تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الثاني: أنها تشمل ما يقصد إليه من المعاني؛ وذلك أن النفع بها يعم الموجودات والمعدومات في التعليم والتعلم بخاصة، وغيرها من مجالات الحياة، فبها يتأتى لكل إنسان أن يعبر عما يجول بخاطره مما يحتاج إليه في معاشه ومعاده (11).

وتلخيص أقسام هذه الدلالة كما يلي:

أولاً: تقسيم الحنفية للدلالة اللفظية الوضعية:

يقسم الحنفية هذه الدلالة إلى أربعة أقسام:

دلالة العبارة، ودلالة الإشارة، ودلالة النص، ودلالة الاقتضاء.

ووجه الحصر عندهم:

أن الدلالة باللفظ إما أن تكون ثابتةً باللفظ، أو لا:

والأولى: إما أن تكون مقصودة منه وهي العبارة، أو لا: وهي الإشارة.

والثانية: إما أن تكون على مسكوت عنه يُفهم بمجرد فهم اللغة وهي دلالة النص، أو يتوقف صحة اللفظ أو صدقه عليه: وهي الاقتضاء. أو لا: وهي التمسكات الفاسدة (12).

ثانياً: تقسيم الجمهور للدلالة اللفظية الوضعية:

يقسم الجمهور من الشافعية ومن وافقهم دلالة الألفاظ الوضعية إلى قسمين أساسيين هما:

المنطوق والمفهوم.

ووجه الحصر: أن اللفظ إما أن يَدُلَّ في محل النطق أو لا.

والأول يسمى منطوقاً والثاني مفهوماً، لأن السامع إما أن يتلقى كلاماً موضوعاً لغةً لمعنى وقَصَدَه المتكلمُ، فيَفْهَم ذلك المعنى ضرورة بدون زيادة ولا نقصان، ويسمى حينئذٍ منطوقاً لأنه مدلول عليه في محل النطق.

وإما أن يَفْهَمَ معنى زائداً دلَّ عليه اللفظُ لا في محل النطق فيسمى هذا المعنى مفهوماً (13).

وتفصيلهما كما يلي:

أولاً: دلالة المنطوق (14):

وهي: (ما دل عليه اللفظ في محل النطق) أي: يكون حكماً للمذكور وحالاً من أحواله سواء ذكر ذلك الحكم ونطق به أو لا (15).

ومثالها: دلالة قوله تعالى: (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن) [النساء: 23] على تحريم نكاح الربيبة في حجر الرجل من زوجته التي دخل بها.

ثانياً: دلالة المفهوم:

وهي: (ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق) وذلك بأن يكون حكماً لغير المذكور وحالاً من أحواله (16).

ثم إن المفهوم ينقسم إلى مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة:

لأن حكم غير المذكور إما موافق لحكم المذكور نفياً وإثباتاً وهذا هو مفهوم الموافقة، ويسمى فحوى الخطاب ولحن الخطاب.

وإما ألا يكون كذلك وهو مفهوم المخالفة ويسمى دليل الخطاب.

ومثال مفهوم الموافقة: فَهْمُ تحريمِ الضَّرْبِ من قوله: (فلا تقل لهما أف) [الإسراء: 23]، حيث عُلِمَ من حال التأفيف ـ وهو في محل النطق ـ حالُ الضرب ـ وهو غير محل النطق ـ مع الاتفاق في إثبات الحرمة فيهما.

ومثال مفهوم المخالفة: أن يفهم من مفهوم الشرط في قوله تعالى: (وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) [الطلاق: 6] أنهن إن لم يكنّ أولات حمل فأجلهن بخلافه (17) (18).

والله أعلم ..


حواشي:
(1) انظر: مصادر التشريع الإسلامي ومناهج الاستنباط لمحمد أديب الصالح: (456 ـ 457).
(2) انظر أقسام الدلالة في: شرح الكوكب المنير لابن النجار: (1/ 125)، ونهاية السول للآلوسي: (84)، والبحر المحيط للزركشي: (2/ 36)، وتيسير التحرير لأمير بادشاه: (1/ 119)، والتقرير والتحبير لابن أمير الحاج: (1/ 99)، والإبهاج للسبكي: (1/ 204)، وإيضاح المبهم في معاني السلم للدمنهوري: (40 ـ 41)، وموازنة بين دلالة النص والقياس للصاعدي: (137)، وتلقيح الفهوم بالمنطوق والمفهوم للدخميسي: (14).
(3) اختلفت وجهات نظر الأصوليين في التقسيم انظر على سبيل المثال: نهاية السول للآلوسي: (84)، وروضة الناظر لابن قدامة: (1/ 94).
(4) الوضع نوعان: لغوي: وهو جعل اللفظ دليلاً على المعنى. ووضع عرفي وشرعي: وهو استعمال الكلمة في غير ما وضعت له في اللغة استعمالاً شائعاً، حتى تدل على المعنى العرفي عند الاطلاق بدون قرينة.
انظر: شرح تنقيح الفصول للقرافي: (20، 22)، وإرشاد الفحول للشوكاني: (85).
(5) الطبع والطبيعة: الخليقة والسجية. انظر: التعريفات للجرجاني: (182)، ولسان العرب: (8/ 232).
(6) هذا الحصر دليله الاستقراء والتتبع لا الحصر العقلي. انظر: موازنة بين دلالة النص والقياس للصاعدي: (139).
(7) انظر: الكليات لأبي البقاء: (441)، وآداب البحث والمناظرة للشنقيطي: (11، 12)، وموازنة بين دلالة النص والقياس للصاعدي: (137 ـ 139).
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير