تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وبالرغم من عدم معرفة النبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة والكتابة لم يسلم من المشركين؛ قال تعالى: (وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6) الفرقان

وقال تعالى: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49) العنكبوت.

ووصف العرب بالأميين لما كانت العرب في جزيرة العرب ليس لهم كتابًا يتبعونه، ولا يتبعون غيرهم من الأمم، ويسيرون أمورهم بما تعارفوا عليه من أعراف، وعادات، وتقاليد، واتصافهم بالبيان والفصاحة بالتربية من غير معلمين متفرغين لذلك، فكان وصفهم بالأميين مطابقًا لحالهم.

ولم يكن وصفهم بالأميين لجهلهم بالقراءة والكتابة .. وقد كانت معرفة القراءة والكتابة في قلة من الناس عند كافة الأمم، وليس عند العرب فقط، وبعد الإسلام كان العرب والمسلمون أكثر الناس معرفة بهما.

ووصف الرسول بالأمي في التوراة والإنجيل عليه الصلاة والسلام، وأمروا باتباعه؛ يتنافى مع المفهوم الخاطئ للأمي بالنقص والجهالة لأنه لا يعرف القراءة والكتابة؛ قال تعالى: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ .. (157) الأعراف

يفيد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بالأمي الآتي:

- أن هذا النبي لا يعرف الكتابة والقرآن وبعدم علمه بهما ينتفي تعلمه شيئًا من الكتب سرًا أو جهرًا.

- أن هذا النبي لن يكون من أهل الكتاب لأن النبي يختار من أوسط قومه وأفضلهم، وأفضل أهل الكتاب أهل العلم فيهم، الذين تنتفي عنهم صفة الأميين فهو لم يأخذ شيئَا من علمهم قل أم كثر.

- أن هذا النبي لن يكون علمه ودعوته لعائلته أو قبيلته أو قومه بل ستكون دعوة عالمية لكل البشر.

- أنه ذو بيان وفصاحة من غير معلم له.

- أنه ليس لأحد فضل على النبي صلى الله عليه وسلم سوى الله تعالى.

هذا هو الواقع الذي كان النبي عليه الصلاة والسلام، ووصفه بالنبي له دلالته الاستقلالية عن أهل الكتاب خاصة، وعن جميع الملل والنحل، وهو وصف شرف وصفاء واستقلال للنبي عليه الصلاة والسلام ...

وبناء على المفهوم الخاطئ للأمية، دون معرفة سبب وصف الأمي بهذا الاسم، وانتشار العلوم واتساعها، بحيث لا يمكن أن يتمكن أحد منها، دون أن يعرف القراءة والكتابة، انتشر وعم وصف الجاهل بالقراءة والكتابة بالأمي، وتندر بها أصحاب المسارح والتمثيليات، حتى ترسخ هذا الفهم الخاطئ في عقول العامة جميعًا والمتعلمين، وارتبط وصف الأمي بالتخلف والنقص والجهالة، على خلاف الوضع العربي له، والصحيح أن الأمي هو المستقل بنفسه، العالم بما يكفيه من غير معلم. وليس التبشير في كتب أهل الكتاب بالأمي ودعوتهم لاتباعه هو دعوة لاتباع رجل جاهل لا يعرف القراءة والكتاب .... لقد كان الأمر أعظم من ذلك وأجل ... إنه اتباع من اكتمل مستقلا مبرأ من كل تبعية إلا لله عز وجل.

أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير