وقولك: (هل من ضوابط للحمل على المعنى في اللغة العربية؟)
نعم، أرَى – والله أعلم – أنَّ هناك كلمات مبهمة، تأصَّلت فيها هذه القاعدة، وشاعت في البلاد.
وكلمات معربة، تسير وفق هذه الضوابط، مفردة اللفظ متعدِّدة الأفراد.
وأخرى ذات وزن معلوم عند العلماء والأشهاد.
وسأضرب أمثلة – إن شاء الله - لكلِّ نوع.
أولاً، الكلمات المبهمة:
اسم الجنس المحلَّى بـ" أل "، " مَن "، " ما "، " أيّ " الموصولة:
يعود الضمير على اللفظ مفردًا مذكرًا، ويجوز أن يعود على المعنى بحسب ما تريده من المعنى من تثنية أو جمع أو تأنيث.
اسم الجنس المحلَّى بـ" أل، يكون للعموم، ولو كان مفردًا، قال الله تعالى: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَات النِّساءِ} الطفل يطلق على المفرد، والمثنى، والمجموع، أو المراد به هنا الجنس الموضوع موضع الجمع بدلالة وصفه بوصف الجمع، حيث قال: {الذينَ}.
وقال في " البحر المحيط ":
(والمفرد المحكي بـ" أل " يكون للجنس فيعم، ولذلك وصف بالجمع في قوله {الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا}.
ومن ذلك قول العرب: " أهلَكَ الناسَ الدينارُ الصُّفرُ، والدرهمُ البيضُ "، يريد الدنانير والدراهم، فكأنه قال: أو الأطفال) انتهى
" مَن " نحو قوله تعالى: {مَنْ ءَامَنَ باللهِ واليَومِ الآخرِ وعَمِلَ صالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ} جُمِع الضمير في قوله تعالى: {فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ}، و {ءَامن} لفظ مفرد ليس بجمع، لأنّ لفظ " مَن " يقع على الواحد والتثنية والجمع، فجائز أن يرجع الضمير مفردًا ومثنًّى ومجموعًا؛ قال الله تعالى: {وَمِنهُمْ مَن يَسْتَمِعُونَ إِلَيكَ} (يونس: 42) على المعنى، وقال: {وَمِنهُمْ مَن يَسْتَمِعُ إِلَيكَ} (الأنعام: 25 ومحمد: 16) على اللفظ، وقال الشاعر:
ألِمَّا بسَلْمَى عنكما إنْ عَرَضْتُمَا * وقُولاَ لها عُوجِي على مَن تَخلَّفوا
وقال الفرزدق:
تعالَ فإنْ عاهدتَني لا تَخونني * نكُنْ مثلَ مَن - يا ذئبُ - يَصْطَحبانِ
فحمل على المعنى، ولو حمل على اللفظ لقال: تخلّف، يصطحب.
وقوله جلَّ ذكره: {فَمَن تَولَّى بَعدَ ذلكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الفاسِقونَ}
" مَن " الظاهر أنها شرط، والجملة مِن: " فأولئك وما بعده جزاء "، ويحتمل أن تكون موصولة، وأعاد الضمير في: {تولَّى} مفردًا على لفظ " مَن "، وجَمَعَ في: {فأولئك} حملاً على المعنى.
أي كما وأُعْرِبتْ ما لم تُضفْ * وصَدرُ وصلِها ضَميرٌ انْحذَفْ
" أي ": تكون اسما موصولا للمفرد والمثنى والجمع، مذكرا أو مؤنثا، كما أن " ما " تكون كذلك.
تقول: " يعجبني أيهم قام "، " وأيهم قاما "، " وأيهم قاموا "، " وأيهنَّ قامت "، " وأيهنَّ قامتا "، " وأيهنَّ قُمْن ".
ولا تختص في الأصل بغير العاقل، بخلاف " ما "، بل هي بحسب ما تضاف إليه من عاقل وغيره.
وأما الكلمات المعربة، فمنها كلمتا " كل، بعض "
{بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} قال «عدوّ» ولم يقل أعداء؛.: لأنَّ " بَعْضا و" كُلاًّ " يُخبَر عنهما بالواحد على اللفظ، وعلى المعنى، وذلك في القرآن؛ قال الله تعالى: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَومَ القِيامَةِ فَردًا} مريم: 95، على اللفظ، وقال تعالى: {وكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرينَ} النمل: 87، على المعنى.
وجاء في " مختار الصحاح ":
(و" كل " لفظه واحد، ومعناه جمع، فيقال: " كلٌّ حضر "، " وكلٌّ حضروا "، على اللفظ، وعلى المعنى) انتهى
واسم الخصم يطلق على الواحد وعلى الجماعة إذا اتحدت خصومتهم، كما في قوله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَؤُا الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} (ص: 21) فلمراعاة تثنية اللفظ أتي باسم الإشارة الموضوع للمثنى، ولمراعاة العدد أتي بضمير الجماعة في قوله تعالى: {اخْتَصَمُواْ في رَبِّهِمْ}.
وعند الطبري:
¥