تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

? ومتى شاء الله يوماً أن يلتقي المؤمنون في معركةٍ مع الكافرين فالواجب حينئذ على كل مؤمن أن يظل عزيزاً قوياً وأن يثبت على مبادئه وعقائده لا يخيفه الألم ولا التعب بل يبذل جهده وطاقته مستخدماً كل ما أعده قبل ذلك من سلاحٍ وعتادٍ واثقاً أنه مربوط الأسباب بالله القوي القادر وإذا شاء الله تعالى له لوناً من ألوان الاختبار والابتلاء تحمله راضياً صابراً محتفظاً بعزته وكرامته وشهامته موقناً بأن احتمال الألم خيرٌ ألف مرةٍ من التخاذل والاستسلام: " وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ ".

? والإسلام – مع هذا – يدعو أتباعه إلى السلام العادل المنصف الذي لا ينطوي على ضيمٍ أو ذُلٍّ ويدعوهم أن يغفروا الهفوة إذا كانت عن غير تعمدٍ أو كانت لا تبلغ مبلغ الإهانة أو لا تخدش العزة والكرامة أما إذا كانت الخطيئة بغياً فعلاجها الرد عليها بما يغسل العار ويدفع الضيم ويصون الكرامة ولذلك يقول الله عز وجل: " وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنْ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " ولذلك كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: " يعجبني من الرجل إذا سيم خطة خسف أن يقول: لا، بملء فيه ".

? ولم يكتف الله في القرآن الكريم بتحريض المؤمنين على إباء الضيم وإيثار العزة تحريضاً يقوم على الأمر الصريح أو التوجيه المباشر بل عمد إلى ضرب الأمثال من الأمم السابقة التي استجابت لدعوت الحق وتابعت رسل الله جل جلاله واستشعرت العزة وتمردت على المذلة فكان جزاؤها كريماً وثوابها عظيماً حيث خاضت المعارك من أجل عقيدتها ومبادئها ولم تهن أو تضعف بل صبرت وصابرت وكافحت وناضلت حتى ظفرت وانتصرت وذلك فضل الله القوي الذي يحب الشرفاء، العزيز الذي ينصر من استمسك بالعز والإباء، يقول الله في القرآن: " وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمْ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ "، وقال صلى الله عليه وسلم: " إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره سفاسفها " وقال صلى الله عليه وسلم: " من أعطى الذلة من نفسه طائعاً غير مكره فليس منا ".

? والعزة ليست تكبراً أو تفاخراً وليست بغياً أو عدواناً وليست هضماً لحقٍ أو ظلماً لإنسانٍ وإنما هي الحفاظ على الكرامة والصيانة لما يجب أن يصان ولذلك لا تتعارض العزة مع الرحمة بل لعل خير الأعزاء هو من يكون خير الرحماء وهذا يذكرنا بأن القرآن الكريم قد كرَّرَ قوله عن رب العزة: " وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ " تسع مرات في سورة الشعراء ثم ذكر في كل من سورة يس والسجدة والدخان وصفَي: الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ مرة واحدة.

? ثم أغلب المواطن التي جاء فيها وصف الله باسم [العزيز] قد اقترن فيها هذا الاسم باسم [الحكيم]. والحكيم هو الذي يوجد الأشياء على غاية الإحكام والضبط فلا خلل ولا عيب.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير