من ناحية الإفراد والتثنية والجمع، ولعل مجموع ما ذكر يعطي انطباعا حول هذا المعنى، إلا أنك ما زلت ترغب أن يكون الشاهد إخبارا بالجمع عن المثنى ... )
- القضية الأولى: " تأصيل قاعدة عدم مطابقة الخبر للمبتدأ من ناحية الإفراد والتثنية والجمع "
سأذكر الآيات التي استشهدت بها في الرد الأول وأرجو أن يتسع صدرك للإطالة:
أ - " والملائكة بعد ذلك ظهير " التحريم (4)
هناك وجهان من الإعراب لهذه الآية: الأول إعراب (جبريل) مبتدأ و (ظهير) خبر ولفظة جبريل
وردت في آية التحريم. وبهذا الوجه لا دليل على الحمل على المعنى
الوجه الثاني: (الملائكة) مبتدأ و (ظهير) خبر، أعتقد أنك تقصد هذا الوجه الإعرابي في قضية
الحمل على المعنى ولكن أريد منك أن تلاحظ معي: (الملائكة) جمع (ظهير) أنزل من
منزلة المفرد، هذه الملاحظة سأحتاجها فيما بعد.
ب - " ويكونون عليهم ضدا "
(ويكونون) ما أصله مبتدأ، أقصد (الواو) جمع (ضدا) خبر مفرد، أيضا سأحتاج إلى هذه
الملاحظة فيما بعد.
ج - " وهم لكم عدو " (هم) جمع (عدو) مفرد أو أنزل منزلة المفرد
د - " يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو " (هم) جمع (العدو) مفرد، أو أنزل منزلة المفرد.
ه - " ولا تكونوا أول كافر به " (تكونوا) جمع أقصد (الواو) (أول كافر) مفرد، أو أنزل منزلة المفرد.
و - " وجعلنا ابن مريم وأمه آية "
الوجه الأول في هذه الآية: (وجعلنا ابن مريم آية وأمه آية) بمعنى أن هناك حذفا ولا دليل في هذا الوجه
الوجه الثاني وهذا الذي تقصده اللفظ محتمل للتثنية. لكن (جعلنا) أقصد (نا) جمع و (آية) مفرد
أو أنزل منزلة المفرد.
هذه هي الآيات التي ذكرتها حول المبتدأ والخبر أو ما أصلهما مبتدأ وخبر.
لاحظت أستاذي أن الآيات التي وردت حول المبتدأ والخبر، المبتدأ فيها بصيغة الجمع، والخبر فيها بصيغة
المفرد.
ألا يدل هذا على أن الخبر أنزل منزلة المفرد لداع بلاغي (وهذا واضح من روح نص صاحب النحو الوافي:
ولكنه ينزل منزلة المفرد، بقصد التشبيه أو المبالغة أو نحوهما ... ) وسأوضح ما ذهبت إليه في بعض الآيات
خوفا من الإطالة.
" والملائكة بعد ذلك ظهير " ذكر صاحب الكشاف (ظهير فوج مظاهر له كأنهم يد واحدة على من يعاديه .. )
وواضح من كلامه أنه على معنى التشبيه.
" ويكونون عليهم ضذا " ذكر صاحب الكشاف أيضا ( ... فإن قلت: لم وحد؟ قلت توحيده كقول علي
رضي الله عنه " وهم يد على من سواهم " لاتفاق كلمتهم وأنهم كشيء واحد ... ) وقد ورد هذا القول "
وهم يد على من سواهم " في النص الذي نقلته عن عباس حسن، وكذلك واضح من قول الزمخشري"
وأنهم كشيء واحد .. " على معنى التشبيه.
قد يسأل سائل كل التخريجات على معنى التشبيه. أقول: لا وإليك ما يلي:
" ولا تكونوا أول كافر به " ذكر صاحب الكشاف " وهذا تعريض "
قد يتبادر إلى الذهن: أخذت برأي الزمخشري وهو معتزلي وقد خالفوا أهل السنة، أقول: في حاشية
الكشاف ردود على صاحبه وعلى آرائه المعتزلية، مثل: ابن المنير وأحمد وغيرهما ولم يعترضوا على
ما ذكر وهذا دليل موافقة أهل السنة للزمخشري في هذه المسألة.
لاحظت أستاذي أن مجموع الآيات التي ذكرتها وهو وارد في قولك " ولعل مجموع ما ذكر يعطي انطباعا
حول هذا المعنى " لا يخرج عن كونهم دليل واحد بناء على ما سبق
يبقى سؤال: حتى لو دليل واحد فما المانع أو الأصح لم طلبت مزيدا من الشواهد؟
الجواب: لأن في الآيات السابقة (المبتدأ) جمع و (الخبر) مفرد أنزل منزلة المفرد ولا دليل في هذه
الآيات على قول شوقي (الرحماء) لأنه لم ينزل منزلة المفرد.
قد تسأل: هذه الآيات تدل على قضية الحمل على المعنى.
أقول: الآيات التي ذكرت كلها في قضية واحدة وهي (ينزل منزلة المفرد) لذلك أستاذي طلبت مزيدا من
الشواهد.
ثالثا: بالنسبة للآيتين " ثم نخرجكم طفلا " حال وليست من هذا الباب ولها باب خاص فيها في " الحمل على
المعنى "
وكذلك " وعلى كل ضامر يأتين " صفة وليست من هذا الباب ولهل بابها
وهنا لا بد من ملاحظة (يأتين) ممكن أن تكون صفة لـ (رجالا) ولكن لن أدخل الآيتين الأخيرتين في
النقاش لأني أطلت كثيرا
رابعا: بالنسبة للآية "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما "
فهذه ليست من باب المبتدأ والخبر
ثانيا أنت تقصد عود الضمير (وا) الجمع على (طائفتان) مثنى
وهذا جائز من باب عودة الضمير (الجمع) على المثنى
ولا أعتقد أن (الرحماء) ضمير يعود على المثنى
و قد ذكر هذا الباب (عودة ضمير الجمع على المفرد والمثنى) الدكتور السامرائي في كتابه (الجملة
العربية والمعنى)
ومن هذا الباب الآية التالية " فإذا هم فريقان يختصمون " النمل
وكذلك الآية " هذان خصمان اختصموا "
وللعلم في الآية أسلوب الالتفات
أما بالنسبة للأبيات الشعرية فلن أعلق عليها لأمرين:
أولا للاستئناس كما ذكرت أستاذي الكريم.
ثانيا لا أدري إن كانت لشعراء ضمن عصر الاستشهاد أم لا.
عفوا على الإطالة، ففي عمقك تلتمع الأفكار، وعلى شاطئك الدرر والأسرار.
عذرا مرة أخرى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
¥