ويجوز في المسألة «فإذا هو هو» على تقدير: فإذا اللسع اللسع، ويجوز «فإذا هي هي» على تقدير: فإذا اللسعة اللسعة، وفي هذا كفاية إن شاء الله تعالى.
ـ[جلمود]ــــــــ[02 - 05 - 2008, 06:43 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
كنت قد زورت أمس في نفسي مقالة أشرح بها كلام الأعلم السابق وأبين فيها مقصده وما استدل به من كلام سيبويه، ولكن الوقت الآن لا يسعني لكتابتها، وسأضعها غدا بإذن الله تعالى مساء.
ـ[جلمود]ــــــــ[04 - 05 - 2008, 06:27 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
اسمحوا لي أن أقدم تفسيرا لهذا النص ربما يحتمل الصواب.
""وأما من زعم عن سيبويه أنه قال خرجت فإذا زيد قائم بالرفع لا غير فباطل""
يريد الأعلم أن يوضح لنا ضعف تلك الزيادة التي جاءت في بعض الروايات وكانت تنص على وجوب الرفع دائما في تاليي إذا الفجائية حيث قال قبل نصنا هذا:""ويُروى (لاحظ تلك الصيغة في التضعيف) في المسألة أنَّ الكسائي أو الفراء قال لسيبويه بعد أن أجاب برفع الضميرين على ما يوجبه القياس: كيف تقول يا بصري "خرجت فإذا زيد قائم، أو قائمًا "، فقال سيبويه: أقول «قائم» ولا يجوز النصب ... ""
فهذه الرواية لا تصح عند الأعلم، بل إنه يؤكد على أن سيبويه يجيز الرفع والنصب في "قائم"، وسيعرض الأعلم دليله على أن سيبويه وإن كان نص في المسألة الزنبورية على وجوب الرفع فيها (فإذا هو هي) إلا أن ذلك لا يفهم منه وجوب الرفع في كل الأحوال.
""وكيف يُنْسب إليه وهو عَلَّمنا أنَّ الظرف إذا كان مستقرًّا للاسم المخبر عنه نصب الخبر، وإذا كان مستقرًّا للخبر رفع الخبر، ونحن نقول "خرجت فإذا زيد" فيتمّ الكلام، و "نظرت فإذا الهلال طالع" فيتبعه الخبر رفعًا، كما تقول "في الدار زيد قائمٌ، وقائمًا" و "اليوم سيرك سريع، وسريعًا" ولكن الخبر إذا كان الظرف له ولم يتعلّق إلاَّ به لم يكن إلاَّ رفعًا، كقولك "اليوم زيد منطلق، وغدًا عمرو خارج"؛ لأنَّ الظرف لا يكون مستقرًّا للاسم المخبر عنه إذا كان زمانًا، والمخبرُ عنه جُثَّة، وكذلك المفاجأة إذا كانت للخبر لم يكن إلاَّ مرفوعًا، معرفة كان أو نكرة، فإذا كانت للمخبر عنه والخبر نكرة انتصب على الحال، ... ""
ينبغي أولا أن نوضح أن الأعلم يرى أن إذا الفجائية ظرف أو حرف شبيه بالظرف في التعلق وهو الأقرب إلى كلامه؛ لذلك تراه يستشهد بكلام سيبويه في الظرف، ولكن أين هذا الموضع الذي ذكر الأعلم معناه (ما تحته خط)؟ وأستطيع أن أخمن ذلك الموضع، قال سيبيويه (1/ 261):
""باب ما ينتصب فيه الخبر (وحتى نفهم هذه الجملة ينبغي علينا أن نقرأ عنوان الباب الذي قبله حيث بوب فقال: هذا باب ما يرتفع فيه الخبر لأنه مبني على مبتدأ أو ينتصب فيه الخبر لأنه حال لمعروفٍ مبني على مبتدأ " اذن هو يقصد هنا ان الذي سينتصب كان اصله خبرا) لأنه خبر لمعروف (يقصد بالمعروف: المعرفة، وهذا شرط لجواز الالغاء كما سيتضح من الباب التالي لهذا الباب حيث لم يجز إلغاء الظرف لأن المبتدأ نكرة، وقد صرح بهذا الشرط الأعلم في ثنايا كلامه) يرتفع على الابتداء، قدّمته أو أخرته وذلك قولك: فيها عبد الله قائماً، وعبد الله فيها قائماً. فعبد الله ارتفع بالابتداء لأن الذي ذكرت قبله وبعده ليس به، وإنما هو موضعٌ له، ولكنه يجري مجرى الاسم المبني على ما قبله. ألا ترى أنك لو قلت: فيها عبد الله حسُن السكوت وكان كلاماً مستقيماً، كما حسن واستُغنى في قولك: هذا عبد الله. وتقول: عبد الله فيها، فيصير كقولك عبد الله أخوك. إلا أن عبد الله يرتفع مقدَّماً كان أو مؤخراً بالابتداء.
ويدلّك على ذلك أنك تقول: إن فيها زيداً، فيصير بمنزلة قولك: إن زيداً فيها؛ لأن فيها لما صارت مستقَراً لزيد يستغني به السكوت وقعَ موقع الأسماء، كما أن قولك: عبد الله لقيتُه يصير لقيتُه فيه بمنزلة الاسم، كأنك قلت: عبد الله منطلق، فصار قولك فيها كقولك: استقرّ عبد الله، ثم أردت أن تُخبِر على أية حالٍ استقرّ فقلت قائماً، فقائم حال مستقَرٌّ فيها. وإن شئت ألغيت فيها فقلت: فيها عبد الله قائمٌ. قال النابغة:
فبتُّ كأني ساورتْني ضئيلةٌ ... من الرُقشِ في أنيابها السمُ ناقعُ
وقال الهذلي:
لا درَّ درّيَ إن أطعمتُ نازلَكم ... قِرفَ الحتيّ وعندي البُرُّ مكنوزُ
كأنك قلت: البرُّ مكنوزٌ عندي، وعبد الله قائمٌ فيها.
فإذا نصبت القائم ففيها قد حالت بين المبتدأ والقائم واستُغني بها، فعمل المبتدأ حين لم يكن القائم مبنياً عليه، عمل هذا زيدٌ قائماً، وإنما تجعل فيها، إذا رفعت القائم، مستقرَّاً للقيام وموضعاً له، وكأنك لو قلت: فيها عبد الله، لم يجز عليه السكوت. وهذا يدلّك على أن فيها لا يُحدث الرفع أيضاً في عبد الله؛ لأنها لو كانت بمنزلة هذا لم تكن لتُلغى، ولو كان عبد الله يرتفع بفيها لارتفع بقولك عبد الله مأخوذٌ؛ لأن الذي يرفع وينصب ما يستغني عليه السكوت وما لا يستغني، بمنزلة واحدة. ألا ترى أن كان تعمل عمل ضرب، ولو قلت كان عبد الله لم يكن كلاماً، ولو قلت ضرب عبد الله كان كلاماً .... ""
وخلاصة الأمر أن الأعلم يقيس قولهم "فإذا زيد قائم أو قائما" على كلام سيبويه في قولهم: "فيها عبد الله قائم أو قائما"، فكما أجاز سيبويه الثانية فإنه يجيز الأخرى قياسا، ويبقى سؤال يطرح نفسه حتى يصح قياس الأعلم: ما مذهب سيبويه في إذا الفجائية هل هي ظرف أو حرف يتضمن التعليق مثلما أقر الأعلم أم أن مذهبه غير ذلك فيبطل قياس الأعلم؟