ـ[قريع دهره]ــــــــ[17 - 09 - 2006, 05:47 ص]ـ
أبوطارق .. أعتذر عن ما بدر مني من انحراف النص.
....
نرجع لموضوع الحسن بن هانىء، القصيدة المفضلة لديه والتي إذا طلب ان يستنشد من شعره يقول:
وخَيْمةِ نَاطورٍ برَأسِ مُنِيفةٍ = تَهُمُّ يدَا مَنْ رامَها بِزَليل
إذا عارضتها الشمسُ فاءت ظلالُها = وإن وَاجهَتْها آذنَتْ بدُخولِ
حطَطْناَ بها الأثْقالَ فَلَّ هجيرةٍ = عَبُورِيَّةٍ تُذْكى بغَيْرِ فَتِيل
تأنَّت قليلا ًثم فاءَتْ بمَذْقَةٍ = من الظلِّ في رثِّ الإناء ضَئيلِ
كأنَّا لدَيْها بين عِطفَيْ نَعَامةٍ = جَفَا زَوْرُها عن مَبْرَكٍ ومَقِيل
حَلَبت لأصحابي بها دِرَّةَ الصِّبا = بصفراءَ من ماءِ الكروم شَمُولِ
إذا ما أتت دون اللّهَاةِ من الفتى = دعا همُّهُ من صدْرِه برَحِيلِ
فلمّا توافَى الليل جنْحاً من الدُّجى = تصابَيْت واستجملتُ غيرَ جميلِ
وأعطيت مَن أهوى الحديثَ كما بَدَا = وذلَّلْتُ صَعْباً كان غير ذلول
فغنَّى وقد وَسَّدت يُسرايَ خَدَّه = إلا ربما طالبتُ غَيْرَ مُنيلِ
فأنزلْتُ حاجاتي بحِقْوَي مُساعدي = وإن كان أدنى صاحبٍ، وخليل
فأصبحت أَلحَى السُكْرَ والسكرُ محسنٌ = ألا ربَّ إحسان عليكَ ثقيل
كفى حَزَناً أنّ الجواد مقتَّرٌ = عليه ولا معروفَ عند بخيل
سأبغي الغِنى إما وزيرَ خليفة = يقومُ سواءً أو مخيفَ سبيلِ
بكل فتًى لا يُسْتَطارُ جنانه = إذا نوَّه الزحْفَانِ باسم قتيل
لنَخْمُس مالَ الله من كل فاجرٍ = وذي بِطْنَةٍ للطيبات أكُول
ألم تر أنَّ المال عَوْنٌ على الثُقى = ولَيْسَ جَوَادٌ مُعْدِمٌ كبَخِيلِ
ولمّا قال أبونواس هذه القصيدة قال أبوعمرو الشيباني: لا يبالي أبونواس ألا يقول بعد هذا شيئاً
وإذا طلب أن يستنشد أخرى يقول هذه:
كانَ الشَّبَابُ مَظِنَّةَ الجهْلِ = ومُحَسِّنَ الضَّحَكاتِ والهَزْلِ
كان الجَمِيلَ إِذا ارْتَدَيْتُ به = ومَشَيْتُ أَخْطِرُ صَيَّتَ النَّعْل
كان البليغ إِذا نَطَقْتُ به = وأَصَاخَتِ الآذانُ للمُمْلِى
كان المُشَفَّعَ في مآرِبِهِ =عند الفَتَاةِ ومُدْرِكَ النَّيْلِ
والباعِثِى والناسُ قد هَجَعُوا = حتى أَكُونَ خَليفَةَ البَعْلِ
والآمِرِى حَتَّى إِذا عَزَمَتْ = نَفْسى أَعَانَ يَدَىَّ بالفِعْلِ
فالآنَ صِرْتُ إِنى مُقَارَبَةٍ = وحَطَطْتُ عن ظَهْرِ الصِّبَا رَحْلى
والكأس أهواها وإن رزأت = بلغ المعاش وقللت فضلى
صفراء مجدها مراز بها = جلت عن النظراء والمثل
والكَأْسُ أَهْوَاها وإِنْ مَرازِبُها = جَلَّتْ عَنِ النُّظَراءِ والمِثْلِ
ذُخِرَتْ لآدَمَ قَبْلَ خِلْقَتِهِ = فتَقَدَّمَتْه بحُظْوَةِ القَبْلِ
فإِذا عَلاها الماءُ أَلْبَسَها = نَمَشاً كشِبْهِ جَلاجِلِ الحَجْلِ
فأَتاك شىءٌ لا تُلامِسُهُ = إِلاَّ بحُسنِ غَرِيزَةِ العَقْلِ
فتَرُودُ منها العَيْنَ في بَشَرٍ= حُرِّ الصَّحِيفَةِ ناصِعٍ سَهْلِ
حَتَّى إِذا سكَنَتْ جَوَامِحُها = كَتَبتْ بمِثْلِ أَكارِعِ النَّمْلِ
خَطَّيْن من شَتَّى ومُجْتَمِعٍ = غُفْلٍ منَ الإِعْجامِ والشَّكْلِ
فاعْذِرْ أَخاك فإِنَّه رَجُلٌ = مَرَنَتْ مَسامِعُه على العَذْل
ولي عودة:)
ـ[قريع دهره]ــــــــ[17 - 09 - 2006, 06:08 ص]ـ
بقي خبر واحد سأقوله قبل ما أغلق الفصيح
جملة قالها الأخ الكريم عاشق اللغة العربية
وأدرك عليه سرقات توكأ فيها على معان سبق إليها ولكنه كساها حللا جميلة، فسارت بين الناس وعرفت له
هذا الكلام الصحيح
فقد أنشد الحسين الخليع لأبي نواس هذه الأبيات:
وشاطري اللسان مختلق التكريـ = ـه شاب المجون بالنسك
بات بغمي يرتاد صالية النا = ر ويكني عن أبيت الملك
دسست صفراء كالشعاع له = من كف علج يدين بالإفك
يحلف في طبخها بملته = ودين موسى ومنشئ الفلك
حتى إذا رنحته سورتها =وأبدلته السكون بالحرك
كشفت عن عجنة مزعفرة = في لين صينية من الفنك
فكان ما كان لا أبوح به = في الناس من هاتك ومنتهك
فلما وصل لقوله:
كأنها نُصب كأسه قمر = يكرع في بعض أنجم الفلك
أنشد أبونواس الخليع بعد أيام:
إذا عَبَّ فيها شارب القوم خَلته = يقبّل في داج من الليل كوكبا
قال الخليع: يا أبا علي هذه مصالته ((نوع من أنواع السرقة)) .. فقال الحكمي: أتظن أنه يروى لك في الخمر معنى حسن وأنا في الدنيا؟:)
فترك الناس بيت الخليع واشتهر بيت أبي نواس
وأخذ المعنى ابن الرومي فقال:
فكأنها وكأن شاربها = قمر يقبّل عارض الشمس
الحديث عن أبي نواس لا يمل ولا ينتهي:)
وهو الذي دعاني لحب الأدب والشعر، لا لمجمونه، ولكن لقوة شعره ولظرفه .. وسعره بديهته وذكائه وشخصيته القوية:)