تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أظلوم إن مصابكم رجلاً ******* أهدى السلام تحية ظلم

فنصب المصدر الميمي "مصابكم" المفعول: "رجلا"، لأنه بمعنى: "إصابتكم".

ومنه ما لم يقع خلاف في إهماله، وهو: ما كان من أسماء الأحداث علما كـ: "سبحان" علما على التسبيح.

ومن إعمال ما وقع الخلاف في إعماله أو إهماله:

قول الشاعر:

قالوا كلامك هندا وهي مصغية ******* يشفيك؟ قلت صحيح ذاك لو كانا

فهو فرع على: تكليمك هنداً

*******

وأما صيغ المبالغة:

فهي تعمل على خلاف في ذلك:

فمثال إعمال: "فعال"، بفتح العين وتشديدها: قولك: أما العسلَ فأنا شرابٌ، بخلاف ما لو دخلت عليها "أل" الموصولة لأنها اسم وصف يقبل دخول الموصول عليه، فـ: "أل" الموصولة، كما تقدم، تمنع ما بعدها عن العمل فيما قبلها، فتقطع السبب بينهما، فتقول: أما العسلُ فأنا الشراب.

وقد منع الكوفيون تقدم المعمول على العامل في هذه الصورة، ورد عليهم بأن هذا القول قد رواه سيبويه، رحمه الله، ونقله حجة في هذا الشأن، فينزل منزلة النص، ولا اجتهاد مع النص، وإلى ذلك أشار الشيخ محمد محيي الدين، رحمه الله، بقوله:

"وقول العرب: أما العسلَ فأنا شرابٌ، الذي رواه سيبويه الثقة يدل على ذلك، أيضا، وهذا يرد على ما ذهب إليه الكوفيون من أن معمول هذه الصفة لا يتقدم عليها، فزعموا أنها فرع في العمل عن فرع، لأنها فرع عن اسم الفاعل، وهو فرع عن الفعل المضارع، وأن ذلك سبب في ضعفها، وأن ضعفها يمنع من عملها متأخرة، والجواب: أنه لا قياس مع النص". اهـ

بتصرف من: "حاشية: منحة الجليل"، (2/ 88).

ويكفي وقوع الخلاف في عملها في الجزم بأنها أضعف عملا من أصلها الذي لم يقع الخلاف في عمله.

وإلى ذلك أشار ابن هشام، رحمه الله، بقوله:

"ووجه ضعفها: وقوع الخلاف في عملها: فالكوفيون لا يجيزون عمل شيء منها، فيقدون فعلا مضمرا عمل في المنصوب بعدها، وهو تعسف".

بتصرف من "شرح شذور الذهب"، ص406.

ومثال إعمال "مفعال" قولهم: إنه لمنحارٌ بوائكَها، أي: سمانها.

ومثال إعمال "فعول" قول أبي طالب:

ضروب بنصل السيف سوقَ سمانها ******* إذا عدموا زادا فإنك عاقر

ومثال إعمال "فعيل" قول بعضهم: إن الله سميعٌ دعاء من دعاه.

ومثال إعمال "فَعِل" قول زيد الخير رض الله عنه:

أتاني أنهم مزقون عرضي ******* جحاش الكرملين لها فديد

وكلما ازداد شبهها بالفعل قويت في العمل، كما نقل عن الجرمي، رحمه الله، إعمال "فَعِل" موافقة لسيبويه، رحمه الله، لكونه على وزن الفعل من نحو: "علم" و "فرح" ............ إلخ، فلما أشبه الفعل، أقوى العوامل، في وزنه، صار فرعا عليه في العمل.

وكلما ازداد شبهها بصيغة غير عاملة، أو صيغة لازمة غير متعدية، ضعفت في العمل، كما قال بعض البصريين في "فعيل" كـ: "سميع" فإنه على وزن الصفة المشبهة كـ: "ظريف" و "شريف" ............. إلخ من أفعال السجايا، والأصل فيها اللزوم، لأنها تدل على سجايا ملازمة لذات الموصوف فمعنى الحدوث والتجدد فيها، وهو ما يقويها في باب الفعلية العاملة، ممتنع، فمن شابه الممتنع، امتنع أو كاد.

*******

وأما الجار والمجرور والظرف:

فهما يعملان في الفعل الظاهر أو المضمر إذا اعتمدا على نفي أو استفهام ......... إلخ مما ذكر في عمل اسم الفاعل، كما في:

قوله تعالى: (أَفِي اللَّهِ شَكٌّ):

فإما أن يقدر فعل محذوف عمل في المرفوع بعده، فحذف وناب عنه الجار والمجرور، فيكون تقدير الكلام: أفي الله يوجد شك، أو: يكون شك، واختلف النحاة لمن العمل: للمقدر المحذوف أم لنائبه المذكور: فاختار الجمهور من المحققين: عمل المذكور لأنه مناب عامله، فعمل عمله بلا إشكال، واختار ابن مالك، رحمه الله، عمل المحذوف، لأنه عمدة في رفع الاسم.

وبعض النحاة يعربه: خبرا مقدما، والمرفوع بعده: مبتدأ مؤخرا، وقد رجح ابن هشام، رحمه الله، القول الأول، لسلامته من مجاز التقديم والتأخير، وهو خلاف الأصل، وقد يرد على هذا أن في القول بتقدير عامل محذوف خروجا آخر عن الأصل، إذ الأصل: عدم التقدير.

*******

وأضعفها في العمل اسم التفضيل:

إذ لا يعمل في المصدر فلا يقال: زيد أحسن الناس حسنا، ولا يعمل في المفعول، فلا يقال: زيد أشرب الناس عسلا، وإنما يتعدى باللام فتقول: زيد أشرب الناس للعسل، فاللام اجتلبت لتقوية العامل إذ لا يقوى على التعدي بنفسه.

ولا يرفع الاسم الظاهر إلا في مسألة الكحل.

فدائرة عمله منحصرة في:

رفع الفاعل المستتر، ونصب التمييز والحال والظرف.

والله أعلى وأعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير