تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن أخباره الطريقة أيضا

قال الأصمعي

أمر عقبة بن سلم" الهنائي" لبشار بعشرة آلاف درهم، فأخبر أبو الشمقمق بذلك فوافى بشاراً فقاللأه: يا أبا معاذ، إني مررت بصبيان فسمعتهم ينشدون:

هللينه هللينة = طعن قثاة لتينة

إن بشار بن برد = تيس أعمى في سفنية

فأخرج إليه بشار مائتي درهم فقال: خذ هذه راوية الصبيان يا أبا الشمقمق

نسيت أقول بيتين مهمة جدا

إذا أيقظتك حروب للعدى = فنبه لها عمراً ثم نم

فتى لاينام على دمنةٍ = ولايشرب الماء إلا بدم

ويروى شطر البيت الأول ((إذا دهمتك عظائم الأمور))

وهذا البيت من أجمل المدائح في عمرو بن العلاء

وقيل أنه بعدما أنشد له الأبيات أمر لبشار بمائة ألف درهم

والبيتين جدا جميلين ... وكان عمرو بن العلاء شجاعا جوادا .. ومن علماء الأذب واللغة العربية .. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته

وفي خبر موته

كان المهدي قدم البصرة فدخل عليه يعقوب وقال. .أن بشار زنديق وقد ثبتت البينة وقد هجا أمير المؤمنين

فأمر قائد الشرطة أ ن يقبض على بشار بن برد .. ويضربه بالسوط حتى التلف ((الموت))

فأخذوه في زورق وجسلوا يضربونه على النهر فكلما ضربوه بالصوت قال بشار ((حس)) (حس هي كلمة تقال عند العرب لمن أحس بالألم)) ... فقال بعضهم: انظروووا إلى زندقته مانراه يحمد الله تعالى .. فقال بشار: ويلك! .. أثريد هو حتى أحمد الله عليه ((الثريد من أنواع الأطعمة)) ... فما وصل إلى السبعين سوطا .. أشرف على الموت .. فألقي على صدر السفينة فقال بشار: ليت عين الشمقمق تراني حين يقول:

إن بشار بن برد = تيس أعمى في سفنية

وثم مات من ساعته

ورموا حثته على قطعه خشب فحمله الماء إلى البصرة فأخذه أهله ودفنوه بها ..

وحكي انه بعدما ضرب بشار أمر من يفتش منزله فوجدوا رسالة مكتوب فيها:

((بسم الله الرحمن الرحيم ...... إني أردت هجاء آل سليمان بن علي فذكرت قرابتهم من رسول الله عليه السلام فتركتهم إجلالا له صلى الله عليه وسلم))

فلما قرأه بكى وندم على قلته وقال: لا جزى الله يعقوب خيرا فانه لما هجاه لفق عليه شهودا على أنه زنديق فقلته .. ندمت حين لا ينفع الندم

ومن طرائف أخباره

أنه قال له هلال بن عطيه يوما يمازحه وكان صديقا له .. إن الله تعالى لم يذهب البصر إلا عوضه شيئا .. فما عوضك الله؟

قال: الطويل العريض ... فقال: ماهو .. فقال بشار: أني لا أراك ولا أمثالك من الثقلاء .. ثم قال. ياهلال أتطيعني في نصيحة أنصحك بها؟ ... فقال: نعم

فقال: إنك كنت تسرق الحمير زمانا ثم تبت .. وصرت رافضيا .. فعد إلى سرقة الحمير .. فهي والله خير لك من الرفض

ووقف عليه بعض المجان وهو ينشد شعرا له فقال: يابشار استر شعرك كما تستر عورتك .. فغضب بشار وصفق بيديه وتفل عن يمينه وعن شماله .. وكان يفعل ذلك عند الغضب .. .. وأراد أن يهجوه .. ثم قال: ويلك من أنت؟

فقال الماجن .. أنا (أعزك الله) من باهلة .. وأخوالي من سلول .. وأصهاري من عكّ .. ومنزلي نهر بلال .. فضحك بشار وقال: أذهب فأنت عتيق لؤمك.

وكانت هذه القبائل .. من أخزى القبائل وأكثر الشعراء فيهم من تمزيقهم .. حتى صاروا سبة العار

ومات لبشار بن برد ولد .. فقيل له: أجر قدمته وذخر أحرزته فقال: بلى ولد دفنته وثكل تعجلته وغيب وعدته فانتظرته وإن لم أجزع للنقص لم أفرح بالزيد ..

ويخصوص الكلام الذي يتهم به انه زنديق

وزعم الجاحظ أن بشاراً كان يَدِين بالرَجعة، ويُكَفر جميعَ الأمة؛ وأنشد له أشعاراً صوب بها رَأيَ إبليس في تقديم النار على الطين، منها قولُه:

الأرض مُظْلِمَةٌ ... والنارُ مُشْرِقةٌ = والنارُ معبودةٌ مُذْ كانتِ النارُ

وقال داود بن رَزِين: أتينا بشاراً، فأذِنَ لنا والمائدةُ بين يديه، فلم يَدْعُنَا إلى الطعام، ثم جلسنا فحضر الظهر والعصر والمغرب فلم يصل، ودعا بطسْت فَبالَ بحضرتنا، فقلنا له: أنت أستاذُنا، وقد رأينا منك أشياءَ أنكرناها، قال: ما هي؟ قلنا: دخلْنَا والطعامُ بين يديك فلم تَدْعُنَا، قال: إنما أذِنْتُ لتَأكلوا، ولو لم نُرِدْ ذلك لم نأذن لكم، قلنا له: ودعوت بالطست ونحن حضور، قال: أنا مكفوف، وأنتم مأمورون بغض الأبصار دوني، قلنا: وحضرت الصلاة فلم تصلّ! قال: الذي يقبلها تفارِيقَ يقبلها جملة! هذا وهو القائل:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير