تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يلزم إتقان ما يلزم لفهم القرآن بدأ باللسان، واللسان في القرآن هو ما نسميه اليوم باللغة، " وإنه لتزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين تكون من المنذرين بسلن عربي مبين" فهم أي نص لابد من التمكن من المقال والتمكن من المقام، فيلزم التمكن من علوم المقال وعلوم المقام. لابد من إتقان اللغة العربية، الذي لا يتقن اللغة العربية يحال بينه وبين استنباط هذا الهدى، ولذلك لابد من السير في هذا الاتجاه بقوة، لابد من التمكين للغة العربية في مختلف المجالات: في التعليم والإعلام والإدارة .. وفي الحياة العامة، لإيجاد مستوى لغوي عربي عام يؤهل الإنسان لتلقي القرآن، ويحضره للمراحل القادمة للاستنباط من القرآن. هذه النقطة في غاية الأهمية والخطورة في الأمة اليوم، ولذلك تصدى لها الاحتلال بقوة وزاحمها بالعاميات، وزاحمها بالغات الأجنبية ولازال يزاحمها، لكن على المسلمين أن يفقهوا الخطر، ويكونوا في مستوى التحدي. هذا عن المقال.

ثم التمكن من المقام الذي نزل فيه القرآن، يجب أن نعلم أن المتكلم بالقرآن هو الله جل جلاله، وفيه دليله: " أو لم يكفيهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم" اقرؤوا القرآن ستجدون بوضوح أن القرآن ليس كلام محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن أن يكون كلام العرب، جميعا شعراء وخطباء.

النبي صلى الله عليه وسلم ينطق بالقرآن وينطق بالسنة، اقرأ هذا، واقرأ هذا ستجد البون شاسعا بينهما، اقرأ القرآن الكريم، واقرأ صحيح البخاري أو صحيح مسلم، ستجد الفرق، القرآن الكريم له بناء خاص، جزئي وكلي، بناء خاص له مقدمة وخاتمة ... لابد من اليقين بأن المتكلم هو الله جل جلاله، لأن فهم الخطاب يتطلب معرفة صاحبه، ثم لابد من معرفة من المخاطب- بفتح الطاء- سواء النبي صلى الله عليه وسلم، أو الفترة بكاملها، من العرب إذاك؟ ما مكة؟ ما المدينة؟ كيف كان حال العرب؟ كيف هم وكيف عاداتهم في الخطاب؟ لابد أن نعرف هذا المقام، فهذه الأمور مما يدخل في علوم القرآن بصفة عامة، خصوصا ظروف النزول، وما يتصل بالنزول، وما يتصل بالتدوين .. كل ذاك لابد من العلم به، لتسير هذه الخطوة. هذا الشرط الأول: إتقان ما يلزم لفهم القرآن بدا باللسان.

النقطة الثانية هي الإيمان بالقرآن وارتداء لباس القرآن، وعبرت باللباس لأن الله عبر باللباس " ولباس التقوى ذلك خير". والنبي صلى الله عليه وسلم كان خلقه القرآن، والتقوى لباس يلبس، بمعنى يجب أن يكون ظاهرا في كل جوارح العبد.

قلت لابد من الإيمان لأن الله تعالى قال" قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد" فلا يسمعون، لأن لا صلة لهم بالقرآن. فالذي لا يؤمن بالقرآن لا يمكن أن يفهم القرآن، وذلك لا يمكن أن نأخذ عنه علم القرآن. والذي لا يعمل بالقرآن لا يمكن ان يؤخذ عنه لا القرآن ولا علم القرآن. لأن العمل بالقرآن يعطي نورا" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتيكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به"، وهذا النور لا يكون بغير التقوى، لذلك فالإيمان بالقرآن والعمل به شرط في فهم القرآن نفسه.

النقطة الثالثة: هي فقه حاجة الأمة في هذا الزمان. إن الذي يتصدى لاستنباط الهدى المنهاجي لا يكفيه أن يكون عليما باللغة العربية، عليما بعلوم القرآن، مؤمنا بالقرآن وبهذا الدين، عاملا به، بل لابد ان يكون فقيها بظروف زمانه وفي حاجات الأمة اليوم، يعيش معانات الأمة، ويعرف واقعها، وهذا يقتضي المعاصرة التامة والمعايشة التامة لزمانه، لأن عملية تنزيل النص على الواقع التنزيل الصحيح يقتضي العلم بالواقع المنزل عليه، ليكون القرآن حلا للمشكلات والمعضلات، حتى تصعد الأمة لموقع الوحدة والشهادة على الناس، لأنه مطلوب منها أن تصير يوما أمة واحدة، كيف تكون الولايات في أمريكا متحدة؟ وكيف تصبح أوربا متحدة؟ والأمة التي هي في الأصل واحدة ليست كذلك، لابد أن تتوحد الأمة بهجود المسلمين جميعا، حكاما ومحكومين، لابد أن يتعاون الجميع على هذا البر، لكي تعود الأمة واحدة رائدة شاهدة على غيرها.

خاتمة في ضرورة التركيز في الدرس القرآني على الهدى المنهاجي:

عندنا في الدرس القرآني ثلاث علاقات: علاقة بتراثنا القرآني، وعلاقة بحاضرنا, وعلاقة بمستقبلنا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير