تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فالطريقة المثلى إذن التي يرشد إليها كلام الله عز وجل، وبيانه السنة الصحيحة، والتي ترشد المسلمين خاصة والمسلمين عامة إلى الأفضل والأقوم في مختلف المجالات: التفكيرية والتعبيرية والتدبيرية، من أجل تيسير الذكر وتعمير الأرض وتسخير الكون .. كل ذلك كامن في كتاب الله عز وجل، وعلى المسلمين استخراجه.

مصادر الهدى المنهاجي:

تتلخص هذه المصادر في ثلاث مصادر ايضا: القصص القرآني، والقصص الحديثي، والسيرة النبوية. في هذه المصادر الثلاث تركز الهدى المنهاجي، وإلا فهو موجود في كتاب الله عز وجل كله، وموجود في السنة النبوي كلها، وموجود في السيرة النبوي الصحيحة كلها كذلك، لأن السيرة النبوية هي الوجه العملي، أو هي السنة المنظومة في الزمن.

إذا كان ما في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما من كتب الحديث يمثل الإسلام في الوضع الأفقي، كما نقول على مستوى الرؤية، أي يستجيب للقضايا الفقهية، كل ذلك هو عرض للصورة التي انتهى إليها، لكن السيرة النبوية تعرض ذلك نفسه بطريقة تنمو وتتطور منذ أن ابتدأ نزول القرآن إلى أن اكتمل نزوله. كل ما قاله صلى الله عليه وسلم، قاله بين "إقرأ بسم ربك" وبين "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا"، قاله بين بداية بعثته صلى الله عليه وسلم وبين انتهاء نزول الوحي، في تلك الفترة كل ما قاله مما نجده في كتب السنة، قاله في تلك الفترة، وقاله عبر زمان، وفي ظروف بعينها، وكان يحلل ما يتنزل من القرآن على أرض الواقع، يجعله واقعا في الحياة التي كانت تتشكل حينئذ وفق الهدى المنهاجي الذي جاء في القرآن.

فإذن يتركز الهدى المنهاجي في القصص القرآني، لأن الله تعالى قال لرسول وقال للأمة جمعاء: " أؤلئك الذين هدى الله فبهدام اقتده"، ونحن نقرأ في كل ركعة في سورة الفاتحة: " اهدنا الصراط المستقيم" أي صراط؟ " صراط الذين أنعمت عليهم"، هؤلاء الذين أنعم الله عليه، كما في الآية الأخرى: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً} النساء 69.هؤلاء الذين أنعم الله تعالى عليه رأسهم الأنبياء والمرسلون. فأين يتركز الهدى المنهاجي إذن؟ أقول يوجد مركزا في القصص القرآني" لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب" من هناك ينبغي أن يستفاد، في كل قصة فوائد غزيرة، وفي مجموع القصص فوائد أكثر، وعندما يرتبط ذلك بما هو آت يصبح أعظم فائدة.

ويوجد الهدى المنهاجي أيضا في القصص الحديثي والأمثال النبوي أيضا.

والمصدر الثالث هو السيرة النبوية، والتي هي الإطار الزمني لنزول الوحي، والإطار الزمني للبيان النبوي. لما؟ لأنها قصة النبي الخاتم، والسيرة النبوية صدى عملي للقرآن الكريم، الذي نزل أولا من القرآن صار أولا من السيرة، والذي نزل بعده صار واقعا بعده، إلى أن تمت النعمة واكتمل الدين. هذه الحقيقة تجعلنا ننظر إلى السيرة النبوية في علاقتها بالقرآن الكريم نظرة جديدة مهمة في زمننا هذا، لأن لابد من الانتقال من واقع الأمة اليوم إلى الموقع الذي يريد الله منا أن نكون فيه، وهو موقع الشهادة على الناس، وسبيل هذا الانتقال هو الاستفادة من هدى السيرة النبوية مربوطة بالقرآن الكريم، أو من القرآن الكريم مربوطا بالسيرة النبوية، لأن كثرا من الوقائع موجودة مفصلة في القرآن الكريم. انظر إلى غزوة أحد وما فيها من الحكم والأحكام والعبر في سورة آل عمران. انظر إلى غزوة الأحزاب في سورة الأحزاب. انظر إلى غزوة بدر في سورة الأنفال .. وقائع كثيرة في النبي صلى الله عليه وسلم الخاصة والعامة في الفترة المكية والفترة المدنية مفصلة في القرآن الكريم أكثر مما هي مفصلة في السيرة نفسها. فلا يمكن دراسة السيرة بمعزل عن القرآن، ولا يمكن دراسة القرآن من هذه الزاوية بمعزل عن السيرة.

فهذه النقطة في غاية الأهمية ولابد من الالتفات إليها.

لوازم استنباط الهدى المنهاجي:

فما الذي يلزم لاستنباط الهدى المنهاجي؟ هو أمر متيسر لكنه يأتي بعد تلاوة القرآن الكريم، وبعد فهمه والعمل به. فما الذي يلزم لهذا الاستنباط؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير