كما قدمنا، ففى إستجة وضعت خطة السير، وتقرر أن يسير طارق بنفسه إلى
طليطلة عاصمة المملكة القوطية، وأرسل طارق مغيثاً الرومى مولى الوليد بن
_______
(1) يقدم لنا التاريخ الحديث مثلا بديعا للفاتح الذي يحرق السفن التي عبر عليها جيشه
لكى يقطع على جيشه كل تفكير في الرجعة والارتداد، هو مثل المستكشف الإسباني هرناندو كورتيث
فاتح المكسيك.
فقد أمر هذا الفاتح الشهير، حينما أشرف على شواطىء المكسيك.
مستكشفا فاتحا فى
سنة 1519 م.
بإحراق سفينه التي قدم عليها جيشه من اسبانيا.
ومن الغريب أن يكون بطل هذا الحادث
إسبانيا، وهو ما يحملنا على الظن بأنه قد تأثر في عمله بالمثل الذي ينسب لطارق فاتح الأندلس.
***********************************
عبد الملك إلى قرطبة في سبعمائة فارس، فاقتحم أسوارها الحصينة واستولى عليها
دون مشقة، وأرسل حملات أخرى إلى غرناطة وإلبيرة ومالقة، فافتتحت مالقة
وفر سكانها إلى الجبال، ثم لحق جيشها بالجيش المتجه إلى إلبيرة وغرناطة،
فحوصرت غرناطة قليلا وفتحت، ثم فتحت إلبيرة.
وكان اليهود يعاونون
المسلمين في كل هذه الفتوح، فكان المسلمون يضمون إليهم في كل مدينة من
المدائن المفتوحة حامية صغيرة لحفظها.
ثم سار المسلمون بعد ذلك شرقاً نحو
ولاية مرسية، وكانت تسمى يومئذ تيودمير (أو تدمير) باسم أميرها، وقاعدتها
مدينة أوريولة، وكان تيودمير جندياً كبيراً، وافر العزم والبأس، فالتقى
بالمسلمين ونشبت بينه وبينهم معارك شديدة هلك فيها معظم رجاله، فارتد إلى
أوريولة، وامتنع بها، وعرض النساء، حسبما تقول الرواية، على الأسوار
بأثواب الرجال إيهاما بكثرة جنده، واستطاع بثباته وجلده، أن يعقد الصلح مع
المسلمين بشروط حسنة أنقذت بها مدينته من السبى والجزية (1).
وسار طارق في بقية الجيش إلى طليطلة مخترقاً هضاب الأندلس (2) وجبال ,,, انظر بقية الكتاب
_______
(1) ابن الأثير (ج 4 ص 215).
والبيان المغرب (ج 2 ص13).
وسنورد فيما بعد نص
هذه المعاهدة.
(2) يطلق المؤرخون والجغرافيون العرب كلمة " الأندلس " على شبه جزيرة إيبيريا المكونة
من اسبانيا والبرتغال (ياقوت في معجم البلدان تحت كلمة الأندلس.
والروض المعطار ص 1).
وتطلق
في الرواية العربية أيضا على اسبانيا المسلمة، التي كانت عقب الفتح تشمل كل إسبانيا ما عدا جليقية
وولايات جبال البرنيه.
ولكن " الأندلس " تطلق في العصور المتأخرة وفي الجغرافية الحديثة على
ولايات الأندلس الواقعة في جنوبى إسبانيا بين نهر الوادي الكبير والبحر، وبين ولاية مرسيه وإشبيلية؛
وما زالت " الأندلس " تحتل في تقسيم اسبانيا الإدارى الحاضر نفس هذه المنطقة.
والرواية
العربية تعلل هذه التسمية بصور مختلفة فتقول مثلا إنها سميت أندلس باسم أول من سكنها من قديم
الزمان وهم قوم من الأعاجم يقال لهم أندلوش (نفح الطيب ج 1 ص 67).
ويقول ابن الأثير إن
النصارى يسمون الأندلس إشبانة باسم اشبانس أحد ملوكها، وهذا هو اسمها عند بطليموس (ج 4
ص 212).
ولكن ابن خلدون يقدم لنا تعليقا أدق فيقول إنها سميت "الأندلس" باسم "قندلس" ولعلها
فندلس، ومن الواضح أنه يقصد الفندال أى الوندال (ج 2 ص 235 في تاريخ القوط).
ويقدم لنا
البكرى خلاصة دقيقة لهذه المسميات الجغرافية التاريخية فيقول في وصفه لجزيرة الأندلس، " إن اسمها
في القديم إباريه Iberia من وادي إبره، ثم سميت بعد ذلك باطقة Baetica، من وادي بيطى وهو نهر
قرطبة.
ثم سميت إشبانية من إسم رجل ملكها في القديم كان اسمه إشبان.
وقيل سميت بالإشبان سكنوه
في أول الزمان على جرية النهر وما والاه.
وقال قوم إن اسمها هو في الحقيقة إشبارية Hisperia
ـ[أبو أنس محمد بن سعيد ا لسويسى]ــــــــ[15 - 12 - 10, 01:07 ص]ـ
بوركت أخى نافع ,وإن كان أهل المغرب أدرى بشعابها, لكن دعنا نسأل بطريقة أخرى من أول من أنكر هذه الحادثة , لا من أثبت؟