ـ[الموحد السلفي]ــــــــ[25 Jul 2007, 06:16 م]ـ
ذكرت فيما سبق أن الشيخ حفظه الله ووفقه قد انطلق في هذا المبحث من أن أصل الولاء هو المحبة وأن أصل البراءة هو البغض فمن حقق المحبة للمؤمنين والبغض للكافرين فقد حقق أصل الولاء وهذا أمر قلبي لا يطلع عليه احد إطلاقا الا الله سبحانه وتعالى وأنه ليس ثمة عمل ظاهر ينقض في باب الولاء والبراء ...
وبين فيما سبق بطلان ذلك وضربت مثلا بأصل الإيمان وأيضا أضرب معنى العبادة التي هي التذلل والخضوع أو كمال الذل وكمال المحبة ومع ذلك لا يقال ابدا ان من تحقق هذا في قلبه أنه عابد أو مسلم أو غير ذلك هذا كله غير صحيح وازيد هنا امرا هاما:
أن نفس المقدمة التي انطلق منها الشيخ حفظه الله ليست صحيحة!
فالولاء انوع وصور متعددة، المحبة صورة مفردة منها وقد عرفه العلماء بمعان مختلفة قد تكون متلازمة وقد لا تكون والمحبة أحد هذه المعاني ..
والعجيب أن الشيخ حفظه الله قد نقل من اقوال أهل اللغة ما يعضد ذلك ولكنه حصر جميع هذه المعاني في المعنى الذي أراده وجعله اصله ومنطلقه ...
قال الشيخ وفقه الله في رسالته:
وجاء في الصحاح: (الوَلْيُ: القرب والدنو، يقال: تباعد بعد وَلْيٍ) (). (والوليّ ضد العدو) (). (والموالاة ضد المعاداة) ().
(والمولى الحليفُ)
(والوِلاية بالكسر: السلطان. والوَلاية والوِلاية: النصرة. يقال: هم عليَّ وِلاية أي: مجتمعون في النصرة) ().
وأزيد هنا ما جاء في لسان العرب من معنى الولاء:
" قال: والمَوْلى الحَلِيفُ، وهو من انْضَمَّ إِليك فعَزَّ بعِزِّك وامتنع بمَنَعَتك؛ قال عامر الخَصَفِي من بني خَصَفَةَ:
همُ المَوْلى وإِنْ جَنَفُوا عَلَيْنا وإِنَّا مِنْ لِقائِهم لَزُورُ
قال أَبو عبيدة: يعني المَوالِي أَي بني العم، وهو كقوله تعالى: {ثم يخرجكم طِفْلاً والمَوْلى: المُعْتَقُ انتسب بنسبك، ولهذا قيل للمُعْتَقِين المَوالي، قال: وقال أَبو الهيثم المَوْلى على ستة أَوجه: المَوْلى ابن العم والعمُّ والأَخُ والابنُ والعَصباتُ كلهم، والمَوْلى الناصر، والمولى الولي الذي يَلِي عليك أَمرك، قال: ورجل وَلاء وقوم وَلاء في معنى وَلِيَّ وأَوْلِياء لأَن الوَلاء مصدر، والمَوْلى مَوْلى المُوالاة وهو الذي يُسْلِمُ على يدك ويُواليك، "
وجاء في القاموس المحيط:
"الوَلْيُ: ي القُرْبُ، والدُّنُوُّ، والمَطَرُ بعدَ المَطَرِ، وُلِيَتِ الأرضُ، بالضم. والوَلِيُّ: الاسمُ منه والمُحِبُّ، والصَّدِيقُ، والنَّصيرُ. ووَلِيَ الشيءَ، وـ عليه وِلايَةً وَوَلايَةً، أَو هي المَصْدَرُ، وبالكسر: الخُطَّةُ، والإمارَةُ، والسُّلطانُ. وأوْلَيْتُه الأمْرَ: وَلَّيْتُه إياهُ. والوَلاءُ: المِلْكُ. والمَوْلَى: المالِكُ، والعَبْدُ، والمُعْتِقُ، والمُعْتَقُ، والصاحِبُ، والقريبُ كابنِ العَمِّ ونحوِه، والجارُ، والحَليفُ، والابنُ، والعَمُّ، والنَّزيلُ، والشَّريكُ، وابنُ الأُخْتِ، والوَلِيُّ، والرَّبُّ، والناصِرُ، والمُنْعِمُ والمُنْعَمُ عليه، والمُحِبُّ، والتابِعُ، والصِّهْرُ"
ولذلك فإن لنا أن نقول ان الولاء له عدة معاني منها النصرة والمحبة والقرب إلى غير ذلك مما ذكر وهو في اصل الوضع ...
وهذه المعاني قد تتلازم وقد لا تتلازم وكما قلت هي في اصل الوضع من معاني الولاء، وفي اصطلاح الشارع كثير منها فلم نحصرها في معنى واحد ولماذا لا نتعامل مع كل هذه المعاني الصحيحة ونرى حكم الشرع في كل منها حال استعماله لها؟!
فالواجب أن نراقب استعمال الشرع لأي من هذه المعاني لا ان نختزلها في صورةواحدة ونغض الطرف عن بقية الصور وكأن هذه الصور والمعاني ليس من معناه ...
فلو جئنا وقلنا عند قول الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء " يعني نصراء وأحلاف فهو تفسير لغويا صحيح ولو قلنا أحبابا فهو أيضا صحيح ولو قلنا موالي لكان صحيح ايضا ولكن ايهما انسب للسياق وايهما مراد الشارع والذي اعطى حكم من يفعله بقوله " ومن يتولهم منكم فإنه منهم "
ولقد فسر المفسرون بمقتضى ما سبق فجاء في تفسير القرطبي رحمه الله:
" قوله تعالى {ومن يتولهم منكم} أي يعضدهم على المسلمين {فإنه منهم} بين تعالى أن حكمه كحكمهم؛ وهو يمنع إثبات الميراث للمسلم من المرتد، وكان الذي تولاهم "ابن أبي" ثم هذا الحكم باق إلى يوم القيامة في قطع الموالاة؛ وقد قال تعالى {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار} (هود: 113) وقال تعالى في (آل عمران) {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين} (آل عمران: 28) وقال تعالى {لا تتخذوا بطانة من دونكم} (آل عمران: 118) وقد مضى القول فيه. وقيل: إن معنى {بعضهم أولياء بعض} أي في النصر {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} شرط وجوابه؛ أي أنه قد خالف الله تعالى ورسوله كما خالفوا، ووجبت معاداته كما وجبت معاداتهم، ووجبت له النار كما وجبت لهم؛ فصار منهم أي من أصحابهم " ا. هـ
وكثير من المفسرين على ذلك منهم من يفسرها بالمحبة ومنهم من يفسرها بالنصرة ومنهم من يفسرها بالولاء (العتق)
ولكن لما كان الحكم المقرر لهذا العمل هو الكفر فقد يقيد البعض هذه المعاني بما يضبطه، كالمحبة مثلا فلما كانت المحبة قد تختلط بالمحبة الفطرية او غيرها من أنواع المحبة الجائزة أو المباحة أو حتى المحرمة قيدت بالمحبة على الدين ليكون السياق متفق مع الحكم الذي حكم الله به.
وقد يستخدم هذا المعنى في سياق والمعنى الأخر في سياق آخر وكلها صحيحة فيقيد هنا ولا يقيد هناك ...
وسياتي مزيد بيان حول هذا إن شاء الله ...
والله اعلم
¥