وَمُضمَرَ الشَّانِ اسماً أنوِ إن وَقَع ... مُوهِمُ ما استَبَانَ أنَّهُ امتَنَع
قال ابن عقيل رحمه الله: [يعني أنه إذا ورد من لسان العرب ما ظاهره أنه وَلِيَ "كان" وأخواتها معمولُ خبرها فَأَوِّلْهُ على أنَّ في "كان" ضميرا مستترا هو ضمير الشأن، وذلك نحو قوله:
قَنافِذُ هدّاجونَ حَولَ بُيوتِهِم ... بِما كانَ إِيّاهُم عَطِيَّةُ عَوَّدا
]
والبيت للفرزدق، من قصيدته التي مطلعها:
رَأى عَبدُ قَيسٍ خَفقَةً شَوَّرَت بِها ... يَدا قابِسٍ أَلوى بِها ثُمَّ أَخمَدا
يهجو فيها جريرا
والذي ورد في الموسوعة الشعرية:
قَنافِذُ دَرّامونَ خَلفَ جِحاشِهِم ... لِما كانَ إِيّاهُم عَطِيَّةُ عَوَّدا
ف"إياهم" مفعول به ل "عود" و "عطية" اسم كان، ويكون معمول الخبر "إياهم" قد ولي العامل "كان" وهو مما جاز عند الكوفيين ولم يرتضه البصريون، والمَخْرَج عندهم تقدير ضمير شأن في "كان" والجملة بعدها في محل نصب خبر
[2] وقال ابن مالك رحمه الله في باب ظن وأخواتها:
وَجَوِّزِ الإلغَاءَ لاَ فِى الإبتِدَا ... وَانوِ ضَمِيرَ الشانِ أَو لاَمَ ابتِدَا
فِى مُوهِمِ إلغَاءَ مَا تَقَدَّمَا ... وَالتَزِمِ التَّعلِيقَ قَبلَ نَفِى "مَا"
قال ابن عقيل رحمه الله:
[وإن تقدمت – أي ظن وأخواتها – امتنع الإلغاء عند البصريين فلا تقول "ظننتُ زيدٌ قائمٌ" بل يجب الإعمال فتقول "ظننت زيدًا قائمًا"
فإن جاء من لسان العرب ما يوهم إلغاءها متقدمة أول على إضمار ضمير الشأن كقوله
أَرْجُو وَآمُلُ أَنْ تَدْنُو مَوَدّتُهَا ... وَمَا إِخَالُ لَدَيْنَا مِنْكِ تَنْوِيلُ
فالتقدير "وما إخاله لدينا منك تنويلُ" فالهاء ضمير الشأن، وهي المفعول الأول ولدينا منك تنويل جملة في موضع المفعول الثاني وحينئذ فلا إلغاء
أو على تقدير لام الابتداء كقوله:
كَذَاكَ أُدِّبتُ حَتَّى صَارَ مِنْ خُلُقِي ... أَنِّي وَجَدْتُ مِلاَكُ الشِّيمَةِ الأَدَبُ
التقدير "أَنِّي وَجَدْتُ لَمِلاَكُ الشِّيمَةِ الأَدَبُ"
فهو من باب التعليق وليس من باب الإلغاء في شيء]
وبعد هذا فهل يبقى قول الدكتور السامرائي إن ضمير الشأن يؤتى به في مواضع التفخيم والتعظيم على إطلاقه، أم أنه يتخصص ببعض المواضع التي ورد فيها عن العرب؟
ـ[قمر لبنان]ــــــــ[12 - 04 - 2005, 09:45 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أستاذي القدير " أبو أيمن ":أبارك لك في المنصب الجديد. أعانك الله على جنوح أفكارنا، وزادك بسطة في العلم والهمة.
سأتوسع قليلا في " ضمير الشأن ":
قال عباس حسن في النحو الوافي: " ... كان العرب الفصحاء - ومن يحاكيهم اليوم - إذا أرادوا أن يذكروا جملة (اسمية أو فعلية)، تشتمل على معنى هام، أو غرض فخم، يستحق توجيه الأسماع والنفوس إليه - لم يذكرها مباشرة، خالية مما يدل على تلك الأهمية والمكانة ... "
وقال أيضا: " وإنما يسمونه " ضمير الشأن " لأنه يرمز إلى الشأن، أي: للحال التي يراد الكلام عنها، والتي سيدور الحديث فيها بعده مباشرة، وهذه التسمية أشهر تسمياته، وأكثر الكوفيين يسمونه " الضمير المجهول " لأنه لم يسبقه المرجع الذي يعود إليه، ويسمى عند بعض النحاة " ضمير القصة "لأنه يشير إلى القصة " أي المسألة التي سيتناولها الكلام، " كما يسمى أيضا: ضمير الأمر، وضمير الحديث، لأنه يرمز إلى الأمر الهام الذي يجيء بعده، والذي هو موضوع الكلام والحديث المتأخر عنه "
" ولهذا الضميرأحكام، أهمها: ستة:
1 - أنه لا بد أن يكون مبتدأ أو أصله مبتدأ ثم دخل عليه ناسخ.
2 - أن تكون صيغته للمفرد المذكر فلا تكون للمثنى ولا للجمع مطلقا، والكثير أن تكون
للمفرد المذكر ... ويجوز أن تكون بلفظ المفردة المؤنثة عند إرادة القصة.
3 - أنه لا بد له من جملة تفسر وتوضح مدلوله، وتكون خبرا له.
4 - أن تكون الجملة المفسرة له متأخرة عنه وجوبا ومرجعه يعود على مضمونها.
5 - أنه لا يكون له تابع، من عطف أو توكيد أو بدل، أما النعت فهو فيه كغيره من أنواع الضمير، لا يكون لها نعت، ولا تكون نعتا لغيرها.
6 - أنه إذا كان منصوبا - بسبب وقوعه مفعولا به لفعل ناسخ ينصب مفعولين، أصلهما المبتدأ والخبر - وجب إبرازه واتصاله بعامله مثل: ظننته الصديق نافع.
¥