تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فتبيعين إذا الجميع بمثل الثمن الأول ونكون قد ربحنا فضل ما بين الحالين! قالت: أرجو أن يكون الله قد جمع بهذا السعال مصالح كثيرة لما فتح الله لك بهذه النخالة التي فيها صلاح بدنك معاشك! وما أشك أن تلك المشهورة كانت من التوفيق! قال القوم: صدقت مثل هذا لا يكتسب بالرأي ولا يكون إلا سماويا.

! ثم أقبل عليهم شيخ فقال: كنا نلقي من الحراق والقداحة جهداً لأن الحجارة كانت إذا انكسرت حروفها واستدارت كلت ولم تقدح قدح خير وأصلدت فلم تور وربما أعجلنا المطر والوكف.

وقد كان الحجر أيضاً يأخذ من حروف القداحة حتى يدعها كالقوس.

فكنت أشتري المرقشيتا بالغلاء والقداحة الغليظة بالثمن الموجع.

وكان علينا أيضاً في صنعة الحراق وفي معالجة القطنة مؤنة وله ريح كريهة.

والحراق لا يجيء من الحرق المصبوغة ولا من الحرق الوسخة ولا من الكتان ولا من الخلقان.

فكنا نشتريه بأغلى الثمن.

فتذاكرنا منذ أيام أهل البدو والأعراب وقدحهم النار بالمرخ والعفار.

فزعم لنا صديقنا الثوري وهو - ما علمت - أحد المرشدين أن عراجين الأعذاق تنوب عن ذلك أجمع.

وعلمني كيف تعالج.

ونحن نؤتى بها من أرضنا بلا كلفة.

فالخادم اليوم لا تقدح ولا توري إلا بالعرجون.

قال القوم: قد مرت بنا اليوم فوائد كثيرة.

ولهذا قال الأول: مذاكرة الرجال تلقح الألباب.

ثم اندفع شيخ منهم فقال: لم أرى في وضع الأمور في مواضعها وفي توفيتها غاية حقوقها كمعاذة العنبرية.

قالوا: وما شان معاذة هذه قال: أهدى إليها العام ابن عم لها أضحية.

فرأيتها كئيبة حزينة مفكرة مطرقة.

فقلت لها: مالك يا معاذة قالت: أنا امرأة أرملة وليس لي قيم.

ولا عهد لي بتدبير لحم الأضاحي.

وقد ذهب الذين كانوا يدبرونه ويقومون بحقه.

وقد خفت أن يضيع بعض هذه الشاة.

ولست أعرف وضع جميع أجزائها في أماكنها.

وقد علمت أن الله لم يخلق فيها ولا غيرها شيئاً لا منفعة فيه.

ولكن المرء يعجز لا محالة.

ولست أخاف من تضييع القليل إلا أنه يجر تضييع الكثير.

أما القرن فالوجه فيه معروف وهو أن يجعل كالخطاف ويسمر في جذع من جذوع السقف فيعلق عليه الزبل والكيران وكل ما خيف عليه من الفأر والنمل والسنانير وبنات وردان والحيات وغير ذلك.

وأما المصران فإنه لأوتار المندفة.

وبنا إلى ذلك أعظم الحاجة.

وأما قحف الرأس واللحيان وسائر العظام فسبيله أن يكسر بعد أن يعرق ثم يطبخ.

فما ارتفع من الدسم كان للمصباح وللإدام وللعصيدة ولغير ذلك.

ثم تؤخذ تلك العظام فيوقد بها.

فلم يرى الناس وقوداً قط أصفى ولا أحسن لهباً منها.

وإذا كانت كذلك فهي أسرع في القدر لقلة ما يخالطها من الدخان.

وأما الإهاب فالجلد نفسه حراب.

وللصوف وجوه لا تدفع.

وأما الفرث والبعر فحطب إذا جفف عجيب.

ثم قالت: بقي الآن علينا الانتفاع بالدم.

وقد علمت أن الله عز وجل لم يحرم من الدم المسفوح إلا أكله وشربه وأن له مواضع يجوز فيها ولا يمنع منها.

وإن أنا لم أقع على علم ذلك حتى يوضع موضع الانتفاع به صار كية في قلبي وقدي في عيني وهما لا يزال يعاودني.

فلم ألبث أن رأيتها قد تطلقت وتبسمت.

فقلت: ينبغي أن يكون قد انفتح لك باب الرأي في الدم.

قالت: أجل ذكرت أن عندي قدوراً شامية جدداً.

وقد زعموا أنه ليس شيء أدبغ ولا أزيد في قوتها من التلطيخ بالدم الحار الدسم.

وقد استرحت الآن إذ وقع كل شيء موقعه! قال: ثم لقيتها بعد ستة أشهر فقلت لها: كيف كان قديد تلك الشاة قالت: بأبي أنت! لم يجيء وقت القديد بعد! لنا في الشحم والألية والجنوب والعظم المعروق وغير ذلك معاش! ولكل شيء إبان! فقبض صاحب الحمار والماء العذب قبضة من حصى ثم ضرب بها الأرض.

ثم قال: لا تعلم قصة زبيدة بن حميد: وأما زبيدة بن حميد الصيرفي فإنه استلف من بقال كان على باب داره درهمين وقيراطاً.

فلما قضاه بعد ستة أشهر قضاه درهمين وثلاث حبات شعير.

فاغتاظ البقال فقال: سبحان الله! أنت رب مائة ألف دينار وأنا بقال لا أملك مائة فلس وإنما أعيش بكدي وباستفضال الحبة والحبتين.

صاح على بابك حمال والمال لم يحضرك وغاب وكيلك فنقدت عنك درهمين وأربع شعيرات.

فقضيتني بعد ستة أشهر درهمين وثلاث شعيرات.

فقال زبيدة: يا مجنون! أسلفتني في الصيف فقضيتك في الشتاء.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير