تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما الغمز في داود بن أبي هند وتجنب البخاري روايته، فليس بعلة، وقد ترك البخاري ومسلم الرواية عمن لا يشك في جلالته وإمامته كالشافعي رحمه الله تعالى، ومتى كان ترك البخاري الرواية عن رجل من الثقات قدحا ترد به الأحاديث؟!!، ومن نظر بعين الإنصاف علم يقينا أن الحافظ ابن الوزير لم ينصف لداود بن أبي هند الإمام الثقة، وهي فلتة لسان، وزلة قلم، لا يجوز لأحد أن يتابعه عليه، والله يعفو ويصفح.

والخلاصة في هذا الوجه: أن التعارض قائم، وأن الوجه الأول والثالث في الجمع أقوى ما قيل على ضعف فيه والله أعلم

الوجه الثالث: النظر

وهو أن الله تعالى ذكر في كتابه أنه لا يعذب حتى يبعث رسولا، وحتى تقوم الحجة على الناس ولذلك أرسل الرسل كما قال ((لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل))، وصح في السنة أنه يمتحن يوم القيامة من لم تبلغه الدعوة والرسالة، إما لعدم أهليته لفهمها كالمجنون والمعتوه والشيخ الكبير الخرف، وإما لعدم سماعه الرسالة كحال أهل الفترة، ثم يكون منهم من يطيع فيدخل الجنة لطاعته، ومنهم من يعصيه فيدخل النار بعصيانه.

وإذا كان لا يعذب من لم تبلغه الدعوة مع تمام عقله وكامل قوته، فما بال الصغير يعذب وهو مثله بل هو أقرب إلى الاعذار منه؟؟ هذا ممتنع.

يؤيد ذلك قوله تعالى ((كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير * قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء))، فهذا دليل على أن كل فوج يلقى في النار لا بد وأن يكونوا قد جاءهم النذير وكذبوه، وهذا ممتنع في حق الأطفال كما قال ابن القيم في حاشيته على أبي داود (12/ 322).

وقالوا: فالله لا يعذب أحدا إلا بذنبه، فالنار دار عدله، لا يدخلها أحد إلا بعمل، وأما الجنة فدار فضله يدخلها بغير عمل، ولهذا ينشئ للفضل الذي يبقى فيها أقواما يسكنونها قاله ابن القيم رحمه الله تعالى في حاشية سنن أبي داود 12/ 322).

ثالثا: منا قشة القول بأنهم يمتحنون يوم القيامة

هذا القول هو اختيار جمع من العلماء المحققين كابن تيمية وابن القيم وابن كثير، وعزاه الأشعري لأهل السنة والجماعة، وقد نوقش هذا القول من وجوه:

الوجه الأول: تضعيف الأدلة

وهو أقوى الوجوه، وذلك أن عدم صحة الأدلة التي اعتمدوا عليها في خصوص مسالة الأطفال يهدم الاستدلال من أصله، وتوضيح هذا الوجه هو:

أن الأدلة التي استدل بها هذا الفريق من العلماء لا يصح منها شيء وبيان ذلك:

أولا: أن الأحاديث التي وردت بامتحان أهل الفترة ومن ذكر معهم يوم القيامة منها صحاح، ومنها حسان، ومنها ضعاف، لكنه لم يرد في شيء من الأحاديث الصحيحة ذكر المولود، وما ورد من ذلك في حديث معاذ بن جبل وأبي سعيد الخدري وأنس بن مالك، فلا يصلح شيء من ذلك للاستدلال:

- أما حديث أنس فلضعف ليث بن أبي سليم، وجهالة عبد الوارث راويه عن أنس، والمخالفة في المتن والإسناد التي تجعله منكرا، وقد تقدم أنه مع ذلك لايصلح للتقوية.

- وأما حديث معاذ بن جبل ففيه عمرو بن واقد وهو متروك، وقد تقرر في مصطلح الحديث أن من كان كذلك لا يصلح حديثه للمتابعات والشواهد.

- وأما حديث أبي سعيد الخدري ففيه عطية العوفي، ضعيف مدلس، وقد عنعنه وهما علتان، ومع ذلك فيصلح للتقوية عند بعض العلماء، لكنه ليس له في الباب ما يصلح لتقويته.

ولهذا قال أبو عمر ابن عبد البر في الاستذكار (3/ 114): وهي كلها أسانيد ليست بالقوية، ولا تقوم بها حجة، وقد ذكرنا أسانيدها في التمهيد اهـ، وقال ابن حزم في الفصل (2/ 386): وأما من قال إنه توقد لهم نار فباطل، لأن الأثر الذي فيه هذه القصة إنما جاء في المجانين، وفي من لم يبلغه ذكر الإسلام من البالغين اهـ.

ثانيا: وأما القياس على من ورد فيهم النص وأنهم يمتحنون ففاسد الاعتبار، لأنه مصادم للنصوص الخاصة في أطفال المشركين، سواء قلنا إنهم في النار أو قلنا إنهم في الجنة، ولا تعارض هذه النصوص الصحيحة بقياس التمثيل.

ثالثا:وأما النظر فضعيف لأمور:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير