ومَنْ لا يَذُدْ عن حَوضِهِ بسِلاحِهِ يُهَدَّمْ ومَنْ لا يَظلمِ الناسَ يُظْلَمِ
ومَن يَغترِبْ يَحسِبْ عدوّاً صَديقَهُ ومَن لا يُكرِّمْ نفسَه لا يُكَرَّمِ:
- وقول الحطيئة
أقِلُّوا عَلَيْهِمْ لا أبَا لأبِيكُمُ منَ اللَّومِ أو سُدُّوا المكانَ الذي سَدُّو أُولئكَ قَومٌ إِنْ بَنَوا أَحْسَنُوا البِنَى وإن عاهَدُوا أَوْفَوْا وإن عَقَدُوا شَدُّوا
إن هذه الأبياتِ كأنها نُظمت الآن، وهذا إنما كان بسبب ارتباط اللغة بالقرآن، وقد كان هذا سبباً في أن يجعلَ أجيالَ الأمة
المتعاقبة يستفيدون من تُراث أمَّتهم الثقافي ومن أفكار عباقرتهم على مرِّ العصور، وكان سبباً في جعلِ أبناء أقطارٍ متباعدة يتكلَّمون لغةً واحدة من شواطئ الأطلسيِّ إلى حُدود فارس .. وجعلِ هذه اللغةِ إطاراً استوعَبَ ثمرات عقول ضَخمة وعبقريات
فذَّة .. وذلك من فضل الله علينا وعلى الناس. وبالموازنة مع الإنكليزية نجد أن ما كتبه شكسبير (1564 - 1616م) يحتاج اليومَ الراغبون في فهمه من الإنكليز إلى مُترجم يُترجمه لهم.
- تكامل حروف اللغة في مخارجها وتوزعها عمن أقصى الحلق إلى الشفتين في الأمام، وأطراف اللسان، واللسان ذاتها الحروف موزعةً عليها توزيعاً عجيباً، ولذلك نحن نستطيع أن ننطق سائر الحروف التي لديهم من كمال مخارجنا، ونقول: (تي وبي) لكن هل منهم من يستطيع أن ينطق بسهولة (ع، ح، غ، ق، ص، ط)؟ لا يستطيعون إلا بصعوبة، فمخارجنا أكمل من مخارجهم
-. وفي لغتنا كمال الحروف، فعندنا المفرد والمثنى والجمع، أما اللغة الإنجليزية فليس فيها المثنى، وعندنا أنتَ وأنتِ للدلالة على المذكر والمؤنث، وهم يقولون: ( You ) ولا تعرف هل يخاطب رجلاً أم امرأة، ويقولون: دكتور و ( Teacher ) ولا تعرف هل هو رجل أو امرأة، ونحن عندنا تاء التأنيث، والألف المقصورة للتأنيث، وعندنا علامات التأنيث للتفريق بين الذكر والأنثى، فلا تعجب أن يكون أولئك فيهم ظاهرة الخنوثة في لغتهم وفي أخلاقهم!
- وذهب كثيرٌ من علماء فقه اللغة إلى أنَّ اللغة العربية تنفرد بمزايا لا توجد مجتمعةً في لغة أخرى من لغات البشر، أي قد توجد بعضُ هذه المزايا في لغة من اللغات. أما أن تجتمعَ كل هذه المزايا في لغة غير العربية فهذا غيرُ موجود. ولذلك تفصيلٌ أفاض فيه هؤلاء العلماء.
- ممّا سبق نرى بأنّ مايميز اللغة العربية من اللغات الأخرى, قدرتها الفائقة على الاشتقاق, وتوليد المعاني, والألفاظ, وقدرتها على التعريب, واحتواء الألفاظ من اللغات الأخرى, إلى جانب غزارة صيغها, وكثرة أوزانها. وهذه السعة في المفردات والتراكيب, أكسبتها السعة والقدرة على التعبير بدقة ووضوح.