وأخرج الآجري في جملة القرآن عن ابن مسعود قال: لا تنثروه نثر الدقل ولا تهذوه هذا الشعر قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ولا يكون همّ أحدكم آخر السورة.
وأخرج من حديث ابن عمر مرفوعاً يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق في الدرجات ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها.
وفي النشر: اختلف هل الأفضل الترتيل وقلة القراءة أو السرعة مع كثرتها وأحسن بعض أئمتنا فقال: إن ثواب قراءة التنزيل أجلّ قدراً وثواب الكثرة أكثر عدداً لأن بكل حرف عشر حسنات.
(10) وتسن القراءة بالتدبر والتفهم
وهو المقصود الأعظم والمطلوب الأهم وبه تنشرح الصدر ووتستنير القلوب قال تعالى كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته.
وقال " أفلا يتدبرون القرآن " وصفة ذلك أن يشغل قلبه بالتفكر في معنى ما يلفظ به فيعرف معنى كل آية ويتأمل الأوامر والنواهي ويعتقد قبول ذلك فإن كان مما قصر عنه فيما مضى اعتذر واستغفر وإذا مرّ بآية رحمة استبشر وسأل أو عذاب أشفق وتعوذّ أو تنزيه نزّه وعظم أو دعاء تضرع وطلب.
أخرج مسلم عن حذيفة قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقرأها ثم النساء فقرأها ثم آل عمران فقرأها يقرا مترسلاً إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبح وإذا مرّ بسؤال سأل وإذا مرّ بتعوذ تعوذ.
وأخرج الترمذي عن جابر قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصحابة فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها فسكتوا فقال: لقد قرأتها على الجن فكانوا أحسن مردوداً منكم كنت كلما أتيت على قوله فبأي آلاء ربكما تكذبان قالوا: ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد. صححه الألباني
(11) لا بأس بتكرير الآية وترديدها
روى النسائي وغيره عن أبي ذرّ أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بآية يرددها حتى أصبح إن تعذبهم فإنهم عبادك الآية. صححه الألباني
(12) يستحب البكاء عند قراءة القرآن
والتباكي لمن لا يقدر عليه والحزن والخشوع قال تعالى ويخرون للأذقان يبكون وفي الصحيحين حديث قراءة ابن مسعود على النبي صلى الله عليه وسلم وفيه فإذا عيناه تذرفان.
وفي الشعب للبيهقي عن سعد بن مالك مرفوعاً إن هذا القرآن نزل بحزن وكآبة فإذا قرأتموه فابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا. ضعيف
قال النووي في شرح المهذب: وطريق تحصيل البكاء أن يتأمل ما يقرأ من التهديد والوعيد الشديد والمواثيق والعهود ثم يفكر في تقصيره فيها فإن لم يحضره عند ذلك حزن وبكاء فليبك على فقد ذلك فإنه من المصائب.
(13) يسن تحسين الصوت بالقراءة وتزيينها.
عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " زينوا القرآن بأصواتكم ". صححه الألباني
وفي لفظ عند الدرامي حسنوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً. صححه الألباني
وأخرج البزار وغيره حديث حسن الصوت زينة القرآن صححه الألباني.
وأما القراءة بالألحان فنص الشافعي في المختصر أنه لا بأس بها.
قال النووي: ويستحب طلب القراءة من حسن الصوت والإصغاء إليها للحديث الصحيح ولا بأس باجتماع الجماعة في القراءة ولا بإدارتها وهي أن يقرأ بعض الجماعة قطعة ثم البعض قطعة بعدها.
(14) الجهر والاسرار.
وردت أحاديث تقتضي استحباب رفع الصوت بالقراءة وأحاديث تقتضي الإسرار وخفض الصوت.
فمن الأول حديث الصحيحين ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به.
ومن الثاني حديث أبي داود عن عقبة بن عامر:" الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة ". صححه الألباني
قال النووي: والجمع بينهما أن الإخفاء أفضل حيث خاف الرياء أو تأذى مصلون أو نيام بجهره.
والجهر أفضل في غير ذلك لأن العمل فيه أكثر ولأن فائدته تتعدى إلى السامعين ولأنه يوقظ قلب القارئ ويجمع همه إلى الفكر ويصرف سمعه ويطرد النوم ويزيد في النشاط ويدل لهذا الجمع حديث أبي داود بسند صحيح عن أبي سعيد اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: " ألا إن كلكم مناج لربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة ". صححه الألباني
وقال بعضهم: يستحب الجهر ببعض القراءة والإسرار ببعضها لأن المسر قد يمل فيأنس بالجهر والجاهر قد يكل فيستريح بالإسرار.
¥