يظن بعض المحدثين - وهم قلة - أن تقديم التوكيد (نفس) على المؤكد لايجوز، وقد أشار إلى هذه المسألة كل من حسن محمد في مقدمة مغني اللبيب وإميل يعقوب وأكدوا جواز هذا التركيب واستدلوا على ذلك باستعمال النحاة وإجازتهم لذلك وذكروا بعضا منهم بشكل سريع وبدون ذكر عباراتهم نفسها، لكن لابد لي من الوقوف على هذه المسألة بنفسي وذلك بالإطلاع على كتب النحاة القدامى وذكر عباراتهم التي استخدموا فيها هذا التركيب لتثبيت هذه المسألة وإعطاء حكم نهائي يمنع أي أقوال أخرى، مع العلم أن نفس إذا قدمناها بهذا الشكل فإنها تعرب حسب موقعها الإعرابي مثلا في قولنا (رأيت نفس الرجل الذي قابلته بالأمس) نفس: مفعول به وليست توكيدا.
استخدام النحاة لهذا التركيب.
ذكر حسن محمد بعض النحاة الذين استخدموا هذا الأسلوب والذين ذكرهم هم:
سيبويه، ابن منظور، ابن جني المرادي، الفراء
ذكر رقم الصفحة والجزء ولكن لم يذكر عباراتهم هذه
وذكر إميل يعقوب بعضا منهم والذين ذكرهم هم:
سيبويه، ابن يعيش، ابن جني
ولكن لم يذكرا عباراتهم هذه، وأنا بدوري نقبت في بعض هذه الكتب وبحثت في كتب أخرى فهناك نحاة غير هؤلاء استخدموا هذا الأسلوب لم يذكرهما المؤلفان، سأذكر الجمل التي وردت بهذا الأسلوب في استخداماتهم، لإيضاح جواز هذه المسألة إيضاحا تاما لالبس فيه.
1 - الخليل بن أحمد:
هو أكبرأساتذة النحو قال عنه الزبيدي: (وهو الذي بسط النحو ومد أطنابه وسبب علله .. )
إذن أسلوبه يعتد به فهو حجة، فتقديمه للتوكيد (نفس) دليل قاطع على جواز هذا التركيب
وجدته يستخدم هذا الأسلوب يقول في أثناء حديثه عن إحدى المسائل: ( .... الواو من نفس الكلمة .. )
ويقول في باب اللفيف من التاء ( .. كل واحدة هي نفس الكلمة ومالحقها من بعدها فإنه عماد للتاء .. )
2 - سيبويه:
ذكر سيبويه استخدام هذا الأسلوب في كتابه ولم يقل أنه خطأ بل هو مستخدم حسبما نفهم من قوله هذا، يقول:
(وإذا قلت نفسك فإنما تريد أن تؤكد الفاعل ولما كانت نفسك يتكلم بها مبتدأة وتحمل على مايجر وينصب ويرفع شبهوها بما يشرك المضمر وذلك قولك (نزلت بنفس الجبل) و (نفس الجبل مقابلي) ونحو ذلك)
انظر: الكتاب الجزء الثاني ص401
3 - ابن جني:
يقول في باب تعليق الأعلام على المعاني دون الأعيان:
( ... ومن أسماء الأعداد كقولك: ثلاثة نصف ستة وثمانية ضعف أربعة إذا أردت قدر العدد لا نفس المعدود)
انظر: الخصائص، الجزء الثاني ص198
4 - ابن عقيل
استخدم هذا الأسلوب في كتابه شرح ابن عقيل، يقول في باب (إن وأخواتها): (ولاتحتاج هذه الجملة إلى رابط لأنها نفس المبتدأ في المعنى) ص332 ويقول في باب المفعول المطلق (وهي نفس المصدر) ص517
5 - الأشموني:
نجد هذا الاستخدام موجودا في كتابه (منهج السالك إلى أوضح المسالك) يقول في باب المعرف بأداة التعريف: ( .. وقد يشار به إلى نفس حقيقته الظاهرة) ويقول في في باب الإبتداء (ولارابط فيها لأنها نفس المبتدأ في المعنى)
6 - الصبان
يقول في حاشيته: ( .. لكونه نفس المبدل منه في المعنى) وفي موضع آخر يقول: ( ... من حيث نفس الإسناد وتوقف الإفادة)
7 - الخضري
يقول في حاشيته: (والمراد بها هو نفس الاعتراف)، وفي موضع آخر يقول: (إذهما نفس الآخر)
8 - الجوهري:
يقول في معجم الصحاح في باب النون فصل الميم: (والميم من نفس الحرف كما قلناه في منجنيق)
ويقول في باب الواو فصل الألف ( ... وإن كانت من نفس الكلمة ففيها دليل على الرفع)
وقد ذكر حسن محمد بعض القدامى ذكروا هذه المسألة وأجازوها وهم:
الزمخشري
ابن يعيش
الصبان.
- استخدام هذا الأسلوب عند المحدثين
1 - المجيزون
أغلب المحدثين أجازوا هذا الأسلوب واستخدموه ومنهم حسن محمد وإميل يعقوب وقد ذكرتهما، ومنهم أيضا مجمع اللغة العربية فقد أجاز هذا الأسلوب وغيرهم كثير
2 - المانعون
من المانعين بركات يوسف هبود ومحمد العدناني في كتابه معجم الأخطاء الشائعة.
لماذا منعوه مادام مستخدما من قبل كبار النحويين، رأيهم هذا رفض من قبل الأكثرية، وماهو إلا وجهة نظر.
النتيجة النهائية: جواز استخدام هذا الأسلوب بناء على رأي الأكثرية، فقد استخدمه كبار النحويين القدامى
ـ[قمر لبنان]ــــــــ[06 - 01 - 2005, 10:07 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
¥