ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[16 - 06 - 2009, 02:36 ص]ـ
بارك الله فيك عزيزتي باحثة
رائعة قصتك بحروفها وكلماتها
قصتك جعلتني أعود بالذاكرة إلى الوراء لأعيش أيامي الدراسية الأولى من جديد.
ما رأيك باحثة لو تصفين لنا يومك الدراسي الأول؟ حتى تكتمل الروعة:)
لا تعيدي إليّ السؤال أرجوك، فبكل صراحة كان شهري الدراسي الأول حافلا بالبكاء والعويل ولا أذكر فعاليات أخرى قمت بها غير ذلك.
دمتِ ودام يراعك
.
.
أهلاً تيما، وشكراً لمرورك الجميل أولاً
أنا مثلك لا أذكر اليوم الأول بتفاصيله، ولكن، ربما أستطيع أن أصف لك اليوم الأول الذي قضته أختي الصغرى هناك
كانت صغرانا المدللة في عمر الأربع سنوات وتصغرني بست سنوات وكانت المدرسة تبعد عن منزلنا مسيرة خمس دقائق وكانت والدتي مريضة في حينها ووالدي مسافر في عمل فكان علي أن أوصلها وأعيدها إلى المنزل في طريق ذهابي لمدرستي ذهاباً وإياباً
في صباح اليوم الأول أوصلت سلمى إلى المدرسة وكانت تسير في الطريق تكاد تسبقني سعادة وفرحاً فقد أصبحت كبيرة كإخوتها وأصرت أن تحمل دفتراً وقلماً رغم أننا أعلمناها بأنه لاضرورة لذلك فمازالت صغيرة على ذلك ولكننا امتثلنا لأوامرها خشية أن تنقلب علينا وتغضب من المدرسة وعندما وصلنا دخلت معها لأسلمها إلى المعلمة وكانت المعلمة لطيفة طيبة حملتها بين ذراعيها وأخذت تضاحكها وتلاعبها وأشارت لي بيدها في غفلة من أختي أن ابتعدي واخرجي ودعيها ولكن هيهات أن تمر مثل هذه الحركة على الصغيرة الذكية فتشبثت بملابسي وقالت: هيا ادخلي معي وأخذنا نحاول معها بشتى الوسائل لتفهم أن مدرستي ليست هنا وأنني سأعود لأخذها بعد قليل ولكن، قد أسمعت لو ناديت حياً ... فلم تهتم لكل التبريرات المقنعة وغير المقنعة وبدأت بالصياح والبكاء وازداد تشبثها بي تريد الذهاب إلى المنزل فإما أن أقضي النهار في الروضة معها أو تعود معي للمنزل، وأسقط في يدي فقد تأخرت على مدرستي ولابد من حل حاسم وتأثرت لبكائها فبدأت دموعي تنهمر ألماً لحالها، وهنا حملتها المعلمة بقوة وأخذتها وقالت لي امضي إلى حالك وعودي بعد نهاية الدوام لأخذها، ولكني بدل أن أستجيب لها وقفت وقلبي لا يطاوعني على تركها ودموعي تغسل وجنتي، فقلت لو أحببتِ سأعيدها للمنزل، فاستشاطت المعلمة مني غضباً وصاحت: قلت لك اذهبي بسرعة وأنا سأراضيها، لاعليك، نحن معتادات على مثل هذه الأمور
ومضيت وأنا كارهة لما حصل حزينة على الصغيرة المدللة وقضيت نهاري في المدرسة وبالي مشغول عليها ولم أصدق أن انتهى الدوام حتى جريت مسرعة إليها ولما دخلت المدرسة رأيت مشهداً لم أره في حياتي كلها:
كانت سلمى مستلقية تحت أحد المقاعد الصغيرة تبكي ووجهها متسخ من يديها القذرتين وقد نفش شعرها وتغيرت سحنتها وقد مزقت الدفتر على الأرض أمامها مزقا مزقاً، فبدت كالهاربة المتمردة أو كمتسولة على باب أحد المساجد والمعلمة تقف قربها وقد خرج الدم من وجنتيها وهي تقول لها: اخرجي ياسلمى وأختي تصيح أريد ماما أريد ماما وارتمى قلبي عندها قبل أن أصل إليها راكضة وما إن رأتني حتى هبت من مكانها على الأرض تحت المقعد وتعلقت بي باكية تشكو لي حالها وإذ بالمعلمة تقول لي: خذيها ولاتعيديها إلي أبداً وإلا قدمت استقالتي لقد خمشتني كالقطط الشرسة وعضتني من يدي وأنا أحاول الإمساك بها واختبأت تحت المقعد ولم تقبل أن تخرج حتى تأتي أنت أو أمك لأخذها .. انظري وجهي ويدي
وماكان مني إلا أن اعتذرت للمعلمة وحملت سلمى إلى المغاسل أصلح حالها و أرتب شعرها لتعود كائناً بشرياً بعد هذا اليوم العصيب
وأعدنا الكرة مدة شهر وهي على هذا الحال حتى خفت حدة البكاء وتغيرت الأحوال تماماً بعد شهرين
وما زلناحتى اليوم نذكرها بهذا اليوم فنقول لها: أما زلت تعضين من يغضبك ياسلمى؟؟
فتغضي حياء وخجلاً وتقول: أنا لست كذلك .. فقط كنت صغيرة:) ( ops
والآن .. من يحب أن يكلمنا عن اليوم الأول له في المدرسة، فلكل تجربة طعمها الخاص.
نحن بالانتظار
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[16 - 06 - 2009, 02:49 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استطاعت الكاتبة من خلال هذا النص السحري ,,, أن تعانق حالتين متقاربتين متلازمتين طبيعيتين ,,, واستطاعت أيضا ,,, زرع حالة من التضاد بين العلاقتين اللتين هما في الأصل علاقة واحدة ,,, فالصورة الأولى قد رُسمت على معرفة واقتدار بحال الأم والإبنة ,,, ربما بصفتها كانت طفلة ومرت بتلك المرحلة لا محالة وربما لمروها بمرحلة الأمومة وهذا جلي جداً ,,, بالإضافة إلى الحنكة الوصفية وتعاطف الحروف مع حالة الأمومة وحالة الطفولة مع الكاتبة ,,, وهذا عن طريق وصف الحياة العادية التي تجري في مرحلة ما قبل الانطلاق ومرحلة ما بعد الانطلاق لدى الطفلة حيث ماهو يجب أن يكون لأنها سُنّة مقدرة في حالة التطور العمري والتطور الحياتي معاً ,,
الصورة الثانية ,,, أخذتنا من خلالها الكاتبة إلى رمزية الحياة في صورها المعمول به بإرادة وبلا إرادة ,,, فهناك الفراق وهناك الغربة وهناك العودة وهناك الفرح وهناك الحزن وهناك الهدوء وهناك الارتباك ,, كل هذا جميعه قد شغلتنا به الكاتبة فحلقنا في النص بعيداً حيث التصوير الحي للمكان والزمان ,,
بورك في قلمك وفي علمك زادك الله علماً وتأدبا يا أديبتنا ..
بارك الله فيك أخي نور الدين فتعليقاتك دائماً متميزة مهمة والجميل في الأمر أنك حللتها منطقياً بلغتك الفلسفية اللطيفة فجعلت لها وجهين (الأمومة بمشاعرها المتقدة والوجه الآخر هو الفراق وغياب الأحباب عن الحياة والفرح لعودتهم)
شكراً لإطرائك الذي لا أستحقه
بارك الله فيك أخي وسدد خطاك فقد أثريت النص بعباراتك النقدية التحليلية
هل تذكر يومك الأول في المدرسة أخي نور الدين؟؟ وهل تحدثنا عنه إن أحببت؟!
:)
¥