?فاقرة? أي: داهية كبيرة تكسر فقرات عظام ظهره ويقال: فَقَرَتْه الفاقِرةُ أَي كسرت فَقَارَظهره.
ونحن نعبّر عن هذا المعنى حينما نقول: فلان جاءته مصيبة كسرت فقرات ظهره.
ولذلك سمي: الفقير فقيراً، لأن فقرات ظهره كسرت معنوياً من خلال ما يعيش به من ضنك وشدة وبؤس وعسر.
3 ـ ?وجوه يومئذ خاشعة * عاملة ناصبة * تصلى نارا حامية ? (الغاشية: 2ـ 3 ـ 4)
كانوا يتعبون أنفسهم في العبادة وينصبونها , ولا أجر لهم عليها , لما هم عليه من كفر و ضلال، إنها وجوه الكفار كالرهبان وربما تؤولت في أهل البدع كالخوارج.
خاشعة ذليلة بالعذاب. وكل متضائل ساكن خاشع، قال في اللسان:
خشع: خَشَع يَخْشَعُ خُشوعاً واخْتَشَع وتَخَشَّعَ: رمى ببصره نحو الأَرض وغَضَّه وخفَضَ صوته. وقوم خُشَّع: مُتَخَشِّعُون. وخشَع بصرُه: انكسر .... وبَلْدةٌ خاشعة أَي مُغْبَرّة لا مَنْزِل بها. وإِذا يَبِست الأَرض ولم تُمْطَر قيل: قد خَشَعَت.
قال تعالى: ? وترى الأَرض خاشعة فإِذا أَنزلنا عليها الماء اهْتَزّتْ وربَتْ ?. والعرب تقول: رأَينا أَرض بني فلان خاشِعةً هامِدة ما فيها خَضْراءاهـ
وهكذا وجوه الكفار يوم القيامة خاشعة يابسة قاحلة لا خير فيها.
?عاملة ناصبة ? عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: هم الذين أنصبوا أنفسهم في الدنيا على معصية اللّه عز وجل، وعلى الكفر؛ مثل عبدة الأوثان.
قال الحسن وسعيد بن جبير: لم تعمل لله في الدنيا، ولم تنصب له، فأعملها وأنصبها في جهنم.
وروى عن الحسن قال: لما قدم عمر بن الخطاب - رضي اللّه عنه - الشام أتاه راهب شيخ كبير متقهل، عليه سواد، فلما رآه عمر بكى. فقال له: يا أمير المؤمنين، ما يبكيك؟ قال: هذا المسكين طلب أمرا فلم يصبه، ورجا رجاء فأخطأه، - وقرأ قول اللّه عز وجل - ?وجوه يومئذ خاشعة * عاملة ناصبة ?
قال الكسائي: التقهل: رثاثة الهيئة، ورجل متقهل: يابس الجلد سيء الحال. اهـ تفسير القرطبي.
وقيل: وجوه في الدنيا خاشعة عاملة ناصبة تصلى يوم القيامة ناراً حامية، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
لو جعل صفة لهم في الدنيا لم يكن في هذا اللفظ ذم فإن هذا إلى المدح أقرب وغايته أنه وصف مشترك بين عباد المؤمنين وعباد الكفار، والذم لا يكون بالوصف المشترك ولو أريد المختص لقيل خاشعة للأوثان مثلاً عاملة لغير الله ناصبة في طاعة الشيطان وليس في الكلام ما يقتضي كون هذا الوصف مختصاً بالكفار ولا كونه مذموماً، وليس في القرآن ذم لهذا الوصف مطلقاً ولا وعيد عليه فحمله على هذا المعنى خروج عن الخطاب المعروف في القرآن.اهـ
4 ـ ?وجوه يومئذ ناعمة * لسعيها راضية * في جنة عالية? (الغاشية: 8 ـ 9 ـ 10)
أي حسنة ذات نعمة، لينة غضة ترتج من نعمتها، وهي وجوه المؤمنين؛ نعمت بما عاينت من عاقبة أمرها وعملها الصالح.
? لسعيها ? أي لعملها الذي عملته في الدنيا ? راضية ? في الآخرة حين أعطيت الجنة بعملها.
5 ـ ? ووجوه يومئذ مسفرة *ضاحكة مستبشرة ? (عبس: 38 ـ 39).
? ووجوه يومئذ مسفرة? أي مشرقة مضيئة، قد علمت مالها من الفوز والنعيم، وهي وجوه المؤمنين.
? ضاحكة ? أي مسرورة فرحة. ? مستبشرة ? أي بما آتاها الله من الكرامة.
وقال عطاء الخراساني: ? مسفرة ? من طول ما اغبرت في سبيل الله جل ثناؤه. ذكره أبو نعيم.
الضحاك: من آثار الوضوء.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: من قيام الليل؛ لما روي في الحديث: [من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار] يقال: أسفر الصبح إذا أضاء. اهـ تفسير القرطبي.
6 ـ ? ووجوه يومئذ عليها غبرة *ترهقها قترة *أولئك هم الكفرة الفجرة ? (عبس: 40 ـ 41 ـ 42) أي غبار ودخان ? ترهقها ? أي تغشاها ? قترة ? أي كسوف وسواد. كذا قال ابن عباس رضي الله عنهما، ? أولئك هم الكفرة الفجرة ? أي الكفرة قلوبهم، الفجرة في أعمالهم.
قال في اللسان: والغُبْرة: اغْبِرار اللوْن يَغْبَرُّ للهمِّ ونحوه. وقوله عز وجل: ? ووجوه يومئذ عليها غبرة *ترهقها قترة ?؛ قال: وقول العامة غُبْرة خطأ. اهـ
قال الأصفهاني في مفردات ألفاظ القرآن: الغبرة: وهو ما يعلق بالشيء من الغبار وما كان على لونه، قال: ? ووجوه يومئذ عليها غبرة ? عبس/40، كناية عن تغير الوجه للغم. اهـ
? ترهقها قترة ? قال في اللسان:
¥