تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولكن لماذا وقف علماء السلف من تأويل المتكلمين هذا الموقف المعارض؟ يجيب على ذلك شارح الطحاوية بالقول: " فإنه قد صار اصطلاح المتأخرين في معنى التأويل: أنه صرف اللفظ عن ظاهره، وبهذا تسلط المحرفون على النصوص، وقالوا نحن نتأول ما يخالف قولنا، فسموا التحريف تأويلاً تزييناً له ليقبل، وقد ذم الله الذين زخرفوا الباطل قال تعالى:} وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً {(الأنعام: 112) والعبرة للمعاني لا للألفاظ فكم من باطل أقيم عليه دليل مزخرف عورض به دليل الحق " (ابن أبي العز الحنفي، 1400هـ: 232).

ويقول الإمام الشعري:" فإن الزائفين عن الحق من المعتزلة وأهل القدر مالت بهم أهواؤهم إلى تقليد رؤسائهم ومن مضى من أسلافهم، فتأولوا القرآن على آرائهم تأويلاً لم ينزل الله به سلطاناً، ولا أوضح به برهانا، ولا نقلوه عن رسول رب العالمين، ولا عن السلف المتقدمين " (الأشعري، 1990م:13).

لقد كان للتأويل الفاسد المخالف للكتاب والسنة الدور الكبير في افتراق الأمة الإسلامية على ثلاث وسبعين فرقة؛ الآن من أراد أن يتأول نصوص القرآن والسنة عن مواضعها ويحرفها يجد إلى ذلك سبيلا " وكم جنى التأويل الفاسد على الدين وأهله من جناية. فهل قُتِلَ عثمان رضي الله عنه إلا بالتأويل الفاسد؟ وكذا ما جرى في يوم الجمل،وصفين، ومقتل الحسن، والحرة؟ وهل خرجت الخوارج، واعتزلت المعتزلة، ورفضت الروافض، وافترقت الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، إلا بالتأويل الفاسد؟! " (ابن أبي العز الحنفي، 1400هـ:204).

ومن أمثلة التأويل الفاسد والباطل تأويل أهل الشام قوله صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياسر رضي الله عنه:" تقتلك الفئة الباغية" (مسلم، 4/ 2236: رقم 2916) فقالوا نحن لم نقتله إنما قتلة من جاء به حتى أوقعه بين رماحنا وهذا التأويل مخالف لحقيقة اللفظ وظاهره، فإن الذي قتله هو الذي باشر قتله لا من استنصر به، ولهذا رد عليهم من هو أولى بالحق والحقيقة منهم فقالوا: أفيكون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه هم الذين قتلوا حمزة والشهداء معه لأنهم أتوا بهم حتى أوقعوهم تحت سيوف المشركين؟!! " (ابن قيم الجوزية، 1/ 13).

المبحث الأول

الفرق القديمة

لقد كان التأويل الفاسد، عاملاً أساسياً في افتراق الأمة إلى فرق كثيرة ومتعددة، لأنه نابع من الهوى والتعصب للرأي، أو بمكر ماكر للإسلام وأهله، مما أنتج قديماً العديد من الفرق التي حاولت أن تظهر عن طريق تأويل النصوص حسب الهوى ليوافق أفكارها، ومبادئها المخالفة للحق، وكان من هذه الفرق القديمة التي سنحاول إلقاء الضوء عليها: الاثنا عشرية والإسماعيلية والدروز والنصيرية والخوارج والمعتزلة وهذه الفرق تعتبر أمهات لفرق خرجت عنها.

المطلب الأول: الشيعة الاثنا عشرية

أولاً: التسمية والنشأة:

هي إحدى فرق الشيعة التي أخذت أفكارها ومعتقداتها من الفكر الفارسي واليهودي، حيث كان لعبد الله بن سبأ اليهودي الأثر الواضح في فكر الشيعة، وسميت بهذا الاسم لكونها تؤمن بأن الإمامة محصورة في اثني عشر إماماً أولهم على بن أبي طالب رضي الله عنه، وآخر هم محمد بن الحسن العسكري الذي يعتقدون أنه اختبأ في السرداب وينتظرون عودته، وقد أطلق عليهم عدة ألقاب ومنها الإمامية لإيمانهم بأن الإمامة ركن من أركان الإيمان، والرافضة لأنهم رفضوا إمامة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما إلى جانب سبهما. (ابن حزم، 1985: 5/ 37، الأشعري، 1969: 1/ 89، ابن تيمية 1398هـ:4/ 435).

ثانياً: من تأويلاتهم:

اعتمد الشيعة التأويل طريقاً لتحقيق أهدافهم ونشر عقائدهم الضالة ومن الأمثلة على ذلك:

تأويلهم النصوص لإثبات خلافة على رضي الله عنه بعد رسول الله r وإنكار خلافة أبي بكر وعمر وعثمان t .

قوله تعالى:} إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ {(المائدة:55).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير