فيُبكينَ مَن أَمسى بِنا اليَومَ شامِتاً==وَيُعقِبنَنا إِنَّ الأُمورَ صَرائِفُ
وَإِن يَكُ أَمرٌ غَيرَ ذاكَ فإِنَّني==لَراضٍ بِقَدرِ اللَهِ لِلحَقِّ عارِفُ
وإِنّي إِذا أَغضى الفَتى عَن ذِمارِهِ==لَذو شَفَقٍ عَلى الذِمارِ مُشارِفُ
وَينفُخُ أَقوامٌ عَليَّ سُحورَهُم==وَعيداً كَما تَهوي الرِياحُ العَواصِفُ
وأُطرِقَ إِطراقَ الشُجاعِ وإِنَّني==شِهابٌ لَدى الهَيجا وَنابٌ مُقَاصِفُ
وَداويَّةٍ سَيرُ القَطا مِن فَلاتِها==إِلى مائِها خِمسٌ لَها مُتَقاذِفُ
بُطونٌ مِنَ المَوماةِ بَعَّدَ بَينَها==ظُهورٌ بَعيدٌ تَيهُها وأَطايفُ
يَحارُ بِها الهادي وَيَغتالُ رَكبَها==تُنائِفُ في أَطرافِهِنَّ تَنائِفُ
هَواجِرُ لَو يُشوى بِها النَيُّ أَنضَجَت==مُتونَ المَها مِن طَبخِهِنَّ شَواسِفُ
تَرى وَرَقَ الفِتيانِ فيها كأَنَّها==دَراهِمُ مِنها جائزاتٌ وَزائِفُ
يَظَلُّ بِها عَيرُ الفَلاةِ كأَنَّهُ==مِنَ الحَرِّ مَرثومُ الخَياشِمِ راعِفُ
إِذا ما أَتاها القَومُ هَوَّلَ سَيرَهُم==تَجاوبُ جِنّانٍ بِها وَعَوارِفُ
وَيَومٍ مِنَ الجَوزاءِ يَلجأُ وَحشُهُ==إِلى الظِلِّ حَتّى اللَيلَ هُنَّ حَواقِفُ
يَظَلُّ بِها الهادي يُقَلِّبُ طَرفَهُ==مِنَ الهَولِ يَدعو لَهفَهُ وَهوَ واقِفُ
قَطَعتُ بِأَطلاحٍ تَخَوَّنَها السُّرى==فَدَقَّ الهَوادي والعيونُ ذَوارِفُ
مَلَكتُ بِها الإِدلاجَ حَتّى تَخدَّدَت==عَرائِكُها وَلانَ مِنها السَوالِفُ
وَحتّى التَقَت أَحقابُها وَغُروضُها==إِذا لَم يُقَدَّم لِلغُروضِ السَنائِفُ
نَفى السَيرُ عَنها كُلَّ ذاتِ ذَمامَةٍ==فَلَم يَبقَ إِلا المُشرِفاتُ العَلائِفُ
مِنَ العَيسِ أَو جَلسٍ وَراءَ سَديسِهِ==لَهُ بازِلٌ مِثلُ الجُمانَةِ رادِفُ
مَعي صاحِبٌ لا يَشتَكي الصاحِبُ==العِدى صَحابَتُهُم وَلا الخَليطُ المؤالِفُ
سَراةٌ إِذا آبوا لُيوثٌ إِذا دُعوا هُداةٌ إِذا أَعيى الظَنونُ المُصادِفُ
إِذا قيلَ لِلمُعيى بِهِ وَزَميلِهِ==تَروَّح فَلَم يَسطِع وَراحَ المُسالِفُ
رأَوا شِركَةً فيهِنَّ حقّاً وَكَلَّفوا==أُولاتِ البَقايا ما أَكَلَّ الضَعائِفُ
أَولاتِ المِراحِ الخَانِفاتِ عَلى الوَجى==إِذا قارَبَ الشَدَّ القِصارُ الكَواتِفُ
فَبَلَّغنَ حاجاتٍ وَقَضين حاجَةً==وَفي الحَيِّ حاجاتٌ لَنا وَتكالِفُ
وَنِعمَ الفَتى وَلا يُودّعُ هالِكاً==وَلا كَذِباً أَبو سُلَيمانَ عاطِفُ
لِجارَتِهِ الدُنيا وَلِلجانبِ العِدى==إِذا الشُولُ راحَت وَهيَ حُدبٌ شَواسِفُ
وَبادَرَها قَصرَ العَشيَّةِ قَرمُها==ذَرى البَيتِ يَغشاهُ مِنَ القُرِّ آزِفُ
يُنَفِّضُ عَن أَضيافِهِ ما يَرى بِهِم==رَحيمان ساعٍ بِالطَعامِ وَلاحِفُ
كأَن لَم يَجِد بؤساً وَلا جُوعَ لَيلَةٍ==وَفي الخَير والمَعروفِ لِلضُرِّ كاشِفُ
يَبيتُ عَن الجيرانِ مُعزِبَ جَهلِهِ==مُريحَ حَواشي الحِلمِ للخَيرِ واصِفُ
إِذا القَومُ هَشّوا لِلطِّعانِ وَأَشرَعوا==صُدورَ القَنا مِنها مُزَجُّ وَخاطِفُ
مَضى قُدُماً يُنمي الحَياةَ عَناؤهُ==وَيَدعوا الوَفاةَ الخُلدَ ثَبتٌ مواقِفُ
هوَ الطَاعِنُ النَجلاءَ مُنفِذُ نَصلِها==كَمبدَئِها مِنها مُرِشٌّ وَواكِفُ
وَما كانَ مِمّا نالَ فيها كَلالَةً==وَلا خارِجياً أَنفَذَتهُ التَكالِفُ
القصيدة السابعة: أَبى القَلبُ إِلا أُمَّ عَمروٍ وَما أَرى
أَبى القَلبُ إِلا أُمَّ عَمروٍ وَما أَرى=نَواها وَإِن طالَ التَذَكُّرُ تسعِفُ
وَجَرَّت صُروفُ الدَهرِ حَتّى تَنكَّرَت= وَقَد يُخلِقُ النأَيُ الوِصالَ فَيَضعُفُ
وَقَد كُنتُ لا حُبٌّ كَحُبّيَ مُضمَرٌ =يُعَدُّ وَلا إِلفٌ كَما كُنتُ آلَفُ
مِنَ البيضِ لا يُسلي الهُمومَ طِلابُها =فَهَل لِلصِّبا إِذ جاوَزَ الهَمَّ مَوقِفُ
رَداحٌ كأَنَّ المِرطَ مِنها بِرَملَةٍ =هَيامٍ وَما ضَمَّ الوَشاحانِ أَهيَفُ
أَسيلَةُ مَجرى الدَمعِ يَرضى بِوَصلِها= مُطالِبُها ذو النيقَةِ المُتَطَرِّفُ
كأَنَّ ثَناياها وَبَردَ لِثاتِها= بُعَيدَ الكَرى تَجري عَليهِنَّ قَرقَفُ
شَمُولٌ كأَنَّ المِسكَ خالَطَ ريحَها =وَضُمِّنَها جَونُ المناكِبِ أَكلَفُ
تُشابُ بِماءِ المُزنِ في ظِلِّ صَخرَةٍ= تَقيها مِنَ الأَقذاءِ نَكباءُ حَرجَفُ
وَما مُغزِلٌ أَدماءُ تُضحي أَنيقَةً= بِأَسفَلَ وادٍ سَيلُهُ مُتَعَطِّفُ
بِأَحسَنَ مِنها يَومَ قامَت وَعينُها= بِعَبرَتِها مِن لَوعَةِ البَينِ تَذرِفُ
وَلَيلٍ لألقى أُمَّ عَمروٍ سَرَيتُهُ= يَهابُ سُراهُ المُدلِجُ المُتَعَسِّفُ
وَمُنشَقِّ أَعطافِ القَميصِ كأَنَّهُ= صَقيلٌ بَدا مِن خِلَّةِ الجَفرِ مُرهَفُ
نَصَبتُ وَقَد لَذَّ الرُقادُ بِعينِهِ= لِذِكراكِ والحِبُّ المُتَيَّمُ يشعَفُ
وَداويَّةٍ قَفرٍ يَحارُ بِها القَطا= بِها مِن رَذايا العيسِ حَسرى وَزُحَّفُ
عَسَفتُ بُعَيدَ النَومِ حَتّى تَقَطَّعَت =تَنائِفُها والكُورُ بِالكُورِ مُردَفُ
إِذا نَفنَف بادي المياهِ قَطَعنَهُ= نَواشِطَ بِالمَوماةِ أَعرَضَ نَفنَفُ
بَعيدٌ كأَنَّ الآلَ فيهِ إِذا جَرى= عَلى مُستَوى الحِزّانِ رَيطٌ مُفَوَّفُ
لَعَمري لَئِن أَمسَيتُ في السِجنِ عانياً =عَليَّ رَقيبٌ حارِسٌ مُتَقَوِّفُ
إِذا سَبَّني أَغضَيتُ بَعدَ حَميَّةٍ =وَقَد يَصبِرُ المَرءُ الكَريمُ فَيَعرِفُ
لَقَد كُنتُ صَعباً ما تُرامُ مَقادَتي =إِذا مَعشَرٌ سيموا الهَوانَ فأَحنَفوا
تم الديوان باذن الله
فارس العربية الخـ زيد ـــــــيل
¥