ـ[أبو سهيل]ــــــــ[28 - 03 - 2008, 05:30 ص]ـ
والظاهرُ أنَّ أبا تمَّام ــ والله أعلم ــ لم يكن يُعْوِزُهُ في مثل ذلك كبيرُ هَمّ؛ إلا أنْ يَعْزِمَ العَزم، ويَسْتَجْمِعَ الهَمّ؛ فإنَّهُ لمَّا أنشَدَ في حضرة المعتصم:
إقْدامُ عَمْرو في سماحَةِ حاتمٍ ... فيْ حِلْمِ أحْنَفَ فيْ ذكاءِ إياسِ
قيل له: الأميرُ فوقَ مَنْ وَصَفْت؛ فما هي إلا سحَابَة ُ فكرة ولُحَيْظَة ُ صَمْت؛ حتى قال في أحسن ِ مثال، وأكمَل ِ استدلال:
لا تنكروا ضَربيْ لهُ مَنْ دُوْنَهُ ... مثلاً شَروداً في النَّدَى والباسِ
فاللهُ قد ضَرَبَ الأقَلَّ لِنُورِه ... مثلاً من المِشْكاةِ والنِّبْرَاسِ
فلمْ يكنْ عَجَبُ الحاضرين مِنْ نفَادِ بصيرتِهِ وحِدَّة ِ ذكائِه، بِأَقَلَّ من إعجابهم بِحُسْن ِ تَأتِّيْه ِ للمَثَل ِ وجودة ِ استقرائِه.
هذه وحدها تكفي في تقديم أبي تمام
وأنى لغيره مثلها؟!
بورك فيك يا أبا يحيى
وما زلنا في المتابعة.
ـ[أحمد بن يحيى]ــــــــ[28 - 03 - 2008, 06:57 ص]ـ
بورك فيك يا أبا يحيى
وما زلنا في المتابعة.
وفيك، فبارك الله يا أبا سهيل
شاكراً لك كريم متابعتك، وجميل تحفيزك
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[28 - 03 - 2008, 09:33 ص]ـ
وفي كتاب:
أخبار أبي تمام؛ للصوليّ:
صفة أبي تمام وأخبار أهله:
حدثني عون بن محمد قال: كان أبو تمام طوالاً، وكانت فيه تمتمة يسيرة، وكان حلو الكلام فصيحاً، كأن لفظه لفظ الأعراب.
حدثني علي بن الحسن الكاتب قال:
رأيت أبا تمامٍ وأنا صبي صغير، فكان أسمر طوالاً.
حدثني أحمد بن يزيد المهلبي قال:
كنت جالساً مع ابن عتاب، فمر بنا رجل من الكتاب، فجلس إلينا وكان فصيحاً مليح الحديث، فأطال معنا ثم قام، فقال لي ابن عتاب:
ما رأيت رجلاً أشبه لفظاً بأبي تمامٍ من هذا إلا حبسة قليلةً كانت في لسان أبي تمام.
حدثني عبد الله بن عبد الله قال: كان لأبي تمامٍ أخ يقال له سهم، وكان يقول الشعر، فمن شعره:
ونازَعْتُهُ شَيئاً إليه مُبَغَّضاً = فلما رأى وَجدْي به صار يَعْشَقُهْ
فَدَعْه ولا تحزَنْ على فائزٍ بِه = فإنَّ جَديداتِ الَّليالي سَتُخْلِقُهُ
حدثني سوار بن أبي شراعة قال، حدثني البحتري قال:
كان لأبي تمامٍ أخ يقال له سهم، وكان يقول شعراً دوناً، فجاء إلى أبي تمام يستميحه فقال له: والله ما يفضل عني شيء، ولكني أحتال لك، فكتب إلى يحيى بن عبد الله بقصيدةٍ أولها:
إِحْدَى بنِي بكرِ بن عبدِ مَنَاهِ = بيْن الكثيبِ الفَرْدِ فالأمْوَاهِ
فقال فيها:
سَهْمُ بنُ أَوْسٍ في ضَمَانِكَ وَاثِقٌ = أَنْ لَسْتَ بالنَّاسِي ولا بالسَّاهي
أَجْزِلْ له الحظَّينِ مِنَكَ وكُنْ له = رُكْناً عَلَى الأيَّامِ ليسَ بِوَاهِي
بِوِلايتيْنِ ولاَيَةٍ مَشْهورةٍ = في كُورَةٍ ووِلايةٍ بالَجْاهِ
هُوَ في الغِنَى غَرْسِي، وَغَرسُكَ في العُلا = أَنَّي أردتَ، وأنتَ غَرْسُ اللهِ
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[28 - 03 - 2008, 09:35 ص]ـ
تابع:
حدثني أحمد بن إسماعيل قال، حدثني أبو سهل الرازي قال: لما ولي محمد بن طاهرٍ خراسان، دخل الناس لتهنئته، فكان فيهم تمام بن أبي تمام الطائي فأنشده:
هنَّاكَ رَبُّ الناسِ هَنَّاكا = ما مِنْ جزَيلِ المُلْكِ أعْطَاكاَ
قَرَّتْ بِما أُعطيِتَ يا ذَا الحِجَي = والبَاسِ والإنْعامِ عَيْناكاَ
أَشْرقَتِ الأَرضُ بِما نِلتَهُ = وَأَوْرقَ العُودُ لِنَجْواكاَ
فاستضعفت الجماعة شعره وقالوا:
يا بعد ما بينه وبين أبيه!!!
فقال محمد لعبد الله بن إسحاق، وكان يعرفه الناس وهو على أمره:
قل لبعض شعرائنا: أجبه، فغمز رجلا في المجلس، فأقبل على تمامٍ فقال:
حيَّاكَ ربُّ الناسِ حيَّاكا = إِنَّ الذي أمَّلْتَ أخْطاكا
مَدحْتَ خِرْقاً مُنْهباً مالَهُ = ولَوْ رأى مدْحاً لَواسَاكا
فهاك إِنْ شِئْتَ بها مِدْحَةً = مِثلَ الذي أَعْطَيْتَ أعْطَاكا
فقال تمام:
أعز الله الأمير، إن الشعر بالشعر رباً، فاجعل بينهما رضخاً من دراهم حتى يحل لي ولك! فضحك محمد وقال:
إن لم يكن معه شعر أبيه، فمعه ظرف أبيه، أعطوه ثلاثة آلاف درهم، فقال عبد الله بن إسحاق: ولقول أبيه في الأمير عبد الله بن طاهرٍ:
أَمَطْلِعَ الشَّمسِ تَنْوِي أنْ تَؤُمَّ بنا؟ = فقُلتُ: كلاَّ، ولكنْ مطْلِعَ الجُودِ
ثلاث آلافٍ أخرى، قال: ويعطي ذلك.
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[28 - 03 - 2008, 09:44 ص]ـ
أخبار لأبي تمام متفرقة:
حدثني أبو جعفر أحمد بن يزيد المهلبي قال، حدثني محمد بن القاسم بن مهرويه -وكان ابن مهرويه هذا يسمع معنا من المغيرة بن محمد المهلبي وغيره بالبصرة، ولم أسمع منه شيئاً عن الحمدوي- قال:
سمعت أبا تمامٍ يقول:
أنا كقولي:
نَقِّلْ فُؤادَكَ حيثُ شِئْتَ مِن الهَوَى = ما الحبُّ إلاّ للحبيبِ الأَولِ
كم مَنْزلٍ في الأرضِ يألَفُهُ الفَتَى = وحَنينُهُ أبداً لأوَّلِ مَنْزِلِ
وحكى محمد بن داود هذا الشعر في كتابه وقال:
أخذه من قول ابن الطثرية:
أَتانِي هَوَاها قبلَ أنْ أعرِفَ الهَوى = فصادَفَ قلباً فارِغاً فتَمَكَّنَا
وهو عندي بقول كثيرٍ أشبه، ومنه أخذه:
إذا وصَلَتْنَا خُلَّةٌ لِتُزِيِلَها = أَبَيْنَا وقُلْنَا: الحَاجِبِيَّةُ أوَّلُ
وهو يتعلق أيضاً بما قاله من جهةٍ:
حدثنا أحمد بن يزيد المهلبي قال، حدثنا أبي قال: أنشدت يوماً لجرير:
وما زَالَ معْقُولاً عِقَالٌ عَن النَّدى = وما زَالَ مَحبُوساً عَنِ الخَيْرِ حَابِسُ
حكى محمد بن داود أن أبا عبد الله أحمد بن محمد الخثعمي الكوفي قال لأبي تمامٍ وقد اجتمعا فقام أبو تمام إلى الخلاء:
أتدخلك!؟ فقال: نعم، لا نحملك.
حدثني أحمد بن موسى قال: أخبرني أبو الغمر الأنصاري عن عمرو بن أبي قطيفة قال: رأيت أبا تمام في النوم فقلت له: لم ابتدأت بقولك:
كَذَا فَلْيجِلَّ الخطْبُ وليَفْدَحِ الأَمْرُ= ..............
فقال لي: ترك الناس بيتاً قبل هذا، إنما قلت:
حَرامٌ لَعْينٍ أنْ تَجِفَّ لَهَا شُفرُوَأَنْ = تَطْعَم التَّغْميِضَ مَا أَمْتَعَ الدهرُ
كذا فليجل ...
¥