دفعني هذا السؤال إلى العودة للجزء الأول من سلسلة تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف رحمه الله عن (العصر الجاهلي)؛ إذ قدرت أنه لا بد أن يذكر منهجه الذي ارتضاه في تقسيمه للعصور الأدبية، وعهدي بهذا الجزء قديم أيام دراستي للمستوى الأول من كلية اللغة العربية، فكان ما توقعته، إذ وجدت شوقي ضيف رحمه الله يذكر علة تقسيمه للعصور الأدبية، مع الإشارة إلى التقسيمات التي سار عليها سابقوه في هذا، وإليكم نص ما قاله في صفحتي 14 - 15 منه تحت عنوان (تقسيمات تاريخ الأدب العربي وعصوره).
قال رحمه الله: (أكثر من أرخو للأدب العربي وزعوا حديثهم في هذا التاريخ على خمسة عصور أساسية، هي:
1 - عصر الجاهلية أو ما قبل الإسلام.
2 - والعصر الإسلامي من ظهور الرسول صلى الله عليه وسلم إلى سقوط الدولة الأموية سنة 132هـ. وهو العصر الذي تكونت فيه الدولة العربية، وتمت الفتوح الإسلامية، ومن المؤرخين من يقسم هذا العصر قسمين، فهو إلى نهاية عصر الخلفاء الراشدين يسمى عصر صدر الإسلام، وما يليه إلى آخر الدولة الأموية يسمى العصر الأموي.
3 - والعصر الثالث هو عصر العباسيين أو العصر العباسي، ويستمر إلى سقوط بغداد في يد التتار سنة 656هـ. ويقسم بعض المؤرخين هذا العصر قسمين: العصر العباسي الأول، ويمتد نحو مائة عام، والعصر العباسي الثاني ويستقل ببقية العصر. ومن المؤرخين من يقسمه ثلاثة أقسام، يبقي فيها على القسم الأول بنفس الاسم، أما العصر العباسي الثاني فيقف به عند سنة 334هـ وهي السنة التي استولى فيها بنو بويه على بغداد، والتي أصبحت الخلافة العباسية منذ تاريخها اسمية فقط، ويمتد العصر العباسي الثالث إلى استيلاء التتار على بغداد. وقد يقسم بعض المؤرخين هذا العصر العباسي الثالث إلى قسمين، فيقف بالقسم الأول عند دخول السلاجقة بغداد سنة 447هـ، ويستقل القسم الثاني أو العصر العباسي الرابع ببقية العصر.
4 - وباستيلاء التتار على بغداد يبدأ العصر الرابع، ويستمر إلى نزول الحملة الفرنسية بمصر سنة 1213هـ.
5 - ثم العصر الحديث الذي يمتد إلى أيامنا الحاضرة.
وسنبقي في كتابنا على العصرين الأولين، [الجاهلي - الإسلامي] أما العصر الثالث وهو العصر العباسي فسندخل عليه بعض التعديل، وذلك أننا سنبقي على قسمين منه:
1 - عصر عباسي أول ينتهي بانتهاء خلافة الواثق سنة 232هـ.
2 - وعصر عباسي ثانٍ ينتهي باستيلاء البويهين على بغداد سنة 334هـ.
ومن هذا التاريخ إلى نهاية العصور الوسطى نبتدئ عصراً رابعاً نمده إلى العصر الحديث، وهو عصر الدول والإمارات، فقد تفككت أوصال الدولة العباسية وظهرت إمارات وخلافات ودول كثيرة كإمارات الفرس في إيران وما وراءها، وسيف الدولة الحمْداني في حلب، والفاطميين ثم الأيوبيين والمماليك والعثمانيين في مصر، والأمويين ثم ملوك الطوائف والمرابطين والموحدين ومن خلفوهم في الأندلس.
وحري أن يبحث الأدب العربي في هذا العصر الرابع ويؤرخ في كل إقليم على حدة، فيكون هناك جزء لإيران والعراق، وجزء لمصر والشام والجزيرة العربية، وجزء للأندلس وبلاد المغرب. وقد ينمو البحث وتتولد أجزاء أخرى، حتى إذا انتهينا من ذلك أرخنا للعصر الخامس وهو العصر الحديث، وقسمناه بدوره أجزاء على البلاد العربية.
ولا أشك في أن هذا التقسيم الجديد لعصور الأدب العربي أكثر دقة ومطابقة لتطوره، وللظروف المختلفة التي أثرت فيه، فإن بغداد لم تعد منذ القرن الرابع الهجري تحتل المكانة الأولى في الحركات الأدبية، بل لقد نافستها في الشرق والغرب مدن كثيرة تفوقت عليها في النهوض بالشعر والنثر تفوقاً واضحاً). أهـ.
قال ابن هشام: فيكون تقسيم شوقي ضيف للعصور الأدبية على هذا النحو:
العصر الأول: العصر الجاهلي. وأصدر فيه كتاباً.
العصر الثاني: العصر الإسلامي، وأصدر فيه كتاباً تكلم فيه عن تاريخ الأدب في صدر الإسلام، والعصر الأموي معاً.
العصر الثالث: العصر العباسي. وقسمه قسمين:
1 - العصر العباسي الأول. وينتهي بانتهاء خلافة الواثق سنة 232هـ. وأصدر فيه كتاباً.
2 - والعصر العباسي الثاني، وينتهي باستيلاء البويهين على بغداد سنة 334هـ. وأصدر فيه كتاباً كبير الحجم لطوله.
العصر الرابع: عصر الدول والإمارات. وقد كتب في تاريخ هذا العصر كتابين:
- عصر الدول والإمارات (1) الجزيرة العربية – العراق – إيران.
- عصر الدول والإمارات (2) مصر – الشام.
العصر الخامس: العصر الحديث. ويبدأ من عام 1213هـ حتى اليوم. ولم يكتب تحت تاريخ الأدب في هذا العصر شيئاً حسب علمي، وإنما كانت مؤلفاته عن العصر الحديث تحت مسمى (مكتبة الدراسات الأدبية) وأصدر منها:
- دراسات في الشعر العربي المعاصر.
- الأدب العربي المعاصر في مصر.
- البارودي رائد الشعر الحديث.
- شوقي شاعر العصر الحديث.
والله أعلم، وأستغفر الله من الزلل والخطأ، ورحم الله شوقي ضيف، وجزى الله من سأل وسدَّدَ واستدرك - بعلمٍ وأدبٍ - خيراً.
¥