ولم أطلع بعد على (نقد النثر لقدامة) وظني أنه لا قيمة له وهذا الكتاب تم طبعه من سنتين ولكنهم لم يخرجوه إلا في هذه الأيام، ورأي قدامة في الآية (ويعبدون من دون الله) رأي سخيف لا قيمة له بالمرة فاضرب به حائط مجلس المديرية
262
أما الآية التي سألت عنها (حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة) فلفظة وجدها هنا هي سر الإعجاز فإن الآية لا تقرر حقيقة مغرب الشمس حتى يقال إنها خالفت العلم، إذ الشمس أكبر من الأرض بمليون مرة، فلا يعقل أن تغرب في عين حمئة إلخ. وإنما تصف الآية حالة قائمة بشخص معين، فالإسكندر وجد الشمس كذلك أي في نظره كما يقول قائل: نظرت في السماء فوجدت الكواكب كل نجم كالشرارة. فهذا صحيح في وجدانه هو لا في الحقيقة: ولو كان القرآن كلام إنسان في ذلك الزمن لجعلها حقيقة مقررة مفروغا منها ولقال كانت الشمس تغرب إلخ أو فإذا الشمس تغرب أو نحو ذلك.
والعين هي المحيط ولا شك، والإنسان حين يقف على شاطئ البحر يرى الشمس تغرب فيه إذ لا أرض هناك فكأنها نازلة في الماء، وهنا إعجاز آخر وهو تسمية المحيط العظيم (بعين حمئة) فإنه هو كذلك على الحقيقة بالنسبة لعظمة جرم الشمس.
266
[استخرج الرافعي بحرا جديدا سماه (قرع الحرب) ولم ينظم فيه أحد قبله وهو وزن خماسي ومنه:
يحيا الأسد الأفغاني ......... منتصرا بسيوف الله
في يده سلمت يده ......... سيف يقظ لم ينم
نصر الله يؤيده ......... ودم الشعب المعتزم]
267
[وحي القلم: سماه أولا (أدبيات) ثم (قول معروف) ثم (الورقات) ثم (وحي القلم)]
268
ومما يحسن ذكره أن كل المجددين رجعوا الآن عن رأيهم في المدنية الأوربية وأقروا أنها مدنية زائفة وأنحوا عليها إلخ إلخ
269
وحسبك أن المطلوب في هذا الشهر للمدارس وتاجر القماش 20 جنيها
270
وأما ديوان المعاني فهو من أهم كتب المختارات في الشعر ويقع في نحو 600 صفحة وكان الشيخ محمد عبده يشتغل بتصحيحه مع الشنقيطي ومع ذلك لم يتهيأ لهما تصحيحه ثم شرعت لجنة الترجمة والنشر في التصحيح لطبعه فعجزت عنه وتركته.
/ ومن ثلاث سنوات أشرت على القدسي الكتبي أن ينسخه ليطبعه فتلكأ وجعل ينسخ ببطء وقد أطلعني عليه في مصر فإذا التحريف ذاهب في الكتاب كل مذهب بحيث لا يمكن التصحيح إلا بتعب شديد
غير أن الكتاب من أهم كتب الشعر على كل حال، ويحتوي نحو عشرة آلاف بيت اختارها العسكري صاحب كتاب الصناعتين من كل الدواوين التي اطلع عليها وأكثر هذه الدواوين مفقود اليوم، ومن هنا أهمية الكتاب
271
وأما ديوان المعاني فقد تركت تصحيحه بعد أن أتممت ثلثه أي 220 صفحة لأنه لا وقت عندي ولا قوة على تحمل هذا العناء الشديد فإني أقضي خمس ساعات / كاملة في البحث عن بضعة أبيات حتى أصححها على أصلها، وقد تعبت عشرين يوما في كل يوم ست ساعات على الأقل، وأحيانا عشر ساعات، وأخيرا رفضت العمل لأني لا أصحح مثل هذا الكتاب ولا أتحمل هذا التعب وأضيع هذه الأوقات بأقل من 50 جنيها ولست فارغا لسخافات هذا الكتبي، فجدول الخطأ والصواب لا يقل عن خمسين أو ستين صفحة ... ولا أريد أن أضع اسمي في طبعة تكون بهذه السخافة مع أن الكتبي يظن أنه صحح الكتاب ولا يزال يعيب فلانا وفلانا من المصححين الذين طبعوا بعض كتب الأدب. والخلاصة لقد رفضت العمل لأني لست تحت أمر أحد.
275
هل لا تزال عندك نظرات المنفلوطي
278
أما شكيب [ولد أبي رية] فلا تكن مجنونا فأدخله مدرسة صناعية يتعلم فيها ثم يشتغل ويعيش فإنك في حاجة إلى ولد عامل يساعدك ويساعد نفسه وإخوته ولم يبق في التعليم النظري فائدة والله أعلم كيف تكون الحال بعد عشر سنوات أو أكثر.
279
أبو رية: وإلى هنا انقطع حبل التراسل بيني وبين الرافعي رحمه الله إلى أن توفي في صباح يوم الاثنين 10 مايو سنة 1937 لجفوة وقد دعاني حق الوفاء لهذه الصداقة التي امتدت نحو ربع قرن إلى أن أكتم سبب هذه الجفوة التي قطعت ما بيني وبينه فلم يعرف أحد اللهم إلا ولدي العزيز مصطفى رحمه الله كيف انقطعت تلك الصلة التي كانت بيننا، وإذا كان قد لقي ربه فإني لا يسعني إلا أن أضرع إلى الله أن يسامحه ويغفر له.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[16 - 08 - 2007, 03:08 م]ـ
انتهت الفوائد المنتقاة من هذا الكتاب النفيس، والحمد لله رب العالمين.
ـ[أحاول أن]ــــــــ[17 - 08 - 2007, 10:15 ص]ـ
جزاك الله خيرا كثيرا ..
كانت آراء ً غنية في أدباء وصحافة وأحوال المنطقة تلك الأيام ..
تعكس سعة علمهما, وامتداد أفقهما ..
(عجبت ُ لرأيه في المنفلوطي , وعجبت أكثر لدعوته لابنه شكيب أن يتعلم مهنة لا أدبا!)
ليته يعود لنا أدباء بينهم مثل هذه المراسلات والرؤى النفيسة ..