تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والمسند إليه، ومتعلَّقاتهما وأخواتهما الدالة على مراد المتكلِّم» (27).

قال ابن فارس:

"باب ذكر ما اختصت به العرب

من العلوم الجليلة التي خصت بها العرب- الإعراب الذي هو الفارق بين المعاني المتكافئة في اللفظ، وبه يعرف الخبر الذي هو أصل الكلام، ولولاه ما مُيِّز فاعل من مفعول، ولا مضاف من منعوت، ولا تعجُّبٌ من استفهام، ولا صدرٌ من مصدَر، ولا نعتٌ من تأكيد.

وذكر بعض أصحابنا أنّ الإعراب يختص بالأخبار، وقد يكون الإعراب في غير الخبر أيضًا؛ لأنّا نقول: "أَزَيدٌ عندك؟ " و"أزيدًا ضربت؟ " فقد عَمِل الإعراب وليس هو من باب الخبر.

وزعم ناس يُتَوقّف عن قبول أخبارهم أنّ الذين يُسمَّون الفلاسفة قد كان لهم إعرابٌ ومؤلَّفاتُ نحوٍ:

قال أحمد بن فارس: وهذا كلام لا يُعَرَّجُ على مثله. وإنما تشبّه القوم آنفًا بأهل الإسلام، فأخذوا من كتب علمائنا، وغَيَّروا بعض ألفاظها، ونسبوا ذلك إلى قوم ذوي أسماء منكرةٍ بتراجم بشعة لا يكاد لسان ذي دين ينطق بها (28).

ولابن قتيبة كلام نحو هذا في "تأويل المشكل":

"ولها (أي: للعرب) الذي جعله الله وشيًا لكلامها، وحليةً لنظامها، وفارقًا في بعض الأحوال بين الكلامين المتكافئين، والمعنيين المختلفين، كالفاعل والمفعول، لا يفرَّق بينهما إذا تساوت حالاهما في إمكان الفعل أن يكون لكلِّ واحد منهما إلا بالإعراب.

ولو أنّ قائلاً قال: "هذا قاتلٌ أخي" بالتنوين، وقال آخر: "هذا قاتلُ أخي" بالإضافة لدلّ التنوين على أنه لم يقتله، ودلّ حذف التنوين على أنه قد قتله.

ولو أنّ قارئًا قرأ: چچ ? ?? ?? ? ? ? ?چ يس: 76 وترك طريق الابتداء بـ"إنّا"، وأعمل القول فيها بالنصب على مذهب من ينصب "أنّ" بالقول كما ينصبها بالظنِّ، لقلب المعنى عن جهته، محزونًا لقولهم: إنّ الله يعلم ما يسرّون وما?وأزاله عن طريقه، وجعل النبيَّ يعلنون، وهذا كفر ممن تعمّده، وضرب من اللحن لا تجوز الصلاة به، ولا يجوز للمأمومين أن يتجوّزوا فيه.

: "لا يقتل قرشيٌّ صبرًا بعد اليوم".?وقد قال رسول الله

فمن رواه جزمًا أوجب ظاهرُ الكلام للقرشيِّ ألاّ يقتل إن ارتدّ، ولا يقتص منه إن قُتِل.

ومن رواه رفعًا انصرف التأويل إلى الخبر عن قريشٍ: أنه لا يرتدّ منها أحدٌ عن الإسلام فيستحقَّ القتلَ.

أفما ترى الإعرابَ كيف فرَّق بين المعنيين؟! " (29).

الكلام الذي لا يحمل فكرة تامّة لا يعدّ كلامًا، وهو ما يفهم من كلام النحاة في شرط الإفادة، كقول الناظم:

كلامنا لفظ مفيدٌ كـ"استقمْ"

ولا يمكن أن نجد كلامًا من لفظ مفرد، وإنما يكون الكلام بتضامِّ الكلم بعضها إلى بعض لتكوِّن فكرةً؛ حتى قال عبدالقاهر: "اعلم أنّ معاني الكلام كلها معان لا تتصور إلا فيما بين شيئين. والأصل والأول هو الخبر. وإذا أحكمت العلم بهذا المعنى فيه عرفته في الجميع. ومن الثابت في العقول والقائم في النفوس أنه لا يكون خبر حتى يكون مخبر به ومخبر عنه؛ لأنه ينقسم إلى إثبات ونفي. والإثبات يقتضي مثبتًا ومثبتًا له. والنفي يقتضي منفيًّا ومنفيًّا عنه. فلو حاولت أن يُتصوَّر إثباتُ معنى أو نفيُه من دون أن يكون هناك مثبت له ومنفي عنه حاولت ما لا يصح في عقل، ولا يقع في وهم. ومن أجل ذلك امتنع أن يكون لك قصد إلى فعل من غير أن تريد إسناده إلى شيء مظهر أو مقدر [مضمر]. وكان لفظك به إذا أنت لم ترد ذلك وصوتًا تُصوِّتُه سواء.

وإن أردت أن تستحكم معرفة ذلك في نفسك فانظر إليك، إذا قيل لك: ما فعل زيد؟ فقلت: خرج. هل يتصور أن يقع في خلدك من خرج معنى من دون أن تنوي فيه ضمير زيد. وهل تكون إن أنت زعمت أنك لم تنوِ ذلك إلا مخرجًا نفسك إلى الهذيان؟ وكذلك فانظر إذا قيل لك: كيف زيد؟ فقلت: صالح، هل يكون لقولك: صالح أثر في نفسك من دون أن تريد هو صالح؟ أم هل يعقل السامع منه شيئًا إن هو لم يعتقد ذلك. فإنه مما لا يبقى معه لعاقل شك أنّ الخبر معنى لا يتصور إلاّ شيئين يكون أحدهما مثبتًا والآخر مثبتًا له، أو يكون أحدهما منفيًّا والآخر منفيًّا عنه، وأنه لا يتصور مثبت من غير مثبت له، ومنفي من دون منفي عنه. ولما كان الأمر كذلك أوجب ذلك أن لا يعقل إلا من مجموع جملة فعل. واسم كقولنا: خرج زيد، أو اسم واسم كقولنا: زيد منطلق. فليس في الدنيا خير يعرف من غير هذا السبيل، وبغير هذا الدليل. وهو شيء يعرفه العقلاء في

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير