هذان الوجهان من أجمل ما ذكر المؤلف, ولو أنصف مدعوا الإعجاز العلمي من أنفسهم لرأينا منهم ما يجمل بمثلهم من أهل الخير والفضل؛ من لزوم الجادة, واعتماد الأدلة اليقينية الصريحة في الدلالة على مسائل النبوة والربوبية ونحوها من أصول الدين, ولأثروا بذلك وجوه الدلالة اليقينية في بيان القرآن, والتي لا يزيدها الزمن إلا رسوخاً.
وعلى هذا يكون لقبول دعوى الإعجاز العلمي في نص خمسة شروط:
1 - أن يكون النص مفهوم المعنى تماما لمجموع المخاطبين به منذ صدوره.
2 - أن يكون المعنى الإعجازي مدلولا متعينا للنص.
3 - ألا يكون صدق هذا المعنى ومطابقته للواقع في نفس الأمر معلوما من قبل للمخاطبين.
4 - إذا ادعي الإعجاز في حديث نبوي شريف لزم انتفاء احتمال صدوره بظن واجتهاد من النبي صلى الله عليه وسلم.
5 - إجماع المختصين على كون هذا الاكتشاف حقيقة علمية ثابتة ثباتا نهائيا يمتنع نقضه، واشتهار ذلك الإجماع عنهم بالتواتر، بحيث تنتفي شبهة التقول عليهم.
ينبغي تحرير الشرط الأول على رأي الباحث وفقه الله فيقال: 1 - أن يكون المعنى الإعجازي مفهوماً تماماً لمجموع المخاطبين به منذ صدوره. أما مجرد النص فهو معلوم المعنى تماما للمخاطبين به منذ صدوره.
ولو حرر الباحث الكريم المسألة المتكررة سابقاً حول توسيع معاني الآيات لتغير الشرط الأول والثاني إلى ما يوافق روح البحث وعموده العلمي.
ويُردّ بالشرط الثاني كل إعجاز علمي مبني على معنى محتمَل في الآية، حتى لو التزم صاحبه بصحة المعنى الآخر الذي فهمه السابقون أو بعضهم من الآية؛ لاحتمال أن يكون وحده هو مراد الله تعالى من الآية دون غيره من المعاني المحتملة، وإذا دخل الاحتمال سقط الاستدلال.
نفس الإشكال السابق.
وبعد، فبالتأمل في عامة ما يتداوله المتحمسون للإعجاز العلمي يظهر أنهم لا يراعون هذه الملاحظات المنهجية، وأنه لا يكاد يستقيم لهم مثال صالح للدلالة اليقينية على النبوة، وإنما تصلح عامة أمثلتهم للدلالة على الربوبية، من جهة توسيع مدلول الدعوة القرآنية للتدبر في خلق السموات والأرض وما بث فيهما من دابة، بحيث تشمل على وجه العموم التفاصيل الدقيقة المكتشفة، وتلك قضية مغايرة تماما لقضية الإعجاز والدلالة على النبوة، والله الهادي إلى سواء السبيل.
هذه النتيجة الصريحة في ختام هذا البحث مما يستدل بها على وفور عقل المؤلف وثاقب فهمه جزاه الله خيراً, كما أنها تدع القاريْ في استعراض تطبيقي شامل لهذا التراث الإعجازي الضخم من زمن طنطاوي جوهري وحتى المؤسسات القائمة على هذا الموضوع في عصرنا هذا, ليصل في آخر أمره إلى هذه النتيجة المختصرة, والتي لم تكن غائبة عن أهل العلم المحقق والنظر الثاقب منذ ذلك الزمن, إلا أن طائفة عريضة من أبناء هذه الأمة لا تكاد تستفيد من تاريخها, وتجارب الماضين منها, حتى تعاني ما عانوه وترى بنفسها ما رأوه, ثم هناك ترجع لأصولها ومنهج الحق فيها, ولكن بعد أزمان وأعمار ونهايات مؤلمة. والله المستعان.
ـ[أبو حاتم]ــــــــ[10 Aug 2007, 03:34 ص]ـ
شكر الله لشيخنا الفاضل هذا الطرح المتميز ..
وهذا ليس بغريب عليه فمجالسه عامرة بالعلم والمعرفة
والنقاش البناء .. زاده الله علما وبصيرة
ـ[فضيلة]ــــــــ[11 Aug 2007, 09:16 م]ـ
جزاكم الله خيرا فضيلة الدكتورفهذه المواضيع في غاية النفع
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Jan 2008, 11:23 م]ـ
أخبرني أخي الدكتور سعود العريفي حفظه الله في مكالمة هاتفية قبل أسبوع تقريباً من اليوم (1/ 1/1429هـ) أن أصل هذا البحث المختصر قد نشر في آخر أعداد مجلة جامعة أم القرى للشريعة واللغة العربية، ولعله يطرحه كاملاً بأدلته وتفاصيله بإذن الله هنا قريباً.
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[10 Jan 2008, 12:49 ص]ـ
ما شاء الله مدارسة قيمة وتعقيبات نافعة أرجو أن ننتفع بها ونصحح مواقفنا ...
أخي د. الشهري لقد أشرتم إلى بحوث في هذا المجال للدكتور مساعد الطيار، هل هي منشورة في الملتقى؟ وفقكم الله ...
أمر آخر خارج عن النطاق: لقد راسلتكم على الخاص ولا أدري هل رسائلي لا تصل لأن بريدكم ممتلئ؟
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[10 Jan 2008, 01:04 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على هذا البحث القيم.
ـ[العيدان]ــــــــ[10 Jan 2008, 12:19 م]ـ
هذا بحث د. سعود وفقه الله ..
http://www.uqu.edu.sa/majalat/shariaramag/mag43/6.pdf