وَلَكِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ابْتَلَاكُمْ لِيَعْلَمَ إِيَّاهُ تُطِيعُونَ أَمْ هِيَ
ـ[ام عبد الغفار]ــــــــ[10 - 11 - 10, 06:19 م]ـ
إنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ابْتَلَاكُمْ لِيَعْلَمَ إِيَّاهُ تُطِيعُونَ أَمْ هِي
ماأشد وقع هذه الكلمات على نفوس مضطربة في فتنة عظيمة ,قد أصابها من الحيرة ما أصاب ,
روى البخاري في صحيحه في كتاب الفتن بَاب الْفِتْنَةِ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ
عن أبي مَرْيَمَ عَبْد اللَّهِ بْن زِيَادٍ الْأَسَدِيُّ قَالَ
لَمَّا سَارَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَائِشَةُ إِلَى الْبَصْرَةِ بَعَثَ عَلِيٌّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ فَقَدِمَا عَلَيْنَا الْكُوفَةَ فَصَعِدَا الْمِنْبَرَ فَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَوْقَ الْمِنْبَرِ فِي أَعْلَاهُ وَقَامَ عَمَّارٌ أَسْفَلَ مِنْ الْحَسَنِ فَاجْتَمَعْنَا إِلَيْهِ فَسَمِعْتُ عَمَّارًا يَقُولُ إِنَّ عَائِشَةَ قَدْ سَارَتْ إِلَى الْبَصْرَةِ وَ وَاللَّهِ إِنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ابْتَلَاكُمْ لِيَعْلَمَ إِيَّاهُ تُطِيعُونَ أَمْ هِيَ.
ليس الغرض هو الحديث عن تلك الفتنة وإنما التأمل في هذه الكلمات التي قالها الصحابي الجليل عمار بن ياسر رضي الله عنه بعد بيان مقام عائشة رضي الله عنها الرفيع
وَلَكِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ابْتَلَاكُمْ لِيَعْلَمَ إِيَّاهُ تُطِيعُونَ أَمْ هِيَ
وقريبا منها كلمات أخرى كان لها أثر عظيم في حصول السكينة للمؤمنين الذين هالهم المصاب العظيم بفقد رسول الله صلى الله عليه وسلم, إنها كلمات الصديق رضي الله عنه وأرضاه: أَلَا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ
وفي أيامنا المباركة هذه, نتذكر جميعا البلاء العظيم الذي امتحن فيه أبو الأنبياء ابراهيم - صلى الله عليه وسلم - بولده الذي لم يمتع برؤيته إلا بعد كبر فلما بلغ معه السعي أي صار شابا يطيق العمل مع أبيه وهو أبلغ ما يكون فيه تعلق قلب الوالد بولده, يؤمر بذبحه فما يكون من ابراهيم عليه السلام إلا الاستسلام والانقياد
قال الإمام ابن كثير في البداية والنهاية - (1/ 182)
فعند ذلك نودي من الله عزوجل (أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا) أي قد حصل المقصود من اختبارك وطاعتك ومبادرتك إلى أمر ربك وبذلك ولدك للقربان كما سمحت ببدنك للنيران وكما مالك مبذول للضيفان ولهذا قال تعالى (إن هذا لهو البلاء المبين) أي الاختبار الظاهر البين
قال الله تعالى: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107)} [الصافات: 103 - 107]
ابتلي ابراهيم عليه السلام قبل ذلك بالتبرؤ من أبيه وما ذلك بالأمر الهين ولكن الأواه الحليم قد أخلص محبته لله وصدق ذلك بكمال الطاعة والانقياد فأكرمه الله بمنزلة الخلة وليس الشأن أن تحب الله ولكن الشأن أن يحبك الله {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125]
المحبة دعوى وتصديقها إنما يكون بالمتابعة التامة قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31]
وعلى قدر إخلاص العبد محبته لله يكون انقياده وطاعته و ابتلاؤه أيضا ..
ويختلف الابتلاء وفقا لما تقتضيه حكمة الله عز وجل, وأشد ما يكون ذلك عندما يبتلى المرء بمن يحب إما محبة طبيعية كالأب والإبن أو محبة شرعية كرسول الله صلى الله عليه وسلم أو أي أحد من علماء الاسلام.
فمن كانت محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم تابعة لمحبة الله لم ينزله فوق منزلته التي شرفه الله بها
الرب رب والرسول فعبده حقا وليس لنا إله ثان
فلذاك لم نعبده مثل عبادة الـ ـرحمن فعل المشرك النصراني
كلا ولم نغل الغلو كما نهى عنه الرسول مخافة الكفران النونية لابن القيم
وقد نحب عالما لدينه وعلمه وتقواه و يبتلينا الله تعالى بمسألة يكون الحق فيها ناصعا ومخالفة العالم للسنة فيها جليا واضحا وبمثل هذه المواطن تتبين معادن القلوب وتتجلى حقائق الصدور
ومحبة العالم مأمور بها شرعا ولكن ,,,اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ابْتَلَاكُمْ لِيَعْلَمَ إِيَّاهُ تُطِيعُونَ أَمْ هو
ورحم الله الإمام مالك حيث قال:
كل أحد يؤخذ من قوله، ويترك، إلا صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختكم في الله العضوة الجديدة أم عبد الغفار
¥