(وذلك لأن الجملة الأولى تدل على كثرة الكتب التي قرأتها، والجملة الأخرى تدلّ على كثرة المرّات التي قرأت فيها كتاباً. فكم في الصورة الأولى في موضع نصب على أنها مفعول به مقدم لقرأت، وفي الصورة الأخرى في موضع نصب على أنها مفعول مطلق له. لأنها كناية عن المصدر، والتقدير: كم قراءة قرأت كتاباً فيكون تمييزها محذوفاً).
ويجوز في نحوِ: "كم نالني منك معروفٌ! "، أن تَرفعَهُ على أنه فاعل "نالَ"، فيكون تمييزُ "كم" مقدَّراً، أي: "كم مرَّةٍ! ". ويجوز أن تنصبَهُ على التمييز، فيكون فاعلُ "نال" ضميراً مستتراً يعود إلى "كم.
وحكمُ "كم" الخبريّةِ، في الإعراب، كحُكم "كم" الاستفهامية تماماً، والأمثلةُ لا تخفى.
واعلم أنَّ "كم" الاستفهاميةَ مو "كم" الخبريَّةَ، لا يَتقدَّمُ عليهما شيءٌ من متعلَّقاتِ جُملَتيهما، إلا حرفُ الجرّ والمضاف، فهما يَعملانِ فيهما الجرَّ. فالأولى نحو: "بكم درهماً اشتريتَ هذا الكتاب؟ " ونحو: "ديوانَ كم شاعراً قرأتَ؟ "، والثانيةُ نحو: "إلى كم بلدٍ سافرتُ! " ونحو: "خطبةَ كم خَطيبٍ سَمِعتُ فَوَعيتُ! ".
وتشترِكُ "كم" الاستفهاميةُ و "كم" الخبريّة في خمسةِ أمور: كونُهما كنايتَينِ عن عددٍ مُبهَمٍ مجهولِ الجنس والمِقدارِ، وكونُهما مُبنيَّتينِ، وكون النباءِ على السكونِ، ولُزومُ التصديرِ، والاحتياجُ إلى التَّمييز.
ويفترقانِ في خمسة أُمور أيضاً:
1 - أنَّ مُميزيهما مختلفانِ إعراباً. وقد تقدَّم شرحُ ذلك.
2 - أنَّ الخبريّة تختصُّ بالماضي، كَرُبَّ، فلا يجوزُ أن تقول: "كم كتُبٍ سأشتري! "، كما لا تقولُ: "رُبَّ دارٍ سأبني". ويجوز أن تقول: "كم كتاباً ستشتري؟ ".
3 - أن المتكلَم بالخبرية لا يستدعي جواباً، لأنه مخبِرٌ، وليس بُمستفهِم.
4 - أنَّ التصديقَ أو التكذيب يتوجَّهُ على الخبرية، ولا يتوجّه على الاستفهاميّة، لأنَّ الكلامَ الخبريّ يحتملُ الصدقَ والكذبَ. ولا يحتملُهما الاستفهاميُّ، لأنه إنشائي.
5 - أنَّ المُبدَل من الخبريةِ لا يقترِنُ بهمزة الاستفهاميّة، تقولُ: "كم رجلٍ في الدار! عَشَرةٌ، بل عشرونَ". وتقولُ: "كم كتابٍ اشتريتَ! عَشَرةً، بل عشرينَ"، أما المُبدَلُ من الاستفهاميةِ فيقترن بها، نحو: "كم كتُبُكَ؟ أعشرَةٌ أم عشرون؟ " ونحو: "كم كتاباً اشتريتَ؟ أَعشرةً، أَم عشرين.
منقول من كتاب جامع الدروس العربية. للغلاييني
ـ[علي المعشي]ــــــــ[16 - 02 - 2008, 12:45 ص]ـ
أخي حاجي
وجه الابتداء في (كم) قوي والمعنى يقبله على النحو الذي ذهب إليه أخونا صريخ، لكني أشعر أنك ما زلت تبحث عن وجه آخر، فهل يكون ما يلي هو ما تبحث عنه:
أن تكون (كم) في محل نصب على الظرفية والعامل فيها هو (تذق) وجملة (قضيتها) صفة للمضاف إليه (ليلة) كأنه قال: (لم تذق كرى لياليَ كثيرةً قضيتها)؟
ـ[أبو تمام]ــــــــ[16 - 02 - 2008, 03:07 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الصريح نفعنا الله بكم وبعد،،،
أولا بنيت إعرابي على أمرين:
الأول: بناء (تُطبَق) على المجهول (المفعول).
الثاني: كون (الأجفانُ) مرفوعة.
لذا ذكرت أنّ (جلّ) منصوبة على أنها مفعول لأجله، وأما الاعتراضان اللذان ذكرا:-
الأول (وجوب كونه مصدرا قلبيا) فهذا ليس بواجب، نعم الغالب فيه أن يكون قلبيا إلا أنه يأتي أيضا من أفعال الجوارح، قال حاتم:
وأغفر عوراء الكريم ادّخاره ** وأعرض عن شتم اللئيم ِ تكرَمًا
فالادخار من أفعال الجوارح.
ومثله ما يذكره النحاة تمثيلا: ضربت ابني تأديبا له.
الثاني (كونه مشاركا لفاعل فعله) فلا أخفيك أخي الكريم علي المعشي أنّ هذا الشرط عنّ في خاطري قبل مداخلتك الكريمة، إلا أنّني بنيتها على رأي لأحد النحاة، وتوجيهات بعضهم في عدم اشتراط ذلك في قوله تعالى (يريكم البرق خوفا وطمعا)، وهو أحد الوجوه في نصب (خوفا)، وفاعل الخوف مختلف عن فاعل (يريكم) الذي هو الله تعالى.
لذا أخي الكريم المهندس حملت المعنى على ذلك.
أما عند البناء للمعلوم (تُطبِق)، ونصب (الأجفانَ) على أنها مفعول به، فالوجه كما قال الأخوة رفع (جم) على أنها فاعل.
ويجوز على الحالية كما ذكرتم من فاعل (تطبق) ضمير المخاطب المستتر.
والله أعلم
ـ[حااجي]ــــــــ[16 - 02 - 2008, 09:20 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يا علي المعشي تأمل معي قول الغلاييني الذي أفردت له صفحة كاملة سابقة، يقول في حكمها وما بعدها مايلي: وحُكمُها، في الإعرابِ، أَن تكونَ في محلِّ جرٍّ، إن سبقَها حرفُ جرٍّ، أو مضافٌ، نحو: "في كم ساعة بلغتَ دمَشقَ؟ "، ونحو: "رأيَ كم رجلاً أّخذتَ؟ "، وأن تكونَ في محل نصب إن كانت استفهاماً عن المصدر، لأنها تكونُ مفعولاً مطلقاً، نحو: "كم إحساناً أحسنت؟ "، أو عن الظّرفِ، لأنها تكونُ مفعولاً فيه، نحو: كم يوماً غِبْتَ؟ وكم ميلاً سِرتَ؟ "، أَو عن المفعول به، نحو: "كم جائزةً نِلْتَ؟ " أَو عن خبر الفعلِ الناقصِ، نحو: "كم إخوتُكَ؟ ".
ماذا يقصد بهذا ياترى؟! ...
ألا ترى أن الشطر الأول من البيت يبدأ بكم و بعد كم ظرف زمان مجرور لأنها خبرية ...
ألا ترى معي أنها توافق ما يذهب إليه الغلاييني ... أم أن ما تذهبان إليها مدرسة أخرى من مدارس العربية!!!!! ......
الإختلاف في مدراس النحو رحمة، وتوسعة، ولقاح الأفكار ....
اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه، و خذ بأيدينا إلى الصواب ... آمين
¥