تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كيف يُقرأ التاريخ , للشيخ محمد موسى الشريف.

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[23 - 12 - 10, 08:58 ص]ـ

كيف يُقرأ التاريخ

13/ 01/1432 الموافق 19/ 12/2010

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:

فمن المعلوم أن:

ـ التاريخ هو تراث الأمة وكنزها.

ـ وهو مقياس عظمتها في بابي الحضارة والثقافة.

ـ وهو ديوانها الذي تحتفظ فيه بذاكرتها.

ـ وهو مغترف العبر والعظات لأحداثها.

ـ وهو بيانٌ لسيرة عظمائها.

ـ وهو ماضيها الذي تستند إليه لحاضر أفضل ومستقبل أجلّ.

ـ وهو دراسة أحوال الماضين من الأمم والشعوب الأخرى.

ـ وهو وعاء الخبرة البشرية.

وهذه وريقات في كيفية قراءة الشباب للتاريخ، موجزاً ما استطعت إلى الإيجاز سبيلاً، وسأقتصر على تاريخ الأمة الإسلامية، أما تاريخ الأمم الأخرى فله حديث آخر؛ إذ له قواعد ومصادر ومراجع تقترب حيناً وتبتعد أخرى من تاريخ الأمة الإسلامية، والله أعلم.

كيفية القراءة

هناك كيفيات عديدة للقراءة لكن قبل ذكرها وبيانها ينبغي التذكير بأن القراءة لابد أن تكون بنية الاستفادة والتغيير؛ فهذا من أهم ما يُقرأ التاريخ من أجله؛ إذِ الأمة الإسلامية اليوم تتطلع إلى الخروج من النفق المظلم الذي وضعت نفسها فيه منذ قرابة 3 قرون، ولا مخرج لها بعد التوكل على الله سبحانه سوى المراجعة الدقيقة لتاريخها واستخراج ما فيه من عبر وعظات صالحة لدفع عملية التغيير قدماً إلى الأمام.

وتاريخ الإسلام مليء بالفوائد الجليلة من عبر وعظات وردت في ثنايا أحداثه وفي سير الشخصيات العظيمة، فإذا قرأ المرء في كتب التاريخ فلتكن نيته الاستفادة من هذه الكنوز وتقويم حياته بها؛ فمن قرأ تاريخ بني أمية وما فيه من مزايا ونقائص، وما فيه من كرّ وفر، ومد وجزر قراءة واعية مركزة فسيستخرج عبراً وعظات تفيده في تقويم مسيرته، وكذلك سائر الدول من عباسية ومملوكية وعثمانية إلخ ...

ومن قرأ جهاد الدولة الزنكية والأيوبية للصليبيين فكأنما يطالع أخبار زماننا هذا.

ومن قرأ تفاصيل أعمال بني عثمان في البلقان وسائر دول أوروبا الشرقية فسيجد فيها من الأحداث المشابهة بأحداث زماننا قدراً وافراً.

وهكذا لو قرأ قارئ سير الرجال العظماء الذين امتلأت بأعمالهم بطون الكتب فسيتأثر بها كثيراً، فهم ما بين عابد وزاهد وفارس وعالم وغني شاكر، وفقير صابر، في جملة من الأعمال المسطورة والأقوال المنقولة التي يهذب بها قارئ التاريخ نفسه ويزكي بها عمله ويحسّن بها منطقه.

لذلك فإن القراءة في تلك الكتب تعود على الفرد والمجتمع بأحسن العوائد وأجمل الآثار، فمن قرأ التاريخ هذه القراءة استفاد تلك الاستفادة.

وأوجز كيفيات القراءة في التالي:

1. القراءة الشاملة:

إن النظرة الجزئية لأحداث التاريخ تنتج مواقف إزاء تلك الأحداث لا تتفق مع الواقع تماماً، وتكون ظالمة لأشخاص ووقائع؛ فمن نظر إلى الدولة العباسية من منظور قسوة النشأة وتتبع الخصوم سيحكم عليها حكماً جائراً.

ومن نظر إلى دولة بني عثمان في ضوء الوقائع العسكرية فقط فسيحكم عليها حكماً غير دقيق، وهي أنها دولة أفلحت في الجوانب العسكرية فقط وأخفقت في سائر الجوانب الأخرى.

ومن نظر إلى دول آل البيت في ضوء منجزاتها دون النظر إلى عقيدة القائمين عليها (زيدية أو إمامية أو إسماعيلية باطنية) فسيخطئ في الحكم عليها، وسيرى أنها دول لها فضل وأثر في بابي الحضارة والثقافة سيعمى عن خطورة تلك الدول في جوانب أخرى، وهكذا ...

2. عدم تجميل التاريخ:

يحب كثير من قارئي التاريخ والباحثين فيه أن يجملوا التاريخ الإسلامي، وهذا لا يصح؛ إذ التاريخ فيه ما يجمل ذكره وفيه ما يسوء ذكره، وهذه سنة الله في خلقه، وهكذا هو التاريخ منذ فجر البشرية، وهناك مؤرخون يجملون التاريخ، بذكر الحسنات فقط وإغفال السيئات، وصنيعهم هذا خطأ منهجي واضح، ومما يفعلونه:

أ. عدم ذكر ما يسوء من الوقائع وسير الأشخاص، وإغفال كل ذلك تماماً.

ب. ذكر ما يسوء مختصراً بدون توسع وانتزاع للعبر والعظات، مما يجعل القارئ في حيرة من أمره ولا يغنيه ما يقرأه ولا يقضي حاجته للمعرفة.

جـ. ذكر ما يسوء مع انتحال الأعذار الكثيرة التي تذهب بأهمية الحدث، وتجرّئ الباحثين على مزيد من الاعتذارات السمجة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير