًا، ففي اللغة العربية هناك حروفٌ تُكتب ولا تُنطق، وحروف تُنطق ولا تُكتب؛ بل هذا ليس خاصًّا بالعربية فقط، بل هو موجود في اللغات الأجنبية أيضًا، فقد اتَّفق أهل الإنجليزية مثلاً على أنَّ كلمة ( school) لا ينطق فيها حرف ( h)، وأنَّ حرف ( c) ينطق فيها ( k)، وهذا اصطلاح لهم لا يمكن تخطئتهم فيه.
[/ url] .
جزاكم الله خيراً شيخنا الفاضل
وقد قرأت لبعض الكتاب أن كتَّاب الوحي كانوا ضعيفي الإملاء والعياذ بالله بسبب مخالفتهم للقواعد الإملائية؟!
ـ[مجاهدالشهري]ــــــــ[09 Jan 2010, 05:56 م]ـ
وجدت بحثاً من ضمن أبحاث هيئة كبار العلماء حول كتابة المصحف بالرسم العثماني وكانت النتائج المستخلصة من البحث:
أولاً:- ثبت أن كتابة المصحف بالرسم العثماني كانت من خلافة عثمان رضي الله عنه بأمره، وأنه أمر كتبة المصحف أن يكتبوا ما اختلفوا فيه بلغة قريش وذلك مما يدل على القصد إلى رسم معين ... فكانت المحافظة على كتابة المصحف بهذا الرسم واجبة أو سنة متبعة، اقتداءً بعثمان وعلي وسائر الصحابة رضي الله عنهم، وعملاً بالإجماع0
ثانياً:- إن الرسم الإملائي نوع من الإصطلاح في الخط فهو قابل للتغيير والتبديل باصطلاح آخر وقد يؤدي ذلك إلى تحريف القرآن بتبديل بعض الحروف من بعض والزيادة والنقص فيها ويخشى أن تختلف القراءة تبعاً لذلك، ويجد عدو الإسلام مدخلاً للطعن في القرآن،
ثالثاً:- يخشى إذا وقع ذلك أن يصير كتاب الله - القرآن - ألعوبة بأيدي الناس، كلما عنَّ لإنسان فكرة في كتابة المصحف اقترح تطبيقها فيقترح كتابتها باللاتينية والعبرية .... وهكذا مستندين لما اقترح بكتابة المصحف حسب القواعد الإملائية رفعاً للحرج وللتيسير وهذا فيه من الخطر ما فيه، فقد نصح مالك بن أنس رحمه الله هارون الرشيد ألَّا يهدم الكعبة ليعيدها إلى بنائها الذي قام به عبدالله بن الزبير على قواعد إبراهيم عليه السلام خشية أن تكون الكعبة ألعوبة بأيدي الولاة