تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[المُتعلم]ــــــــ[08 - 10 - 04, 07:04 ص]ـ

تابع ...

كلمة الأستاذ الدكتور/أبولبابة الطاهر حسين

رئيس مجلس الأمناء في الجامعة الأمريكية العالمية

بسم الله الرحمن الرحيم

أبنائي وبناتي طلاّب العلم وطالباته بالجامعة الأمريكيّة العالميّة، السّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وهنيئا لكم مسعاكم الكريم في الإقبال على العلم النّافع من معينه الصّافي، فإنّ ديننا الحنيف قد أعلى شأن العلم، ورفع قدره وعظم أمره، فهو الوسيلة لمعرفة العقيدة الصّحيحة، وصفة العبادة المشروعة، وأحكام المعاملات، ومكارم الآداب والأخلاق، وجعله مُقَدّمًا عن كلّ قول وعمل، ودعا المسلمين إلى التعلّم، وحضّهم على أن يُفَرّغوا من بينهم من يَتَمَحَّضُ للعلم، ليتعمّقَ فيه، ويُلِمّ بأطرافه، حتّى يصبح مرجعا قادرا على تعليم غيره وإرشادهم وتوجيههم، وتلبية حاجات مجتمعه، قال تعالى: " فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُون " [9 التوبة: من الآية122]، وقد وعد الله تعالى طُلابَ العلم بوافر الخيرات فقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: " من أخذ العلمَ أخذ بحظّ وافرٍ، ومن سلك طريقا يطلب به علما سهّل الله له طريقا إلى الجنّة " وقال: " من خرج في طلب العلم كان في سبيل الله حتّى يرجع "، كما أخبر عليه الصلاة والسلام أنّ طلب العلم كفّارة لما سبق من ذنوب الطالب. وإنّ هذا الثواب الجزيل يعُّد من الحوافز الروحيّة العالية لطلب العلم، والصبر على تحمّل أتعابه، وتجشّم المخاطر والمصاعب في سبيله.

ورفع الإسلام من شأن العلماء حتّى جعلهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم ورثة الأنبياء، كما أعلى القرآن مراتبهم فقال تعالى: " يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ " [58 المجادلة: من الآية11]، وجعلهم أسمى من الذين لا يعلمون " قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ " [39الزمر: من الآية9]، وجعل شهادة العلماء في مستوى شهادته تعالى وشهادة الملائكة فقال عزّ وجلَّ: " شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ " [3 آل عمران: من الآية18]، وجعل القرآنُ الجَهَلَةَ وحدهم هم المتبلّدي المشاعر والأحاسيس فلا يدركون حقيقة ولا يحملون في جنباتهم أشواقًا للمعرفة ولا يعون سبيلا للخير فينكصون عن الحقّ: " كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ " [30 الروم:59].

وطلب العلم ينبغي أن يكون خالصا لوجهه تعالى، ومن أجل الانتفاع والنفع لا من أجل غايات رخيصة كالتباهي و حبّ الظهور والمماراة أو الإفساد في الأرض، قال عليه الصلاة والسلام: " من طلب العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء أو ليصرف به وجوه الناس إليه، أدخله الله النار ".

ثمّ إنّ العالِمَ لا تنتهِي مهمّتُهُ بتحصيل العلم، وإنّما يُنَاطُ به واجب آخر هو تبليغُ العلم، ونشرُهُ، فقال عليه الصلاة والسلام:" ليبلّغ الشاهدُ الغائبَ "، وقد حذّر من كتمان العلم فقال صلّى الله عليه وسلّم:"من سئل عن علم ثمّ كتمه ألجمه الله بلجام من نار ".

والجدير بالتنويه به هنا هو أنّ الصلة بين الإسلام والعلم صلة عُضْوِيّة، فمن سِمَاتِ الفكر الإسلاميّ الواضحة أنّه لا يُفرّق بين العلم والدين، فالعلم عنده دين والدين علم أمّا تَمَحُّلُ ظاهرةِ التفريق بينهما فَوَافِد لا صلة له بالإسلام. إلا أنّ هذه العلاقة الوطيدة لا ينبغي أن نفهمها على أساس أنّ كتاب الإسلام يضمّ نظريّاتٍ تعالج قضايا علميّةً متطوّرة ومعقّدة فنبحث في طيّات آياته عن تحليل للذرّة أو غَزْوٍ للفضاء .. !؟ وإنّما ينبغي أن نسلك مسلكا آخر فنتساءل هل في روح هذه الآيات ما يُعَطِّلُ حركةَ العلم؟ أو فيها على العكس من ذلك ما يشجّعها وينمّيها؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير