الخاتمة: وفيها أهم النتائج.
التمهيد
أولاً: التأويل لغة واصطلاحاً:
التأويل لغة:
ورد التأويل في معاجم اللغة على عدة معانٍ تركز بمجملها على التفسير والرجوع ففي لسان العرب: " التأويل فهو تفعيل من أَوَّل يؤوِّل تأويلاً ... والتأويل والمعنى والتفسير واحد ... يقال أُلْتُ الشيء أَؤُوله إذا جمعته وأصلحته، فكان التأويل جمع معاني ألفاظ أشكلت بلفظ واحد لا إِشكال فيه ... والتأويل تفسير الكلام الذي تختلف معانيه ولا يصح إلا ببيان غير لفظه" (ابن منظور، 11/ 33).
وفي القاموس المحيط: " و أول الكلام تأويلاً وتأوله، دبره وقدره وفسره" (الفيروز أبادي، 1978: 3/ 331).
وأما مختار الصحاح فحدد التأويل بمعنى الرجوع بقوله:" التأويل تفسير ما يؤول إليه الشيء " (الرازي، 33).
كما أن الجرجاني حدد التأويل بمعنى الترجيع فقال: " التأويل في الأصل الترجيع" (الجرجاني، 1405هـ، 72).
نلاحظ مما سبق أن علماء اللغة حددوا الجانب اللغوي للتأويل وبينوا أنه بمعنى التفسير أو الرجوع أو بيان المعنى أو التدبير والتقدير.
التأويل اصطلاحاً:
اختلف العلماء حول تعريف التأويل إلى منهجين هما منهج السلف ومنهج المتكلمين.
التأويل عند السلف:
يقرر الإمام ابن تيمية أن التأويل عند السلف على معنيين:
الأول: تفسير الكلام وبيان معناه سواء وافق ظاهره أو خالفه فيكون التفسير والتأويل متقاربان أو مترادفان.
الثاني: هو نفس المراد بالكلام، فإن الكلام إن كان طلباً كان تأويله نفس الفعل المطلوب، وإن كان خبراً كان تأويله الشيء المخبر به. كما قالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي " (مسلم، 1/ 350، رقم 484). يتأول القرآن (ابن تيمية، 1398هـ: 13/ 288 ـ 289 ابن المرتضي، 1318هـ: 91). والفارق بين المعنيين هو أن المعنى الأول يكون فيه التأويل من باب العلم والكلام كالتفسير والشرح والإيضاح وأما المعنى الثاني فالتأويل فيه نفس الأمور الموجودة في الخارج.
التأويل عند علماء الكلام:
عرفه الإمام الغزالي بقوله: " التأويل عبارة عن احتمال يعضده دليل يصير به أغلب على الظن من المعنى الذي يدل عليه الظاهر ويشبه أن يكون كل تأويل صرفاً للفظ عن الحقيقة إلى المجاز" (الغزالي، 1413هـ:1/ 196).
وعرفه الإمام الرازي بالقول: " والتأويل عبارة عن احتمال يعضده دليل يصير به أغلب على الظن من المعنى الذي دل عليه الظاهر" (الرازي، 1400هـ:3/ 232).
وذكر ابن تيمية تعريف المتكلمين بالقول: " هو صرف اللفظ من المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به" (ابن تيمية، 1398هـ:13/ 288).
كما عرفه الجرجاني في تعريفاته بالقول: " صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى يحتمله إذا كان المحتمل الذي يراه موافقاً للكتاب والسنة" (الجرجاني، 1405هـ:72) ومن الملاحظ في تعريف الجرجاني أنه وضع ضابط للتأويل هو موافقة الكتاب السنة.
ثانياً: موقف علماء السلف من تأويل المتكلمين:
للسلف موقف واضح من التأويل وهو أنه إذا وافق الكتاب والسنة قبلوه، وأما إذا خالف الكتاب والسنة رفضوه.
يقول الإمام ابن القيم: " فالتأويل الذي يوافق ما دلت عليه النصوص وجاءت به السنة هو التأويل الصحيح وغيره هو الفاسد " (ابن القيم الجوزية 1/ 14).
ويقول شارح الطحاوية: " فالتأويل الصحيح منه الذي يوافق ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، وما خالف ذلك فهو التأويل الفاسد " (ابن أبي العز الحنفي، 1400هـ: 335).
فمراد السلف ترك التأويل الذي هو التخريف والتعطيل، وليس المراد ترك كل ما يسمى تأويلاً، بل المراد ترك التأويلات الفاسدة المبتدعة المخالفة لمذهب السلف التي يدل الكتاب والسنة على فسادها " (ابن أبي الغز الحنفي، 1400هـ:232).
¥