تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفلاسفة الإسلام ك (ابن سينا) و (الفارابي) و (الرازي) و (ابن رشد) لا يسأل الإسلام عما بدر منهم، لأنهم لا يلتزمون مراده في كثير مما يذهبون إليه. و (ضيف) حين يخطئ في مرجعية التصوف وأصوله يقع في الخطأ مرة ثانية في كتابه (الشعر والغناء في المدينة ومكة لعصر بني أمية) وذلك حين يعول على آثار الأدباء عن الترف والغناء في الحجاز. ولقد تصدى له أكثر من دارس، لعل من افضلهم زميلنا الأستاذ الدكتور (عبدالله بن سالم بن خلف) في رسالته للدكتوراه (مجتمع الحجاز في العصر الأموي بين الآثار الأدبية والمصادر التاريخية)، وأذكر أن (نادي القصيم الأدبي) استضاف الدكتور الخلف لعرض وجهة نظره حول ما ذهب إليه (شوقي ضيف)، ولقد ألقى محاضرته (وقفات مع آراء د. شوقي ضيف في مجتمع الحجاز في العصر الأموي) مساء يوم الأحد 9 - 7 - 1418هـ، فكان ذلك مؤذنا بحرب كلامية مع بعض إخواننا المصريين، تجاوزت المنصة إلى الصحف، وبخاصة مداخلة زميلنا طيب الذكر الأستاذ الدكتور (أحمد يوسف)، وأحسب أن الأمر تجاوز الحوار المعرفي إلى المناكفات الإقليمية. وظاهرة الغزل والترف والجواري والغلمان ومجالس الشراب المتداولة في الموسوعات لا يمكن تعميمها على مجمع يزخر بالعلماء والزهاد.

وخطأ (ضيف) في تعويله الكلي على كتاب (الأغاني) لإثبات ما ذهب إليه في موضوع (الغناء) و (المرأة) و (الغزل) و (الترف) و (التعميم) الذي قيل: إن الأمويين أغدقوه على الحجازيين لشغلهم عن منازعتهم السلطة. ولا أحسبه في جمعه العشوائي قد محص وصحح وراجع، ومن ثم وقع في الخطأ الذي استدركه عليه أكثر من دارس، ولإيمانه بما ذهب إليه فقد أكده في كتابيه (العصر الإسلامي) و (التطور والتجديد في الشعر الأموي).

و (ضيف) متعصب لمصريته إلى حد كبير، وهو تعصب مقبول ومستلطف، تجلى ذلك في كتبه: (البارودي رائد الشعر الحديث) و (شوقي شاعر العصر الحديث) و (دراسات في الشعر العربي المعاصر) و (الأدب العربي المعاصر في مصر) و (مع العقاد). واستقطابه حول الذات المصرية شأن كثير ممن كتبوا عن الأدب المصري من المصريين، وتلك سجية بلغت دركاتها في الدعوة إلى (الفرعونية) حيث تحولت تلك الدعوة إلى حزب سياسي، يود عزل مصر عن العالمين الإسلامي والعربي، وليست تلك أولى الدعوات الهدامة التي تنسل من مصر على يد أبنائها العققة، ويتصدى لها أبناء مصر البررة. ومصر قطب العالم العربي، لا يغمطها حقها إلا عقوق جاحد. وهذه القطبية لا تخول إنكار الآخر في سبيل تكريس الذات. هذا الاستقطاب آذى المغاربة، وحفز الطرفين على المجادلة غير الحسنة وأفرز مناكفات وسعتها كتب متدوالة.

و (ضيف) الذي مرت أعماله بهدوء، له منهجيته التاريخية والموضوعية، وله وسطيته في النفي والإثبات، على الرغم من تتلمذه على يد (طه حسين) المتفرنس إلى حد الإيذاء، والمستفز إلى حد اللجاجة. وحياته الحافلة بجلائل الأعمال تجاوزت إسهاماته المجال التأليفي إلى التحقيق، الذي بدأه ب (الرد على النحاة) ل (ابن مضاء القرطبي)، وهو كتاب قيم غفل عنه المهتمون بالنحو المقارن، ففيه تتضح رؤية المشارقة والمغاربة ومشاربهم الفكرية. ويتجلى جدلهم حول (العامل) و (العلة) و (القياس) و (التحليل) و (المصطلح) وجاء بسط ذلك في كتابه (المدارس النحوية).

وله اهتمامات خاصة بالنحو والنحاة، ولقد راعته إخفاقات المناهج النحوية وضعف الدارسين ومن ثم أنجز عملين (تجديد النحو) و (تيسير النحو التعليمي قديماً وحديثاً مع منهج تجديده). ومؤلفاته تنم عن رصده للحركة العلمية والثقافية، فهو لا يتزيد في التأليف، وإنما يسد خلالاً تستدعيها اللحظات المعرفية. فكلما استضافته جامعة عربية، نظر فيما ينقص الأستاذ الجامعي، ثم نهض لاستكماله، فعل ذلك عندما استضافته جامعات (الأردن) و (الكويت) و (السعودية).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير