والكتاب الذي بين يدينا يضم دراسة طافت في مفردات ألفاظ القرآن، وذلك لتستخرج منها "الأعلام الأعجمية" بهدف بيان أعجميتها وتعريفها وذكر ورودها، وخلاصة قصتها في القرآن، ولتحقيق هذه الأهداف سارة الدراسة على منهاج معين هو: في معناه عند من قالوا بعربيته واشتقاقه، وترجيح القول بأعجميته، والاستدلال على ذلك، وأخذ ذلك من أمهات كتب اللغة والتفسير، مثل: (مقاييس اللغة) لابن فارس، و (مفردات ألفاظ القرآن) للراغب الأصفهاني، و (عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ) للسمين الحلبي، و (بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز) للفيروزآبادي، و (لسان العرب) لابن منظور، و (المعجم الوسيط) الذي أعده مجمع اللغة العربية في القاهرة، و (تفسير الكشاف) للزمخشري، و (تفسير البحر المحيط) لأبي حيان الأندلسي، و (تفسير الدر المصون في علوم الكتاب المكنون) للسمين الحلبي، و (تفسير التحرير والتنوير) لمحمد الطاهر ابن عاشور.
بعد ذلك يتم ذكر مرات ورود العلم الأعجمي في القرآن، ومواضعها، والتعريف بذلك العلم الأعجمي، وتبيان خلاصة قصته بصورة مجملة موجزة جداً والحرص على البقاء مع القرآن والحديث الصحيح، وعدم ذكر شيء من الإسرائيليات والروايات والأخبار غير الصحيحة، والتي ليس عليها دليل، كما فعل بعض من تكلموا على الأعلام القرآنية، الذين توسعوا في الحديث عنها.
ولا بد من التأكيد أخيراً على أن الأعلام الأعجمية الواردة في القرآن جاءت على قسمين: القسم الأول: الأعلام الأعجمية الممنوعة من الصرف: وهي لم ترد في القرآن إلا ممنوعة من الصرف، للعلمية والعجمية.
وهذه الأعلام الأعجمية الممنوعة من الصرف اثنان وأربعون علماً، مرتبة كما يلي: إبراهيم إبليس، إدريس، آدم، إرم، آزر، إسحاق، إسرائيل، إسماعيل، إلياس، إليسع، أيوب، بابل، جالوت، جبريل، جهنم، داود، زكريا، سليمان، سيناء، طالوت، طوى، عمران، عيسى، فرعون، قارون، لقمان، مأجوج، ماروت، مريم، مصر، موسى، ميكال، هاروت، هارون، هامان، يأجوج، يعقوب، يعوق، يغوث، يوسف، يونس.
القسم الثاني: الأعلام الأعجمية المصروفة، إما للتأنيث، وإما لدخول (أل التعريف) عليها، وهي ستة عشر علماً، مرتبة على حروف المعجم كما يلي: الإنجيل، التوراة، الجودي، الروم، الزبور، السامري، سواع، الطور، عزير، لوط، المجوس، النصارى، نسر، نوح، ود، اليهود.
إن الأعلام الأعجمية المذكورة في القرآن ثمانية وخمسون علماً فقط، وهذه وحدها الكلمات الأعجمية في القرآن، فليس في القرآن من الكلمات الأعجمية إلا الأعلام، وهي كما لاحظنا قليلة وليست كثيرة، وكم أخطأ الذين أوصلوا الكلمات الأعجمية في القرآن إلى مئات، من غير الأعلام!! ".
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[23 Sep 2007, 05:04 م]ـ
كتاب الدكتور صلاح يهتم بجمع ما يخص العلم الأعجمي من أقوال العلماء، وما ورد بشأنه في القرآن، وهو مختلف في المنهج والغرض عن كتاب أبي سعدة.
فهذا الأخير عبارة عن دراسة موسعة اجتهد صاحبها في الوصول إلى معنى العلم الأعجمي من خلال القرآن نفسه، مع دراسة ما يخص العَلَم في اللغات الأخرى كالعبرية والسريانية وغيرهما، إضافة إلى تعقيبه على ما يذكره المفسرون عند حديثهم عن كل عَلَم أعجمي، وبيان السبب الذي أوقعهم في الخطأ في تفسير أي عَلَم.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[24 Sep 2007, 09:20 ص]ـ
قبل الختام، أود التنبيه على أمر مهم، ألا وهو إسهام التقعيد النحوي من بداية ظهوره إلى يومنا هذا في ضرب نوع من الغبش على حقيقة أصول كثير من الألفاظ في لغة العرب، وخاصة تحت الباب المعروف في كتب النحو بـ "ما ينصرف ومالا ينصرف"، حتى صارت الأسماء العربية الأصل لكثير من الأعلام - ومنهم بعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام - أعجمية فهي - مع العلمية - لا تقبل الصرف.
جزاكم الله خيرا، وأشكر الأخ محمد بن جماعة على جمعه لمقتطفات الكتاب، وقد قرأت المقتطفات فوجدت فيها نفس الملاحظة التي نبهتُ عليها أعلاه، يقول أبو سعدة:
((وقد اختلف مفسرو القرآن في "إدريس" (راجع تفسير القرطبي للآية 56 من سورة مريم)، أعجمي اسمه أم عربي، سبق نوحا أم كان من ذرية نوح. والمشهور عند الرواة أن اسمه في العبرية "أخنوخ"، وأنه أول نبي من ذرية آدم سابق على نوح. ومنهم من أصر على أن "إدريس" لفظ أعجمي لأنه ممنوع من الصرف في القرآن لغير علة إلا العجمة، دون أن يذكروا من أي لغة أعجمية هو، كدأبهم حين يعضل الاشتقاق عليهم)).
ـ[الحنيفية]ــــــــ[09 Sep 2008, 01:35 م]ـ
بارك الله فيك يا شيخنا
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[21 Jan 2010, 02:03 ص]ـ
فائدة: قال أبو بكر الأنباري عن كلمة "المسيح": (واللغويون لا يعرفون هذا، قال: ولعل هذا كان يستعمل في بعض الأزمان فدَرَس فيما درس من الكلام، قال: وقال الكسائي: قد درس من كلام العرب كثير).
[لسان العرب: جـ 14، ص 69]
وهذا شاهد مهم يؤكد ما كنت أقرره دائماً - ولست وحدي في هذا الشأن - من أن لغة العرب عتيقة جداً منها ما يندثر ثم لا يلبث أن يعود من طُرُق أخرى في لغات أخرى بعد شيء من التغيير، لعوامل كثيرة وبأسباب بسطها عند المختصين في علم اللسانيات. والقرآن، كلام ربي عز وجل العالم بكل شيء، يحي شيئاً من مفردات العربية الأولى التي هي من صميم العربية وإن كانت لم تعرفها قريش أو قبائل العرب والسبب هو تقدمها - أي هذه المفردات العربية - عليهم ثم اندثارها أو خمولها، ثم القرآن يبعثها من مرقدها لأنه لا فرق في علم الله المحيط بين عربية موغلة في القدم أو عربية متأخرة، ولا فرق في علمه تعالى بين ما يندرس عندنا وما لم يندرس، فالكل لسان عربي مبين.