ولكن ربما لأن اللغة العربية لدى جزء معين من العرب باقية منذ عهد سيدنا إسماعيل - عليه السلام - ولم تكن لديهم إلا لغة أم وليست بثانية لهذا قلتُ ما قلته، وربما لأن جامعة الأزهر في مصر و بما فيها من إمكانات علمية هائلة أتمنى لو يراها جميع العرب المسلمين، وبما فيها من أعداد طلاب غير عرب لكنهم مسلمون يتوافدون عليها عبر الأجيال لدراسة علوم دينهم ودراسة علوم اللغة العربية ثم يعودون لبلادهم سفراء يعلمون أبناء بلدهم الدين الإسلامي واللغة العربية هو ما جعلني أقول ما قلتُه.
انظر أستاذي ضادإلى كم الجنسيات غير العربية سواء من أفغانستان أو بلاد روسيا قبل و بعد تفككها أو غيرهما من مناطق والذين يطلبون علوم اللغة العربية والإسلام من الأزهر، ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد بل يتابعهم الأزهر بعد العودة إلى بلادهم ليقف على مدى تحقيقهم لدور الدعوة باعتبارهم دعاة بل ويساهم الأزهر في إنشاء مراكز ثقافية للغة العربية في هذه البلاد لتعليم المسلمين اللغة العربية التي هي لغة دينهم والمرتبطة به، ألا يدل كل هذا على أن اللغة العربية لن تندثر حتى في تلك البلاد التي اتخذت منها لغة ثانية وليست بلغة أم؟ ألا يعطي هذا مؤشرا على أنها لن تندثر في هذه البلاد حتى ولو بعد جيلين؟
أنا أعتقد أنها لن تندثر و هرم اللغات الذي وضعه علم اللسانيات لم يُطبق حتى الآن على اللغة العربية حتى في تلك البلاد التي لم تتخذها لغة أم.
أشكرك أستاذي ضادا على أسلوبك الطيب في الحوار وعلى الأدلة العلمية التي تستندون إليها في الحديث والكفيلة بجعلي أتواجد للرد على مداخلاتكم احتراما لكم ولكلامكم المنطقي، وجزاكم الله خيرا.
بداية لا بد حسب رأيي أن نعرف ما اللغة العربية؟ أهي الفصيحة فقط؟ إذا كان كذلك فهي لغة ميتة, ذلك لأن موت اللغة يكون عند موت آخر من يتكلم بها لغة أمًَا, وهذا منعدم أو شبه منعدم (لعلمي ببعض التجارب في إنشاء صغار يتكلمون الفصيحة بدلا من اللهجة) في العربية. أما إذا اعتبرناها كما أعتبرها, أي هي كل لهجات العرب الحالية مستوياتِ مختلفةً من تحقيق لغة قياسية مكتوبة هي الفصيحة, فالعربية إذن ما زالت حية. وفي بقاء اللغات لا يمكن الاعتماد على من يتكلمها لغة ثانية حتى وإن امتد ذلك قرونا, لأن العبرة باللغة الأم, ولولا ذلك لاعتبرنا اللاتينية لغة حية, كيف لا وهي تدرس في مدارس أوربا وفي جامعاتها. لا يمكن اعتبار جزء من جماعة لغوية غير عربية اللسان تتعلم العربية بغرض التعبد أو التعرف على الحضارة العربية الإسلامية سببا في بقاء العربية, فهذا غير كاف وغير منتظم.
العربية لن تندثر أبدا, لوجود القرآن, ولكنها تنحسر مثل أي لغة أخرى, بسبب إهمال متكلميها والتيارات المنادية باللهجات في الصحافة والإعلام والتعليم, حتى تصبح لغة عبادة فقط, كما هي اليوم ليست لغة العلوم مثلا, وليست لغة التكنولوجيا, وهذا مطلب هذا العصر القائم للعلم وبه.
من يشك في أدب ميخائيل نعيمة وجبران خليل جبران؟ (لا أعتبر جورجي زيدان أديبا, بل هو قصاص أو قاص لا أكثر) وخصوصا الثاني بريادته لتيار الرومانسية الأدبية والشعرية التي تأثر بها كثير من الأدباء والشعراء مطلع القرن العشرين كالشابي وغيره. أرى أن النصارى (وهذه هي التسمية الصحيحة لهم) قادرون على أن يكونوا فاعلين في الأدب العربي عموما وفي اللغة العربية خصوصا إذا أتيحت لهم الفرصة دون إثارة النزعات الدينية. واليوم أفضل المعاجم المزدوجة اللغة والفلسفية والموسوعات من لبنان ويقوم عليها نصارى, ولهم اجتهادات في تعريب كثير من المصطلحات وترجمتها إلى العربية. فهل ننكر لهم هذا الفضل؟
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[10 - 09 - 2009, 08:35 م]ـ
لا يمكن اعتبار جزء من جماعة لغوية غير عربية اللسان تتعلم العربية بغرض التعبد أو التعرف على الحضارة العربية الإسلامية سببا في بقاء العربية, فهذا غير كاف وغير منتظم.
نعم هو كذلك، لكن أن يكون القرآن سببا في تعلم اللغة العربية وأن يكون الإسلام سببا مباشرا في ذلك فهذا يدل على أنه أقوى رافد يمد اللغة العربية ببقائها سواء أكان على ألسنة بني جلدتها أو ألسنة من يتعبد بالقرآن.
¥