قال: ثم استعمل مصعب بن الزبير لما ولى العراق نائبه عمر بن عبيد الله بن معمر على فارس، وولاه حرب الأزارقة بعد أن توجه المهلب إلى الموصل والجزيرة وأرمينية على ما تذكره إن شاء الله.
فلما بلغ الخوارج ولايته تقدموا إلى إصطخر، وأميرهم يوم ذاك الزبير بن الماحوز، فندب إليهم عمر ابنه عبيد الله في خيل، فاقتتلوا فقتل عبيد الله بن عمر، وقاتل عمر بن عبيد الله الخوارج فقتل من فرسانهم سبعون رجلاً، وانهزم الخوارج وقصدوا نحوأصبهان، فأقاموا حتى قووا واستعدوا وأقبلوا حتى مروا بفارس وبها عمر، فقطعوها من غير الموضع الذي هو به حتى أتوا الأهواز.
فكتب إليه مصعب يلومه في تمكينهم من قطع جهته، فسار عمر من فارس في أثرهم، وخرج مصعب فعسكر عند الجسر الكبير.
وبلغ الخوارج وهم بالأهواز إقبال عمر عليهم، فقطعوا أرض جوخى والنهر وأنات وأتوا المدائن، وبها كردم بن مرثد الفزاري، فشنوا الغارة على أهل المدائن، يقتلون الرجال والنساء والولدان، ويشقون أجواف الحوامل، فهرب كردم، وأقبلوا إلى ساباط، ووضعوا السيف، وأفسدوا إفساداً عظيماً.
وأتوا أرض الكوفة فخرج إليهم الحارث بن أبي ربيعة أميرها، فتوجهوا حتى أتوا المدائن فأتبعهم الحارث عبد الرحمن بن مخنف في ستة آلاف ليخرجهم من أرض الكوفة، فتبعهم حتى وقعوا فيأرض أصبهان، فرجع ولم يقاتلهم.
وقصدوا الري وعليها يزيد بن الحارث بن رويم الشيباني فقاتلهم، فأعان أهل الري الخوارج، فقتل يزيد وهرب ابنه حوشب.
ولما فرغ الخوارج من الري شخصوا إلى أصبهان فحاصروها وبها عتاب بن ورقاء، فصبر لهم وقاتلهم، فكمن له رجل من الخوارج وضربه بالسيف على حبل عاتقه فصرعه، فاحتمله أصحابه وداووه حتى برئ، وداوم الخوارج حصارهم حتى نفذت أطعمتهم وأصابهم الجهد، فقام عتاب في أصحابه، وحرضهم على أن يصدقوهم القتال، فأجابوه إلى ذلك، وخرج بهم إلى الخوارج وهم آمنون، فقاتلوهم حتى أخرجوهم من معسكرهم، وقتلوا أميرهم الزبير بن الماحوز.
ففرغت الخوارج إلى أبي نعامة قطري بن الفجاءة المازني فبايعوه، وأصاب عتاب ومن معه من عسكره ما شاءوا، وسارت الخوارج عن أصبهان إلى كرمان، فأقاموا بها حتى اجتمع إلى أميرهم قطرى جموع كثيرة، وجبى الأموال وقوي، ثم أقبل إلى أصبهان، ثم أتى أرض الأهواز فأقام بها، فبعث مصعب إلى المهلب فأمره بقتال الخوارج، وبعث إلى عامله بالموصل والجزيرة إبراهيم بن الأشتر، فقدم المهلب البصرة، وانتخب الناس وسار نحو الخوارج، وأقبلوا إليه حتى التقوا بسولاف، فاقتتلوا ثمانية أشهر أشد قتال رآه الناس، وذلك في سنة ثمان وستين.
هذا ما أمكن إيراده من أخبار الخوارج في أيام ابن الزبير فلنذكر خلاف ذلك.
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[12 - 04 - 2008, 12:01 ص]ـ
من أروع الخطب وهي منسوبة لعلي بن ابي طالب وقطري بن الفجاءة
خطب الخوارج خطبة قطري بن الفجاءة في ذم الدنيا
*ملاحظة: اللون الاحمر معاني الكلمات ...
"أما بعد، فإني أحذركم الدنيا، فإنها حلوة خضِرة (ناضرة)، حُفَّت بالشهوات، وراقت (أعجبت الناس بمتاع قليل) بالقليل، وتحببت بالعاجلة، وحُليت بالآمال، وتزينت بالغرور، لا تدوم حبرتها) الحبرة: النعمة والسرور)، ولا تُؤمن فجعتها، غرَّارة ضرَّارة، خوَّانة غدَّارة، وحائِلة (لا تدوم على حال) زائِلة، ونافذة (منتهية هالكة) بائدة، أكَّالة غوَّالة (مهلكة)، بذَّالة نقَّالة، لا تعدو- إذا هي تناهت إلى أمنية أهل الرغبة فيها والرضا عنها- أن تكون كما قال الله تعالى: ?كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا? (الكهف: من الآية 45. (مع أن امرئً لم يكن منها في حَبرة إلا أعقبته بعدها عَبرة، ولم يلق من سرَّائها بطن إلا منحته من ضرائها، ولم تطله (تصيبه) غيثةَ رخاءٍ إلا هطلت عليه مُزنة بلاء، وحَرِىٌّ إذا أصبحت له منتصرة أن تمسي له خاذلة متنكرة، وإنْ جانبٌ منها اعذوذَبَ واحلولَى (عذبا حلواً) أَمَرَّ عليه منها جانبٌ وأوبَى) أوبى: أصبح ذا وباء)، وإن آتت امرئً من غضارتها (النعمة والسعة) ورفاهتها نِعَمًا أرهقته من نوائبها تعباً، ولم يمس امرؤٌ منها في جناحِ أمنٍ إلا أصبح منها على قوادم خوف) القوادم: أربع ريشات في مقدم جناح الطائر)،غرارة
¥