تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

* وكان من هدي الصحابة رضي الله عنهم التأسي برسول الله صلي الله عليه وسلم في ترديد آيات الله، فقد روي الإمام أحمد بسنده عن أبي ذر رضي الله عنه قال: صلي النبي صلي الله عليه وسلم ذات ليله، فقرأ بآيه " إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " (المائدة 118) ظل يركع بها ويسجد بها، فلما أصبح قلت يا رسول الله مازلت تقرأ هذه الآية، حتى أصبحت تركع بها وتسجد بها؟ قال: إني سألت ربي عز وجل، الشفاعة لأمتي فأعطانيها، وهي نائلة إن شاء الله لمن لا يشرك بالله شيئاً. رواه النسائي وابن ماجه.

* وقد مر بنا أن عائشة رضي الله عنها، كانت تردد قوله تعالى " فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ " (الطور27).

* وقام أبو الدرداء رضي الله عنه ليلة بآية حتى أصبح وهي " أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ" (الجاثية21).

* وردد ابن مسعود ( .... رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً " (طه114).

* وعن صفوان بن سليم قال: قام تميم الداري في المسجد بعد أن صلى العشاء فمر بهذه الآية " تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ " (المؤمنون104) فما خرج منها حتى سمع آذان الصبح.

* وأتى تميم الداري المقام فاستفتح بـ"الجاثية" فلما بلغ قوله تعالى " أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ" (الجاثية21) جعل يرددها ويبكي حتى أصبح.

* وقام عمرو بن عتبة بن فرقد ليلة، فاستفتح بـ "حم" فأتى على هذه الآية " وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ " (غافر18) فما جاوزها حتى أصبح.

* استحباب ترديد الآيات

وفي كتاب التبيان، عقد النووي رحمه الله، فصلاً في استحباب ترديد الآية، قال:

وقد بات جماعة من السلف، يتلون آية واحدة، ويتدبرونها ويرددونها إلي الصباح.

* ولا يقتصر الأمر في الترديد على القرآن فقط، بل والدعاء أيضاً.

فقد كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: {يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك} وأيضاً {اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: {ألظوا بـ يا ذا الجلال والإكرام} أي ألزموا هذه الدعوة وأكثروا منها

* وبات أبو الدرداء ليلة يردد في سجوده: اللهم كما حسنت خلقي فحسن خُلقي

* وورد أن عبد الرحمن بن عوف كان يقول في طوافه حول الكعبة: {رب قني شح نفسي} لا يزيد على ذلك

البكاءون من التابعين وأتباعهم

* وللتابعين نصيب من التأثر بالقرآن وكان حالهم معه عجيب جد عجيب وقد ذكرت كتب التفسير والتراجم شيئاً من أحوالهم وكانوا يحرصون على البحث عما يجلب لهم الخشوع والتأثر بالقرآن، فكان معاوية بن مرة يقول: من يدلني على رجل بكاء بالليل بساماً بالنهار.

ومما ورد عنهم في البكاء وفي ترديد آيات القرآن:

* عمر بن عبد العزيز (الخليفة الزاهد)

قالت فاطمة بنت عبد الملك زوج عمر بن عبد العزيز عن زوجها، إنها رأته ذات ليلة قائماً يصلي، فأتى على قوله سبحانه وتعالى " يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ " (القارعة5) فصاح {واسوء صباحاه} ثم وثب فسقط، فجعل يخور منى فظننت أن نفسه ستخرج ثم إنه هدأ فظننت أنه قد قضي، ثم أفاق إفاقة فنادى {واسوء صباحاه} ثم وثب فجعل يجول في الدار ويقول: {ويلي من يوم يكون فيه الناس كالفراش المبثوت وتكون الجبال كالعهن المنفوش} قالت: فلم يزل كذلك حتى طلع الفجر، ثم سقط كأنه ميت حتى أتاه الأذان للصلاة، فو الله ما ذكرت ليلته تلك، إلا غلبتني عيناي فلم أملك رد عبرتي.

وقرأ رحمه الله، ليلة في صلاته، سوه الليل، فلما بلغ قوله تعالى " فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى" (الليل15) بكى فلم يستطع أن يتجاوزها مرتين أو ثلاثاً ثم قرأ سورة أخرى غيرها.

وقرأ عنده رجل " وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً" (الفرقان13) فبكى عمر حتى غلبه البكاء، وعلا نشيجه فقام من مجلسه فدخل بيته وتفرق الناس.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير