ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[03 - 05 - 2008, 09:53 م]ـ
وقال رباح بن عامر:
دخلت من نجد أريد الشام فأصابني مطر عظيم, فقصدت خيمة رفعت لي فإذا بامرأة فسألتها التظليل, فأشارت إلى ناحية, فدخلت ثم قالت للعبيد: سلوه من أين الرجل? فقلت: من نجد.
فتنفست الصعداء ثم قالت: نزلت بمن فيها? قلت: ببني الحريش فرفعت ستارة كانت بيننا وإذا بامرأة كأنها القمر ثم قالت: أتعرف رجلاً فيهم يقال له: قيس ويلقب بالمجنون? قلت: إي والله سرت مع أبيه حتى أوقفني عليه وهو مع الوحش لا يعقل إلا أن ذكرت له ليلى, فبكت حتى أغمي عليها فقلت: مما تبكين ولم أقل إلا خيراً.
فقالت: أنا والله ليلى المشؤمة عليه غير المساعدة له ثم أنشدت:
ألا ليت شعري والخطوب كثيرة = متى رحل قيس مستقل فراجع
بنفسي من لا يستقل برحله = ومن هو إن لم يحفظ الله ضائع
وكان آخر مجلس للمجنون من ليلى أنه لما اختلط عقله وتوحش جاءت أمه إليها فأخبرتها وسألتها أن تزوره فعساها أن تخفف ما به فقالت: أما نهاراً فلا خيفةً من أهلي وسآتيه ليلاً, فلما جن الليل جاءت فسلمت عليه ثم قالت:
أخبرت أنك من أجلي جننت وقد = فارقت أهلك لم تعقل ولم تفق
فرفع رأسه إليها، وأنشد:
قالت جننت على رأسي فقلت لها = الحب أعظم مما بالمجانين
الحب ليس يفيق الدهر صاحبه = وإنما يصرع المجنون في الحين
لو تعلمين إذا ما غبت ما سقمي = وكيف تسهر عيني لم تلوميني
وقد امتحنته يوماً لتنظر ما عنده من المحبة لها فدعت شخصاً بحضرته فسارته ثم نظرته قد تغير حتى كاد ينفطر فأنشدت:
كلانا مظهر للناس بغضاً = وكل عند صاحبه مكين
تبلغينا العيون بما أردنا = وفي القلبين ثم هوى دفين
وأسرار اللواحظ ليس تخفى = وقد تغري بذي الخطأ الظنون
وكيف يفوت هذا الناس شيء = وما في الناس تظهره العيون
فسر بذلك حتى كاد أن يذهب عقله فانصرف، وهو يقول:
أظن هواها تاركي بمضلة = من الأرض لا مال لدي ول أهل
ولا أحد أقضي إليه وصيتي = ولا صاحب إلا المطية والرحل
محاجها حب الألى كن قبلها = وحلت مكاناً لم يكن حل من قبل
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[04 - 05 - 2008, 01:37 ص]ـ
الحديث عن تكنيته ليلى بأم مالك
أخبرني ابن المرزبان عن محمد بن الحسن دينار الأحول عن علي بن المغيرة الأثرم عن أبي
عبيدة:
أن صاحبة مجنون بني عامر التي كلف بها ليلى بنت مهدي بن سعد بن مهدي بن ربيعة
بن الحريش، وكنيتها أم مالكٍ، وقد ذكر هذه الكنية المجنون في شعره فقال:
تكاد بلاد الله يا أم مالكٍ = بما رحبت يوماً علي تضيق
وقال أيضاً:
فإن الذي أملت من أم مالكٍ = أشاب قذالي واستهام فؤاديا
خليلي إن دارت على أم مالكٍ = صروف الليالي فابغيا لي ناعيا
وقال أبو عمرو الشيباني: علق المجنون ليلى بنت مهدي بن سعد من بني الحريش، وكنيتها
أم مالكٍ، فشهر بها وعرف خبره فحجبت عنه، فشق عليه فخطبها إلى أبيها فرده وأبى أن
يزوجه إياها، فاشتد به الأمر حتى جن وقيل له: مجنون بني عامر فكان على حاله يجلس
في نادي قومه فلا يفهم ما يحدث به ولا يعقله إلا إذا ذكرت ليلى.
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[04 - 05 - 2008, 01:43 ص]ـ
بعد ما تزوجت ليلى
أخبرني جعفر بن قدامة عن أبي العيناء عن العتبي قال: لما حجبت ليلى عن المجنون
خطبها جماعةٌ فلم يرضهم أهلها، وخطبها رجل من ثقيف موسرٌ فزوجوه وأخفوا ذلك عن
المجنون ثم نمي إليه طرفٌ منه لم يتحققه، فقال:
دعوت إلهي دعوةً ما جهلتها = وربي بما تخفي الصدور بصير
لئن كنت تهدي برد أنيابها العلا = لأفقر مني إنني لفقيرٌ
فقد شاعت الأخبار أن قد تزوجت = فهل يأتيني بالطلاق بشير
وقال أيضاً:
ألا تلك ليلى العامرية أصبحت = تقطع إلا من ثقيفٍ حبالها
هم حبسوها محبس البدن وابتغى = بها المال أقوامٌ ألا قل مالها
إذا التفتت والعيس صعرٌ من البرى = بنخلة جلت عبرة العين حالها
قال: وجعل يمر بيتها فلا يسأل عنها ولا يلتفت إليه، ويقول إذا جاوزه:
ألا أيها البيت الذي لا أزوره = وإن حله شخصٌ إلي حبيب
هجرتك إشفاقاً وزرتك خائفاً = وفيك علي الدهر منك رقيب
سأستعتب الأيام فيك لعلها = بيوم سرورٍ في الزمان تؤوب
قال: وبلغه أن أهلها يريدون نقلها إلى الثقفي فقال:
كأن القلب ليلة قيل يغدى = بليلى العامرية أو يراح
قطاةٌ عزها شركٌ فباتت = تجاذبه وقد علق الجناح
¥