والمتابع لمؤلفاته يجد أن أوائلها يفوق أواخرها، من حيث المنهجية والموضوعية والعمق والدقة والشمول، ذلك أن المسؤوليات في آخر حياته شغلته عن المراجعة. فلو نظرنا إلى كتابه (الفن ومذاهبه في الشعر العربي) الذي طبع قبل نصف قرن، وهو رسالته للدكتوراه، لوجدناه يفوق في عمقه ودقته وشموله وترابطه ومنهجه ما لحق به من كتب، ولا يقل عنه كتابه (الفن ومذاهبه في النثر العربي). ويتنازع جهوده في التأليف خمسة حقول: الدراسات الأدبية، والنحوية والبلاغية، والإسلامية، وتحقيق التراث.
فله في (الدراسات الأدبية) زهاء عشرة كتب، منها (تاريخ الأدب العربي) الذي أصدر المجلد التاسع منه قبل اثنتي عشرة سنة. وله في مجال الدراسات (البلاغية) و (النقدية) أكثر من عشرة كتب ركز فيها على الفنون ك (المقامة) و (الرثاء) و (ترجمة الشخصيات) و (الرحلات). وله في مجال الدراسات النحوية زهاء أربعة كتب. أما في التحقيق فقد حقق سبع مخطوطات آخرها (السبعة في القراءات). ولأن لداته من أمثال (العقاد) و (زكي نجيب محمود) و (أحمد أمين) و (طه حسين) و (بنت الشاطئ) قد كتبوا سيرهم الذاتية فقد كتب هو الآخر سيرته الذاتية في جزأين تحت عنوان (معي)، صدر الجزء الأول في سلسلة أقرأ عام 1981م، وصدر الجزء الثاني عن دار المعارف عام 1989م، ولعله حين كتب (مع العقاد) في جزأين، وحين كتبت زوجة (طه حسين) (معك) اختار عنواناً لسيرته (معي)، وقد اعتمد على المنهج التقريري الوصفي، ومن ثم لم تدخل السيرة عنده حقل الإبداع السردي، كما هي عند (طه حسين) في (الأيام) ولما كانت من صفاته الوداعة والهدوء، فقد جاءت سيرته بعيدة عن المزايدات والمناكفات، كما هي عند (عبدالرحمن بدوي).
وضيف الذي طاف أرجاء الوطن العربي أستاذاً زائراً في جامعاته ترك آثاراً باقية: إما تأليفاً أو دراسة أو طلاباً يذكرونه ويشكرونه. ولقد توجت جهوده بأنه اختير رئيساً لمجمع اللغة العربية بالقاهرة الذي دخله عضوا عام 1976م، وهو قد حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1979م، ومنح جائزة الملك فيصل العالمية للآداب عام 1983م، وفي عام 1990م كرمه تلاميذه بإصدار كتاب يحمل اسم (شوقي ضيف سيرة وتحية)، أشرف على إعداده صديقنا الأستاذ الدكتور (طه وادي). والكتاب يقع في قسمين: قسم الدراسات عن شوقي، وقسم الدراسات المهداة إليه. ولقد تناول الدارسون في القسم الأول منهج شوقي في الدراسات الأدبية والنحوية والبلاغية ورؤيته الشمولية وجهوده اللغوية، وأسهم في الكتابة طائفة من طلابه الذين يقودون الحركة الأدبية في الوطن العربي أمثال (يوسف نوفل) و (ماهر فهمي) و (محمود حجازي) و (مازن المبارك) و (النعمان القاضي) وآخرون، ويقع الكتاب في أربعمائة صفحة، طبعته دار المعارف في مصر. ومن قبل هذا كتب الدكتور (عبدالعزيز الدسوقي) سلسلة مقالات عن (ضيف) في مجلة الثقافة، ثم صدرت مجموعة في سلسلة (اقرأ) عام 1987م وطابع المجاملة فيها هو الغالب، حيث عده رائد النقد والدراسة الأدبية، وما هو كذلك. و (شوقي ضيف) برحيله المتوقع، سيترك فراغاً، وسيثير قضايا، سكت عنها طلابه ولداته يوم أن كان حاضر المشاهد، ورجل مثل شوقي ضيف سيكون كما الشهيد المصلوب الذي قال فيه الشاعر: (علوٌ في الحياة وفي الممات ... لحقٌ أنت إحدى المعجزات).
ـ[المستبدة]ــــــــ[08 - 04 - 2005, 03:46 م]ـ
ذو القرنين:
لا شك في ثراء موضوعك هذا، وفي نقلك لمقال الدكتور / الهويمل.
شكر الله لك سعيك ..
قد طلبتَ مشاركتك الرأي في المقال، لكننا لم نسمع بعد رأيك أنت!
بودي أن تتفضل علينا برأيك ..
ولعلّك تسمح ـأخي الكريم ـ في مداخلتي اليسيرة، وهي لن تزيد على تقديري
لهذي القامة الباسقة في أدبنا العربي .. التي ما فتئت، تغمرنا بنتاج ثقافتها، وعلمها الواسع،الذي تمخّض عنه خمسين كتابا في الأدب والبلاغة والنحو والعلوم الشريعة ذات الصلة، ثم ما أجدرنا بتهنئة أنفسنا بهذا الصرح الشامخ الذي سيروي ثقافتنا ..
ولا أجدني إلا أَرِدُ هذا النبع الصافي ليستزيد فكري وعلمي بعد الله ..
لكن .. ومع كل هذا .. فالأدباء والشعراء والمثقفون في قديم العصر وحديثه، معرضين للزلل والخطل،، وهذا والله لا يعيبهم (إن لم يدفعه دافع! أو يغمره إيمان وقناعة!)
وكما هو الأمر كذلك،فأدبهم ونتاجهم الفكري والعلمي معرّض للمجهر!
¥