تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الإخوة الأعزاء

" ... إنه لا يقبل حكم من الأحكام إلا إذا كان مصحوبا بدليل نقلي أو عقلي. ويكون القبول مبنيا على أساس

قوة الدليل أو ضعفه ". هذا الكلام كتبه الدكتور محمد فاضل صالح السامرائي في كتابه "الحجج النحوية"

وهو رسالة دكتوراه تحت إشراف الدكتور حسام النعيمي.

إذا لا بد من دليل عقلي ومعروف للجميع أن الحجة النحوية تتوقف مع الشاعر "ابن هرمة"، ودليل عقلي

وقد ذكر الدكتور الأدلة العقلية ومنها الاحتجاج بالإجماع وتعريفه: " ... والمراد بالإجماع عند علماء العربية إجماع نحاة البلدين البصرة والكوفة ". (في الهامش ذكر الدكتور أن هذا التعريف مأخوذ من صاحب

كتاب الاقتراح وهو الإمام السيوطي ".

قرأت ما كتبه الأستاذ "أبو العتاهية" وتمنيت لو أنه ما كتب عن هذه المواضيع ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، وكذلك قرأت رد شيخي أبي محمد وأستاذي الجهبذ حازم، وكل هذه الردود تدور حول

" غير ".

وللمرة الأولى أعرف أن شعراء قدامى أدخلوا أل على كلمة " غير " ويعود الفضل لشيخي الأستاذ أبي محمد.

سأحاول في مقالتي هذه أن أغوص في بحر هذه الكلمة، وأنا أعرف أني لا أجيد السباحة إلا على الشاطىء ولكن أسال الله أن يلهمني ويعلمني، فأنا الفقير وهو الغني:

قال صاحب النحو الوافي: " غير اسم محض (لا ظرفية فيه)، يدل مخالفة ما قبله لما بعده في ذاته،

وحقيقة تكوينه أو في وصف من الأوصاف العرضية التي تطرأ على الذات ".

" وغير في أكثر أحوالها ملازمة للإضافة، إما لفظا ومعنى، مثل " غيري على السلوان قادر ... " وإما معنى فقط، ولهذه الحالة صورتان:

الأولى: أن يحذف المضاف إليه بشرط أن يكون معلوما، ملحوظا لفظه في النية والتقدير، كأنه مذكور، وأن تكون كلمة " غير " منفية بإحدى أداتي النفي " ليس " أو " لا " دون غيرهما من ألفاظ النفي، نحو:

" شبح الفقر غاد ورائح على ثلاثة ليس غير " و " الصبر صبران لا غير ".

والثانية: " أن يحذف المضاف إليه مع ملاحظة معناه دون لفظه ".

من خلال تتبعي لهذه الكلمة " غير " وجدت أن أكثر النحاة قالوا: إنها ملازمة للإضافة - في أكثر استعمالاتها - وهذه الإضافة مذكورة بلفظها أو ملحوظة بمعناها ولذلك لا تنون في أكثر استعمالاتها.

من هؤلاء النحاة الرضي في شرحه لكافية ابن الحاجب، وابن هشام في مغني اللبيب، والسيوطي في الإتقان في علوم القرآن ...

وكذلك قال صاحب المصباح المنير: " تكون وصفا للنكرة، تقول: جاءني رجل غيرك وقوله تعالى:" غير المغضوب عليهم " إنما وصف بها المعرفة لأنها أشبهت المعرفة بإضافتها إلى المعرفة فعوملت معاملتها، ووصف بها المعرفة ومن هنا اجترأ بعضهم فأدخل عليها الألف واللام، لأنها لما شابهت المعرفة بإضافتها إلى المعرفة جاز أن يدخلها ما يعاقب الإضافة وهو الألف واللام ولك أن تمنع الاستدلال

وتقول: الإضافة هنا ليست للتعريف، بل للتخصيص. والألف واللام لا تفيد تخصيصا فلا تعاقب إضافة للتخصيص ولا تدخله الألف واللام ".

وهذا دليل واضح قوي على من جوز دخول أل على كلمة " غير ".

ونقل الشنواني عن السيد في حواشي الكشاف بأن " غير " لا تدخل عليها " أل " إلا في كلام المولدين.

وهذا الكلام غير مقبول لأن شيخي أبا محمد قد استشهد ببيت للشريف الرضي فإن صح فالكلام مردود على السيد والشنواني لأن الشاعر ليس من المولدين.

إذا لا احتجاج بكلام صفي الدين الحلي وغيره من الشعراء وكتاب المعاجم لأنهم خارج عصر الاستشهاد

هذا ما يقتضيه البحث العلمي مع تقديري لصاحب التاج ولابن منظور ...

وكثرة الاستعمال لا حجة فيها لأنني أوضحت فيما سبق معنى الإجماع عند علماء العربية.

إذا ما وجدته أن " غير " ملازمة للإضافة المذكورة أو الملحوظة ويلاحظ ذلك من عدم تنوينها في أكثر استعمالاتها.

لذلك أتجرأ وأقول: لا يجوز أن تدخل أل على كلمة " غير " لأنها ملازمة للإضافة كما أوضحت

بقي سؤال أبي العتاهية:" هل يجوز القياس على بيت الشريف الرضي ":

أيضا أتجرأ وأقول: لا يصح القياس على بيت الشريف الرضي بناءعلى ما ذكرت من أن "غير " ملازمة للإضافة. وأعتقد أن أل في بيت الشريف الرضي جاءت للضرورة وهذا كثير في كلام العرب ولا يستقيم الوزن بدون أل " البيت من الطويل ".

لذلك أصاب أبو محمد إذ قال " شاع استعمال غير " لأن من ذكرهم لا يحتج بهم ولكن لا أستطيع أن أجزم بمسألة ما لكثرة الشيوع والاستعمال.

وكذلك لا بد من أن أشكر الأخت محبة اللغة العربية على هذا الطرح الجميل وأقول أصبت في ردك على أبي العتاهية في مسألة " إذن " لكن من الجميل أن نأخذ برأي الفراء في هذه المسألة ورأيه أن "إذن " تكتب بالنون إذا كانت ناصبة وتكتب بالتنوين إذا كانت غير ناصبة، وأنت تعرفين ما في هذا الطرح من تييسير

دون أن يخل بالأصول.

لكنني لا أستطيع أن أخطىء من لا يريد الأخذ برأي الفراء.

وأخيرا مسألة " نفس ": أقول أخيتي: رأي الأكثرية لا يعد دليلا عقليا وقد أوضحت فيما سبق المقصود

من الإجماع. ولكي تقنعينا بهذا الدليل العقلي لا بد من أن تعودي إلى كل نحاة البصرة والكوفة، إن أردت البحث العلمي.

الاستشهاد النقلي عن النحويين غير صحيح لأن كلامهم لا حجة فيه لأنههم خارج عصر الاستشهاد

والتوثيق عنهم يعد جزءا من عملية البحث العلمي لكن كلامهم لا حجة فيه كما ذكرت

أريد منك أخيتي أن تذكري لنا تاريخ وفاة كل عالم من العلماء الذين نقلت عنهم وسيتضح لنا إن لم تخني الذاكرة أنهم خارج عصر الاستشهاد.

أعتذر لأنني أطلت، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير