تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

للتبريزي في ذلك الوقت. وعملت مع الشيخ شعيب الأرناؤوط في عدة كتب في الحديث والفقه الشافعي كروضة الطالبين للإمام النووي وغيره كالكافي في الفقه الحنبلي لموفق الدين ابن قدامة المقدسي، وغيره وقد عملتُ في تحقيق كتاب (جامع الأصول) لابن الأثير الجزري، والآن أعيد تحقيقه مرة أخرى وسيطبع في دمشق إن شاء الله واخترت التحقيق على التأليف لأن التأليف عبارة عن جمع معلومات دون تمحيص ودون تحقيق، وأما التحقيق فإن طالب العلم يقف فيه في المسألة على صحتها وعدم صحتها لأن المحقق عليه أن يبين الحديث صحته وحسنه وضعفه أو وضعه فيكون طالب العلم على بيِّنة من أمره، وأنا العبد الفقير إلى الله تعالى العلي القدير (عبد القادر الأرناؤوط) لم أهتم بالإجازات من المشايخ، لأني أرى أن الإجازة الصحيحة هي: مجيز ومجاز ومجاز به يعني أن يكون الشيخ المجيز والطالب المجاز والكتاب المجاز به هذه هي الإجازة الصحيحة وأن قوله: أجزت لك ولعقبك من بعدك وللمسلمين جميعاً، فهذه إجازة مفتوحة لا يقبلها كثير من العلماء.

والإجازة كالشهادة في زماننا رجل درس في جامعة وتخرج منها ودرس الدراسات العليا وأخذ بها شهادة هذه الشهادة المقبولة وقد وصل الأمر في زماننا هذا أيضاً إلى شهادات كالإجازات المفتوحة، فإن طالب العلم يشتري شهادة بالمال ويصبح مدرساً بها وهو ليس أهلاً لذلك فمثل هذه الشهادة كالإجازة المفتوحة لا يستطيع طالب أن ينفع بها.

هذا وقد بلغت الكتب التي حققتها في الحديث والفقه والأدب أكثر من خمسين كتاباً، وهناك كتب قدَّمت لها، وهي كثيرة أيضاً.

أما الحكم على الأحاديث صحةً وحسناً وضعفاً، فهو مفتوح لطالب العلم في كل وقت إذا كان أهلاً لذلك، كما قال بذلك جمع من العلماء وذلك يكون حسب القواعد المصطلح عليها عن علماء فن مصطلح الحديث، ولا بأس أن يستعين بأقوال العلماء المتقدمين كالحافظ العراقي والحافظ ابن حجر العسقلاني والحافظ السخاوي وغيرهم من العلماء والمحققين في هذا الفن ومن المتوسطين الذين ليسوا من المتشددين ولا من المتساهلين ثم إذا لم يجد للحديث أقوالاً للمتقدمين عليه أن يصحح أو يحسن أو يضعف حسب قواعد مصطلح الحديث، فهي عمدة المتقدمين والمتأخرين.

وإني أوجه كلمة لطلاب العلم في هذا العصر أن يدرسوا قواعد مصطلح الحديث المتفق عليها عند علماء هذا الفن وأن يرجعوا إليها عند التحقيق وأن لا يلعب الهوى في النفوس فنصحح الأحاديث التي تروق لنا ونضعف الأحاديث التي لا تروق لنا أو نريد أن نطعن ببعض الناس فيأخذنا الهوى النفسي فنتلاعب في الألفاظ والقواعد كما نريد وإنما علينا أن نتقي الله تعالى في ذلك ويكون قصدنا الوصول إلى الحق في كل مسألة ورضى الله عز وجل فيها.

واقتصار بعض طلاب العلم على حفظ الصحيحين فقط أو على حفظ السنن الأربعة فقط، فهذا لا يكفي المحدث وربما شُغل البعض بحفظ الأسانيد فهذا ضياع للوقت لأن أسانيد الأحاديث موجودة في الكتب ولا حاجة لحفظها وقد كان المتقدمون يحفظونها لأن الكتب لم تكن مطبوعة فيحتاج إلى نقلها من مخطوطة ولا يوجد غيرها.

والآن أصبح التخريج على الكمبيوتر فأقول: الكمبيوتر آلة تُسَهِّل مع الإنسان الرجوع إلى المصادر ومعرفة وجود الحديث في الكتاب الفلاني ولكن الكمبيوتر يرجع في الحديث إلى الألفاظ فقد يكون الحديث الذي ورد في الكمبيوتر فيه لفظة من الحديث ولكن الحديث ليس في هذا الموضوع؛ لذلك لا بد من الرجوع إلى أهل هذا الفن في معرفة الحديث والحكم عليه إلا إذا كان الحديث بلفظه ومعناه وقد حكم عليه بعض أهل الفن المعروفين في هذا العصر فلا بأس بالأخذ به.

وأما المدة التي يحتاج إليها طالب العلم لكي يصبح محققاً فتختلف من شخص وآخر، فربما درس طالب علم في خمس سنين ما لم يدرسه غيره في خمسين سنة.

هناك فرق بين المحدث والفقيه، فقد يكون طالب العلم محدثاً ولا يكون فقيهاً ليس معنى ذلك أنه لا يفهم في الفقه شيئاً بل يفهم بعض الشيء ولكنه لا يصلح أن يكون مرجعاً في الفقه.

فمثلاً: الشيخ موفق الدين ابن قدامة المقدسي –رحمه الله- صاحب كتاب (المغني) الذي قال فيه بعض العلماء: اقرأ المغني واستغني. وقال بعضهم فيه: (أُلين له الفقه كما ألين لداود الحديد) فهو مرجع في الفقه ولكن ليس مرجعاً في الحديث.

وعلى طالب العلم أن يأخذ كل فن من أهله، يأخذ الحديث عن علماء الحديث، والفقه عن علماء الفقه، واللغة عن علماء اللغة، والذين جمعوا بين الفقه والحديث من العلماء قليلون.

عند ذلك يستفيد ويفيد وليس لنا غنىً عن هؤلاء وبارك الله فيهم جميعاً فهم عمدة طالب العلم.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح وأن ينفعنا وينفع بنا وأن يجعلنا أداة خير للمجتمع الإسلامي وأن يتولانا جميعاً بعنايته إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

روى الترمذي في جامعه عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: قلما كان رسول الله ^ يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الكلمات لأصحابه: (اللهم أقسم لنا من خشيتك ما تحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصيبات الدنيا ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقُوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا) وهو حديث حسن.

كتبتُ هذه الكلمات على عجل لضيق الوقت فالرجاء عدم المؤاخذة إذا قصرت في بعض الأمور المطلوبة مني وجزاكم الله تعالى كل خير.


أشكر الأخ أبا عصام الدرة على تنضيده للمقال
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير