وفي القصيدة وصف لعظمة الانتصار وبطولة سيف الدولة ووصف مرعب لجيش الروم المسربل بالحديد ولايخفى على أحد سعادة المتنبي بانتصار العرب على الروم , وقد بلغ حب المتنبي للعنصر العربي درجة التعصب حيث قال عن قناعة مطلقة ان العرب لن يفلحوا اذا ولّوا عليهم أعجمياً:
وانما الناس بالملوك ولن تفلح عرب ملوكها عجم
ولذلك سمي المتنبي عن جدارة شاعر العروبة.
ان هذه الحروب الدامية بين العرب من جهة وبين الشعوبية من جهة أخرى أو بين المسلمين من ناحية وبين الشعوبية من الناحية الثانية أرخت بظلالها على الادب والشعر كما لاحظنا لأن الادب سرعان مايتأثر بما يحيط به فيأتي مرآة لواقعه فهو يدخل من حيث لايدري في المواجهة المميتة.
وقد مجد الشعراء بطولات ابطال المواجهات الحربية وذكروا استماتتهم في المعركة ودفاعهم عن عروبتهم واسلامهم وتستوقفنا هنا محاورة ابي فراس الاسير عند الروم مع امبراطور الروم فقد قال له الامبراطورية انتم العرب لاتعرفون الحرب بل الشعر فقط فقال له ابوفراس بشجاعة مدهشة:
اتزعم ياضخم اللغاديد اننا ونحن دعاة الحرب لانعرف الحربا
بقد جمعتنا الحرب من قبل هذه فكنا بها اسداً وكنت بها كلبا
أي اننا لم نفتح البلدان والامصار بالاقلام فقط بل بالسيوف البواتر.
أما ابطال الصدام والحروب ضد الشعوبية الذين كانوا يقعون في الاسر فكان همهم وصف معاناتهم في السجن وشدة ثقل القيود والاغلال في ارجلهم والبعد عن الاهل والوطن ومجاورة الغرباء. قال ابو فراس يصف حاله مأسورا في حصن خرشنة والقيود تثقل رجليه:
يا حسرة ما أكاد أحملها آخرها مزعجٌ وأولها
يا مَنْ رأى لي بحصن خرشنة أسد شرى في القيود أرجلها
يا من رأى لي الدروب شامخة دون لقاء الحبيب أطولها
يا من رأى لي القيود موثقة على حبيب الفؤاد أثقلها
وهذه القصيدة الحزينة تعبر أصدق تعبير عن حاله في سجن الروم وقد ادمى القيد رجليه وتباعد عنه احباؤه ورفاقه ولكنه أسد جريح لم يقم بما قام به الا دفاعا عن العرب , ويخاطب سيف الدولة في نفس القصيدة يصف كيف يلبس الخشن من الثياب ويجر صخرة ربطت برجله بينما يتنعم سيف الدولة بعيشه المرفه:
يا واسعَ الدار كيف توسعها ونحن في صخرة نزلزلها
يا ناعمَ الثوب كيفَ تبدله ثيابنا الصوف ما نبدلها
يا منفق المال لا يريد به إلا المعالي التي يؤثلها
انه عتاب المحتاج، عتاب يكاد يتحول إلى ألم وشكوى، ويستغرب كيف ينفق سيف الدولة الأموال على الشعراء ويبخل بفدائه.
وعلى العموم فان الشعوبية في شكلها القديم من بابكية أو خرمية أو فارسية انتهت ولكنها تجدد نفسها على الدوام وهي الآن تلبس ثوبا غربيا اوروبيا أو امريكيا أو مسيحيا صهيونيا وقد قدر الله على هذه الامة التي اختصها الله بالقرآن العربي الذي نزل بلسان عربي مبين ان تكون دوما مثار حسد الامم الاخرى وهدفا لهجمات اعدائها من الشعوبيين الجدد ولاتزال محاولات طمس الحضارة العربية وتشويه صورة علمائها وانجازاتها نشطة ومتواصلة وستبقى نشطة الى أن يمتلك العرب زمام القوة ومفاتيح الحضارة من جديد.
ـ[خيال الغلباء]ــــــــ[08 - 10 - 2007, 08:40 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اخي الكريم د. منذر عمران الزاوي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد شكرا جزيلا لك على هذا الموضوع الذي يلتمس جرح الامة المسلمة عربا وعجما ومن ثم يلتمس البلس الشافي له وقد قرات ان نصر بن سيار اول من نبهنا لدسائس العجم ضد العرب بهذه الرسالة المفتوحة لكل مسلم عربي!!!
كان نصر بن سيار آخر ولاة الأمويين على خراسان في أواخر العقد الثاني وأوائل العقد الأول من القرن الثاني للهجرة، وكان والياً محنكاً حازماً. فاستشعر بوادر الانفجار ونذر الخطر (الفارسي) وكتب إلى يزيد بن عمر بن هبيرة والي العراق في تلك الأيام، يعلمه في أبيات من نظمه ما شاع بخراسان من الاضطراب في العامين الماضيين، ويحذره من خطورة الوضع، ويصارحه أنه إذا استمر في التدهور ولم يعالج معالجة حازمة، فأنه سيؤدي لا محالة إلى عاقبة وخيمة وكارثة عظيمة - ضد الهوية العربية الاسلامية وكل من يوالي العرب ويحبهم - (الطبري 9: 1973، ومروج الذهب 3: 257) ويقول:
ابلغ يزيد وخير القول أصدقه
وقد تبينت ألا خير في الكذب
إن خراسان أرض قد رأيت بها
بيضا لو أفرخ قد حُدّثت بالعجب
¥