لعذاب النار يوم القيامة.
*************************************************
بلاء أعظم من بلاء
قدم رجل من بني عبس، وكان ضريراً محطوم الوجه، على الوليد بن عبد الملك، فسأله الوليد، عن سبب ذلك، فقال: بِتُّ ليلة في بطن وادٍ ولا أعلم في الأرض عبْسيا يزيد ماله على مالي، فطرقنا سيل، فذهب بما كان لي من أهل وإبل ومال وولد، إلا صبياً وبعيراً، فنفر البعير، والصبي معي، فوضعته واتبعت البعير، فما جاوزت ابني قليلاً، إلا ورأس الذئب في بطنه يفترسه، فتركته. واتبعت البعير فرمحني رمحة حطَّم بها وجهي، وأذهب عيني، فأصبحت لا مال عندي ولا ولد، حتى بصري قد فقدته كما ترى، فقال الوليد: اذهبوا به إلى عروة بن الزبير، وكان قد أصابه بلاء متتابع، ليعلم أن في الناس من هو أعظم بلاء منه.
*************************************************
هدايا الأمراء غُلول
استعمل النبي صلى الله عليه وسلم، رجلاً من الأزد، يقال له ابن اللتية، على جمع الصدقات، فجمعها وأتى بها إلى الرسول، وقد جعلها كومتين، فقال الرسول: ما هذا؟ وما هذا؟ فقال ابن اللتية: هذا لكم، وهذا أُهْديَ إليّ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "ما بال الرجل نستعمله على عمل مما ولانا الله، فيقول هذا لكم وهذا أُهْديَ إليّ، فهلا جلس في بيت أبيه أو أمه فنظر، أيهدى إليه شيء أم لا؟ والذي نفسي بيده، لا يأخذ منه شيئاً، إلا جاء يوم القيامة يحمله على رقبته، إن كان بعيراً له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تبعر". ثم رفع يديه حتى رأينا بياض إبطه وقال: "اللهم بلغت اللهم فاشهد".
*************************************************
الاعتدال
ذهب رجل إلى الإمام الشافعي رضي الله عنه، يشكو ألماً في أسنانه، على صغر سنه. وكان الإمام، مع كبر سنه، يتمتع بأسنان كاملة سليمة، لم يشك ألماً بها قط. قال الرجل: أيها الإمام الأعظم، خبرني عن سبب تمتعك بأسنانك كاملة. فقال له الإمام: يا هذا، أعضاء الله حفظناها في الصغر، فحفظها لنا في الكبر
*************************************************
خصلتان
قيل لأشعب: لو أنّك حفِظتَ الحديث حِفْظكَ هذه النوادر، لكان أولَى بك. قال: قد فعلتُ. قالوا له: فما حفظتَ من الحديث؟ قال: "حدّثني نافع عن ابن عمر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "من كان فيه خصلتان كُتب عند اللّه خالصاً مُخلصاً" قالوا: هذا حديث حسن فما هاتان الخصلتان؟ قال: نسي نافع واحدة، ونسيت أنا الأخرى!
*************************************************
رفق عمر بأهله
كان أعرابي يعاتب زوجته، فعلا صوتُها صوته، فساءه ذلك منها، وأنكره عليها، ثم قال: والله لأشكونك إلى أمير المؤمنين، وما إن كان ببابه ينتظر خروجه، حتى سمع امرأته، تستطيل عليه وتقول: اتق الله يا عمر فيما ولاك، وهو ساكت لا يقول، فقال الرجل في نفسه وهو يهم بالانصراف: إذا كان هذا حال أمير المؤمنين، فكيف حالي؟ وفيما هو كذلك، خرج عمر، ولما رآه قال له: ما حاجتك يا أخا العرب؟ فقال الأعرابي: قد وقعت على حاجتي، فأقسم عليه عمر، إلا أن يقول، فقال الأعرابي: يا أمير المؤمنين، جئت إليك أشكو خُلق زوجتي، واستطالتها عليّ، فرأيت عندك ما زهَّدني، إذ كان ما عندك أكثر مما عندي، فهممت بالرجوع، وأنا أقول: إذا كان هذا حال أمير المؤمنين مع زوجته، فكيف حالي؟ فتبسم عمر وقال: يا أخا الإسلام، إني أحتملها لحقوق لها عليّ، إنها طباخة لطعامي، خبازة لخبزي، مرضعة لأولادي، غاسلة لثيابي، وبقدر صبري عليها، يكون ثوابي
*************************************************
حج عنه ملك
كان عبد الله بن المبارك، صاحب أبي حنيفة رضي الله عنهما، يحج سنة، ويغزو أخرى، حدّث عن نفسه قال: لما كانت السنة التي أحج فيها، خرجت بخمسمائة دينار إلى موقف الجمال بالكوفة لأشتري جملاً، فرأيت امرأة على بعض الطريق تنتف ريش بطة، أحسبها ميتة، فتقدمت إليها وقلت: لِمَ تفعلين هذا؟ فقالت: يا عبد الله، لا تسألني عما لا يعنيك، فوقع في خاطري من كلامها شيء، فألححت عليها فقالت: يا عبد الله، قد ألجأتني إلى كشف سري إليك. ثم قالت: يرحمك الله، أنا امرأة علوية، ولي أربع بنات، مات أبوهن من قريب، وهذا اليوم الرابع ما أكلن شيئاً، وقد حلت لنا الميتة، فأخذت هذه البطة أصلحها وأحملها إلى بناتي،
¥