ـ[أبو العتاهية]ــــــــ[02 - 01 - 2005, 09:54 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الأستاذ أبو محمد، والأستاذ حازم:
ليست المسألة تعصب لرأي دون آخر والذي أرجوه هو الاستفادة منكم.
بداية أود أن أسجل إعجابي بأبي محمد لأنني استفدت أمرا ألا وهو أن بعض الشعراء القدامى استعمل كلمة " غير"
محلاة بـ " أل " وأنا كنت أعتقد أنها لا تدخل على (غير).
أما شاهد ابن منظور فأنت ذكرت أنه لم يذكر قائله وليس المتأخر بأعلم من الأسبق.
وسأنقل للإمام السيوطي ليعرف أخي حازم أن من النحاة من أنكر ومنهم من أجاز كما سبق، وهذا ما جاء في إتقانه: " ... أنه لا يجوز إدخال (أل) عليه كغير وكل وبعض، وهو فاسد "الضمير في كلمة عليه عائد على كلمة" أحد " أثناء حديثه عن " تنكير أحد ".
ولو بحثنا أكثر لوجدنا أن منهم من يجيز ومنهم من ينكر.
أريد أن أستفيد من علميكما لذلك أسأل:
ما أعرفه أن للتنكير معنى في اللغة ولدخول " أل " معنى أيضا.
ما المعنى الذي تؤديه " أل " إذا دخلت " غير "؟؟
ولجميع أعضاء الفصيح مني كل التقدير والاحترام دون استثناء.
ـ[حازم]ــــــــ[03 - 01 - 2005, 11:10 ص]ـ
إني إذا نَزلَ البلاءُ بِصاحِبي * دافَعتُ عنهُ بِناجِذي وبِمخلَبي
وشَددتُ ساعدَه الضعيفَ بِساعِدي * وسَترتُ مِنكبَه العريَّ بِمنكَبي
وأرَى مَساوئَه كأنِّي لا أرَى * وأرَى مَحاسنَه وإن لم تُكتَبِ
وألومُ نفسي قبلَهُ إنْ أخْطأَتْ * وإذا أساءَ إليَّ لم أتعتَّبِ
مُتقرِّبٌ من صاحِبي فإذا بَدتْ * في عَطفهِ الغلواءُ لم أتقرَّبِ
الأستاذ الفاضل / " أبو العتاهية "
أشكرك على تعقيبك الدقيق، الذي يدلُّ على الوعي المتَّزن، والفهم الواضح.
ولا ألومك على رغبتك الصادقة في التثبُّت من جواز دخول " أل " على كلمة " غير "، إذ أنَّ هذا الموضوع قد طاف به كثير من الكلام، وأحيط بنوع من الإيهام، ولا زال هدفًا للسِّهام.
وأودُّ أن أُؤكِّد أني أحبُّ المناقشات البنَّاءة التي تؤدِّي إلى الاقتراب من الصواب، وتقريب وجهات النظر المتباينة، وتعميق الفهم وإعمال الذهن.
كما أني لا أتعصَّب لرأي إذا لم يكن فيه حظٌّ من النظر، وأعلمُ علمًا قاطعًا أنَّ كلَّ عالم يؤخَذُ مِن قوله ويُردّ، ولذا أرَى أنَّ الصواب مع الجمع دائمًا هو الأولَى والأقرب، إذ أنَّ رأي الجماعة أقوَى من رأي الفرد.
وأرَى أنَّ الإجماع حُجَّة، في كلِّ علم من العلوم، وأرَى الأخذ بالقياس الصحيح، ما لم يخالف نصًّا صريحًا أو إجماعًا.
وعليه، فقد رأيتُ – والله أعلم – أنَّ ما ثبتَ عند علماء اللغة في المعاجم اللغوية " كاللسان والصحاح والتاج والمصباح المنير وغيرها "، وما ثبتَ في بعض كتب التفسير، وكتب شروح الأحاديث " وهي أكثر مِن أن تُذكر "، وما ورد في كتب أئمَّة الفقه وأصوله، حتَّى يكاد لا يخلو كتاب من وجودها، بالإضافة إلى كتب علماء العقيدة وكتب الأدب، كلُّ هذا وذاك يجعلني أقطع بصحة استعمال " أل " مع كلمة " غير ".
حتَّى وإن نُقِل عن بعض العلماء – رحمهم الله – عدم صحَّة هذا الاستعمال كالسيوطي والحريري وغيرهما.
إذ أنه لا يُتصوَّر أنَّ رأي اثنين أو أربعة أو عشرة يترجَّح على رأي الجماعة، ولا سيما إن كان فيهم بحور العلم وأساطينه.
فكلمة " غَير " عربية الأصل والمنشأ والاستعمال، وإذا تحلَّت بـ " أل "، فهو أمر سائغ، حتَّى وإن لم يُنقَل سماعها عن العرب، فالأصل أنَّها اسم، ومن علامات الاسم أن يَقبل دخول " أل " عليه، كما هو مُقرَّر عند النحاة، فالأمر ليس شاذًّا.
ولعلِّي أجتهد أيضًا، فأتجرَّأ وأقول، إنَّ كلمة " غير " وكلمة " مِثْل " علتُهما واحدة في عدم دخول " أل " عليهما، لأنهما – كما يقال – موغلتان في الإبهام.
لكن كلمة " مِثْل " وهي التي شابهت " غير " في علَّة عدم دخول " أل "، قد ثبت دخول " أل " عليها، وذلك ما ورد في مسند الطيالسي:
(حدثنا يونس قال حدثنا أبو داود قال حدثنا حماد بن زيد قال ثنا بشر بن حرب الندبي قال ثم سألت بن عمر عن الصرف الدرهم بالدرهمين، فقال: عين الربا عين الربا، فلا تقربه، هل سمعت ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوا المثل بالمثل)
فإذا جاز دخول " أل " على " مِثْل "، فكذلك جاز على " غير " أيضًا، وهذا التعليل بالقياس.
¥