تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

التنازع ذكرته الآية "إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ" وقلت هذا فيه إشارة إلى أن بناء المسجد لم يكن مشروعا فلو كان مشروعا لأدى الغرض الذي اقترحه الفريق الآخر ولما تنازعوا.

أما معنى الاتخاذ فهو واضح فمعنى الحديث لا تجعلوها أماكان للصلاة وهذا عام سواء كان القصد من ذلك تعظيم القبور أو عدمه.

ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[13 Apr 2009, 05:41 م]ـ

الأخ الفاضل

التنازع ذكرته الآية "إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ" وقلت هذا فيه إشارة إلى أن بناء المسجد لم يكن مشروعا فلو كان مشروعا لأدى الغرض الذي اقترحه الفريق الآخر ولما تنازعوا.

أما معنى الاتخاذ فهو واضح فمعنى الحديث لا تجعلوها أماكان للصلاة وهذا عام سواء كان القصد من ذلك تعظيم القبور أو عدمه.

بعد أن كتبت هذه المشاركة بحثت في كلام أهل العلم فوقفت على هذا الكلام لأبن رجب رحمه الله تعالى في كتابه فتح الباري شرح صحيح البخاري فوجدت ولله الحمد موافق لما فهمته من الآية وهذا نصه:

"باب

هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، ويتخذ مكانها مساجد

لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لعن الله اليهود؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))

وما يكره من الصلاة في القبور.

ورأى عمر أنس بن مالك يصلي عند قبر، فقال: القبر القبر، ولم يأمره بالإعاده.

مقصود البخاري بهذا الباب: كراهة الصلاة بين القبور واليها، واستدل لذلك بان اتخاذ القبور مساجد ليس هو من شريعة الإسلام، بل من عمل اليهود، وقد لعنهم النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك.

وقد خرج البخاري هذا الحديث فيما تقدم، وسيأتي قريبا - أن شاء الله تعالى.

وقد دل القران على مثل ما دل عليه هذا الحديث، وهو قول الله عز وجل في قصة أصحاب الكهف: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً}

[الكهف: 12]، فجعل اتخاذ القبور على المساجد من فعل أهل الغلبة على الأمور، وذلك يشعر بان مستند القهر والغلبة واتباع الهوى، وانه ليس من فعل أهل العلم والفضل المتبعين لما انزل الله على رسله من الهدى.

وإذا كرهت الصلاة إلى القبور وبينها، فإن كانت القبور محترمة اجتنبت الصلاة فيها، وأن كانت غير محترمة كقبور مشركي الجاهلية ونحوهم ممن لا عهد له ولا ذمة مع المسلمين فإنه يجوز نبشها ونقل ما يوجد فيها من عظامهم، والصلاة في موضعها؛ فإنها لم تبق مقبرة ولا بقي فيها قبور، وقد نص الإمام أحمد على ذلك في رواية المروذي.

وأما ما ذكره عن عمر- رضي الله عنه -، فمن رواية سفيان، عن حميد، عن أنس، قال: رأني عمر وأنا اصلي إلى قبر، فجعل يشير إلي: القبر القبر.

ورواه إسماعيل بن جعفر عن حميد، عن أنس، حدثه أنه قام يصلي إلى قبر لا يشعر به، فناداه عمر: القبر القبر. قال: فظننت أنه يقول: القمر، فرفعت راسي، فقال رجل: أنه يقول: القبر، فتنحيت.

وروي عن أنس، عن عمر من وجوه أخر.

وروى همام: ثنا قتادة، أن أنسا مر على مقبرة وهم يبنون مسجدا، فقال أنس: كان يكره أن يبنى مسجد في وسط القبور.

وقال أشعث: عن ابن سيرين: كانوا يكرهون الصلاة بين ظهراني القبور.

خرج ذلك كله أبو بكر الأثرم.

وقال: سمعت أبا عبد الله - يعني: أحمد - يسال عن الصلاة في المقبرة؟ فكره الصلاة في المقبرة. فقيل له: المسجد يكون بين القبور، أيصلي فيه؟ فكره ذَلِكَ. قيل لَهُ: أنه مسجد وبينه وبين القبور حاجز؟ فكره أن يصلي فيه الفرض، ورخص أن يصلي فيه على الجنائز. وذكر حديث أبي مرثد الغنوي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((لا تصلوا إلى القبور) وقال: إسناد جيد.

وحديث أبي مرثد هذا: خرجه مسلم، ولفظه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها)).

وروي عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه عن أبي سعيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال:

((جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، إلا المقبرة والحمام)).

خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وابن حبان والحاكم

وصححه.

وقد اختلف في إرساله ووصله بذكر ((أبي سعيد)) فيه، ورجع كثير من الحفاظ إرساله: عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، ومنهم: الترمذي والدارقطني.

وفي هذا الباب أحاديث أخر، قد استوفيناها في ((في كتاب شرح الترمذي)).

وأما ما ذكره البخاري: أن عمر لم يأمر أنسا بالإعادة.

فقد اختلف في الصلاة في المقبرة: هل تجب إعادتها، أم لا؟

وأكثر العلماء على أنه لا تجب الإعادة بذلك، وهو قول مالك، والشافعي، واحمد في رواية عنه.

والمشهور عن أحمد الذي عليه عامة أصحابه: أن عليه الإعادة؛ لارتكاب النهي في الصلاة فيها.

وهو قول أهل الظاهر - أو بعضهم -، وجعلوا النهي هاهنا لمعنى يختص بالصلاة من جهة مكانها، فهو كالنهي عن الصلاة المختص بها لزمانها كالصلاة في أوقات النهي، وكالصيام المنهي عنه لأجل زمنه المختص به كصيام العيدين.

حتى أن من أصحابنا من قال: متى قلنا: النهي عن الصلاة في المقبرة والأعطان ونحوها للتحريم، فلا ينبغي أن يكون في بطلان الصلاة فيها خلاف عن أحمد، وإنما الخلاف عنه في عدم البطلان مبني على القول بأنه مكروه كراهة تنزيه."

انتهى كلامه رحمه الله

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير